حقائق حول الأنبياء والرسل والأعلام

أ.د محمود حمدى زقزوق، وزير الأوقاف

إنكـار الصَّلـب

إن القرآن ينكر صلب المسيح. والتاريخ يثبته.

 الرد على الشبهة:
إن العلّة المترتبة على صلب المسيح هى غفران خطايا من يؤمن به ربًّا مصلوباً والغفران لكل من كان فى المدة من آدم إلى المسيح إذا قدّر أنهم لو كانوا له مشاهدين ، لكانوا به مؤمنين. فهل هذه العلة صحيحة ؟ بالتأكيد ليست بصحيحة. وذلك لأن آدم لما أخطأ هدته الحكمة أن يعترف بخطئه وأن يتوب. فتاب الله عليه. وإذ هو قد تاب ، فأى فائدة من سريان خطيئة آدم فى بنيه ؟ ففى سفر الحكمة: " والحكمة هى التى حمت الإنسان الأول أب العالم الذى خلق وحده لما سقط فى الخطيئة ؛ رفعته من سقوطه ، ومنحته سلطة على كل شىء" [حك 10: 1ـ2].
وفى التوراة: أن نجاة المرء من غضب الله يكون بالعمل الصالح حسبما أمر الله. ومن لا يعمل بما أمر الله ؛ فإنه لا يكون له نجاة. ففى سفر الحكمة عن نوح ـ عليه السلام ـ وولده: " وعندما غاصت الأمم فى شرورها ؛ تعرفت الحكمة برجل صالح ، وحفظته من كل عيب فى نظر الله ، وجعلته قويًّا يفضل العمل بأمر الله على الاستجابة إلى عاطفته تُجاه ولده " [حكمة 10: 5].
انظر إلى قوله " تجاه ولده " أى ولده الذى غرق لعدم إيمانه وعمله. وهذا النص من سفر الحكمة عن " ولده " ليس له نظير فى قصة نوح الموجودة فى التوراة العبرانية.
ويقول المسيح عيسى ـ عليه السلام ـ: " كل كلمة فارغة يقولها الناس؛ يُحاسبون عليها يوم الدين. لأنك بكلامك تُبرّر، وبكلامك تُدان " [متى 12: 36ـ37].
وفى التوراة: " لا يُقتل الآباء عن الأولاد ، ولا يقتل الأولاد عن الآباء. كل إنسان بخطيئته يُقتل " [تث 24: 16].
وفى الأناجيل أن المسيح بعد حادثة القتل والصلب ؛ ظهر أربعين يوماً للحواريين ، وتكلم عن ملكوت الله معهم. وهو ملكوت محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ففى بدء سفر أعمال الرسل: " الذين أراهم أيضاً نفسه حيًّا ببراهين كثيرة بعدما تألم ، وهو يظهر لهم أربعين يوماً ، ويتكلم عن الأمور المختصة بملكوت الله " [أع 1: 3] وظهوره وكلامه عن الملكوت ؛ يدلان على استمراره فى الدعوة.
طˆخ

يصنع من الطين طيراً

إن القرآن يصرح بأن المسيح خلق من الطين كهيئة الطير ، وليس فى الأناجيل المعتمدة هذه المعجزة.

 الرد على الشبهة:
إن هذه المعجزة وردت فى إنجيل توما. فإنه قد صنع من الطين هيئة اثنى عشر عصفوراً ، وأمرهم أن يطيروا ؛ فطاروا والناس ينظرون إليهم.
طˆخ

يتكلم فى المهـد

إنه قد جاء فى القرآن أن المسيح قد تكلم فى المهد. وليس فى الأناجيل ما يدل على كلامه فى المهد.

 الرد على الشبهة:
إن مريم لم تكن مخطوبة ولا متزوجة. وقد أحصنت فرجها. أى منعت نفسها عن الزواج طيلة حياتها وسلكت فى سلك الرهبنة. ثم إنها ابنة كاهن من نسل هارون ـ عليه السلام ـ وابنة الكاهن إذا زنت فإنها تحرق بالنار. لما جاء فى سفر الأخبار: " وإذا تدنست ابنة كاهن بالزنا ؛ فقد دنست أباها ، بالنار تحرق " [لا 21: 9]. ومريم قد أتت بولد وهى غير متزوجة. وهذا هو دليل الاتهام فلماذا لم تحرق ؟ إن عدم حرقها يدل على أن ابنها تكلم فى المهد. ومع ذلك فقد جاء فى بعض الأناجيل المرفوضة أنه تكلم فى المهد. ومن ذلك: " وبينما كانوا نياماً ؛ حذرهم الطفل من الذهاب إلى هيرودس " [بر 7: 10].
طˆخ

شاول الملك أو جدعون القاضى

جاء فى سورة البقرة: (وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكاً.. (إلخ (1).
وهذه القصة هى قصة طالوت وداود لما فتحا فلسطين.
ووجه الإشكال أنه قال فيها: إن الله امتحن جيش طالوت بالشرب من النهر. والامتحان لم يكن لجيش طالوت وإنما كان لجيش جدعون وهو يحارب أهل مدين [قضاة 7: 1ـ8].

 الرد على الشبهة:
إن سفر القضاة سفر تاريخى ، وسفر صموئيل الأول الذى أورد قصة طالوت وداود سفر تاريخى. فأى مانع يمنع من خطأ المؤرخ فى نقل جزء من قصة إلى قصة أخرى مشابهة لها. خاصة وأنه ليس معصوماً كالنبيين والمرسلين الحقيقيين ؟ ولهذا أمثلة كثيرة منها أن هذا النص مذكور مرتين: مرة فى سفر الخروج ، ومرة فى سفر التثنية من التوراة السامرية. ومذكور مرة واحدة فى سفر التثنية من التوراة العبرانية واليونانية. وهو: " نبيًّا أقمت لهم من حملة إخوتهم مثلك وجعلت خطابى بغيه ؛ فيخاطبهم بكل ما أوصيه به.
ويكون الرجل الذى لا يسمع من خطابه الذى يخاطب باسمى ؛ أنا أطالبه. والمتنبئ الذى يتقح على الخطاب باسمى ما لم أوصه من الخطاب ، ومن يخاطب باسم آلهة أخرى ؛ فليقتل ذلك المتنبئ. وإذ تقول فى سرك: كيف يتبين الأمر الذى لم يخاطبه الله ؟ ما يقوله المتنبئ باسم اللهو لا يكون ذلك الأمر ولا يأتى ؛ هو الأمر الذى لم يقله الله. باتّقاح قاله المتنبئ. لا تخف منه ".
(1) البقرة: 247.

فرعون بنى برج بابل بمصر

إن فى القرآن أن فرعون طلب من هامان أن يبنى له برجاً. وهذا خطأ لأن البرج من بناء الناس فى " بابل " من بعد نوح.

 الرد على الشبهة:
إن فرعون طلب من وزيره الملقب بهامان أن يوقد له على الطين ليجعل له صرحًا. ولم يرد فى القرآن أنه أوقد له على الطين وجعل له صرحًا. ولو أنه أوقد وجعل فما هو الدليل على أن صرح مصر هو برج بابل ؟ ومن المحتمل أنه أراد ببناء الصرح ؛ التهكم على موسى.
طˆخ

الكعبة مقام إبراهيـم

إنه جاء فى القرآن أن الكعبة أول بيت وضع للناس. وأنها كانت مقام إبراهيم ، ومعلوم أن الكعبة من بناء الوثنيين كما جاء فى الكتب التاريخية.

 الرد على الشبهة:
أولاً: إن الكعبة ليست من بناء الوثنيين كما جاء فى الكتب التاريخية التى لا يشك أحد فى أن لليهود دخل فيها. وإنما هى من بناء نوح ـ عليه السلام ـ فإنه لما خرج من السفينة ، ونجا من الغرق هو ومن آمن معه. بنى " مذبحاً " لذبح الحيوانات عنده قرباناً لله تعالى. ففى التوراة: " وبنى نوح مذبحاً للرب. وأخذ من كل البهائم الطاهرة ، ومن كل الطيور الطاهرة ، وأصعد محرقات على المذبح " [تك 8: 20] وهذا المذبح كان فى أرض مكة المكرمة المدينة التى استقر الفلك فيها على الجُودِىّ. والدليل على ذلك قول التوراة: إن الناس من بعد نوح ارتحلوا شرقاً إلى أرض شنعار التى هى أرض العراق.
فارتحالهم إلى الشرق إلى العراق يدل على أن السفينة كانت فى بلاد العرب. ذلك قوله: " وكانت الأرض كلها لساناً واحداً ولغة واحدة. وحدث فى ارتحالهم شرقاً أنهم وجدوا بقعة فى أرض شنعار ، وسكنوا هناك " [تك 11: 1ـ2].
وليس فى القرآن نصوص صريحة على أن العرب قد عبدوا الأصنام حتى يقال: إن الكعبة كانت لصنم رُحل. وفى التوراة نصوص صريحة على أن اليهود وأدوا نبيهم وبناتهم فى النار للعرافة والسحر وأنهم عبدوا الأصنام. بل وفى القرآن نصوص صريحة على أن اليهود عبدوا صنم البعل فى أيام إلياس ـ عليه السلام ـ ففى الزمور المائة والسادس: " وأهرقوا دماً زكيًّا. دم نبيهم وبناتهم الذين ذبحوا لأصنام كنعان وتدنست الأرض بالدماء " [مز 106: 38]. وفى الإصحاح الخامس والستين من سفر إشعياء: " أما أنتم الذين تركوا الرب ونسوا جبل قدسى ، ورتبوا للسعد الأكبر مائدة ، وملأوا للسعد الأصغر خمراً ممزوجة..
" [إش 65: 11].
فى ترجمة الكتاب المقدس فى الشرق الأوسط سنة 1995م تحت كلمة السعد الأكبر: لجاد وهو المشترى ، وتحت كلمة السعد الأصغر: لمَنَى وهو الزهرة.
وفى ترجمة 1995م بلبنان: " ونسيتم جبلى المقدس. وهيأتم مائدة للإله جاد ، ومزجتم الخمر للإلهة مناة " والتعليق عندهم هكذا: جاد ومناة إلهان عند الكنعانيين.
هذا مما فى التوراة عن عبادة اليهود للأصنام ومما فيها: " بعدد مدنك صارت آلهتك يا يهوذا ، وبعدد شوارع أورشليم وضعتم مذابح للخزى ومذابح للتبخير للبعل " [إرمياء 11: 13].
ويمكن الفهم من آيات فى القرآن أن العرب بنى إسماعيل ـ عليه السلام ـ لم يعبدوا الأصنام قط. فإبراهيم ـ عليه السلام ـ وهو يبنى الكعبة ولم يكن له من ولد غير إسماعيل ، يطلب من الله طلبين فى ذريته:
أولهما: أن يجنبهم عبادة الأصنام ، وثانيهما: أن يبعث فيهم نبيًّا منهم.
وإذ شهد الواقع بتحقيق الطلب الثانى فإن محمداً قد أرسل ؛ يكون الطلب الأول قد تحقق أيضاً.
وفى القرآن أن الله قد عاهد إبراهيم وإسماعيل بتطهير الكعبة من الأصنام ولم يذكر أنهم نقضوا العهد.
كما ذكر أن اليهود نقضوا فى قوله (فبما نقضهم ميثاقهم.. ) (1).
وأما قوله تعالى: (أفرأيتم اللات والعزى ومناة.. ) (2) فإن فى التوراة أن اليهود عبدوا صنم مناة.
والضمير فى (أفرأيتم) يحتمل أنه للعرب ويحتمل أنه لليهود. واحتمال عوده إلى اليهود أقوى لوجود شواهد فى التوراة عليه. ولا يقدر عاقل على اتهام بدليل محتمل.
وأما قوله تعالى: (وإذا الموءودة سُئلت بأى ذنب قتلت ) (3) ففى التوراة أن اليهود وأدوا نبيهم وبناتهم.
وليس فى القرآن من نص صريح على نسبة الوأد إلى العرب.
(1) النساء: 155 ، المائدة: 13.
(2) النجم: 19ـ20.
(3) التكوير: 8ـ9.

حتى لقمان نبـى

إنه جاء فى القرآن (ولقد آتينا لقمان الحكمة.. ) (1). ونقل عن البيضاوى المفسر أنه كان معاصراً لداود ـ عليه السلام ـ وحرف المؤلف قول البيضاوى وهو أنه من أولاد آزر ابن أخت أيوب إلا أن لقمان كان معاصراً لأيوب. ووجه نقده على هذا بقوله كيف يكون معاصراً لأيوب وداود ، وبين أيوب وداود ما يقرب من 900 سنة ؟ والبيضاوى لا يقصد معاصرته وإنما يقصد نسبه. ولم يقل البيضاوى إن لقمان كان نبيًّا ولم يقل القرآن وإنما قال (ولقد آتينا لقمان الحكمة (ولكن المؤلف وجه الإشكال على النبوة فقال: فكيف يكون لقمان نبيًّا ؟
 الرد على الشبهة:
إنه قال كيف يكون لقمان نبياً ؟ وليس فى القرآن أنه كان نبيًّا وإنما كان حكيماً. واسمه " لوكيوس " فى اليونانى و " لقمان " فى العبرانية. وفى سفر أعمال الرسل: " وكان فى أنطاكية فى الكنيسة هناك أنبياء ومعلمون برنابا وسمعان الذى يدعى نيجر ولوكيوس القيروانى ومناين.. " [أع 13: 1] وفى سفر الرسالة إلى أهل روما: أنه كان معاصراً لبولس ، وصديقا له: " يسلم عليكم تيموثاوس العامل معى ، ولوكيوس وياسون.. " [رو 16: 21].
واللغة اليونانية تضيف حرف السين فى آخر الاسم مثل يوسيفوس ـ هيرودس ـ أغسطس قيصر. بير كلينوس وهو اسم أحمد رسول الله فى إنجيل يوحنا. وفى العبرانية " يونان " بالألف والنون. وفى اليونانية " يونس ".
(1) لقمان: 12.

أصحـاب الـرس

جاء فى سورة الفرقان (وأصحاب الرس) ثم ذكر كلام البيضاوى المفسر ، ووجه الإشكال عليه.

 الرد على الشبهة:
إن كلام المفسر ليس بحجة ، ويوجد فى أرض العرب مدينة تسمّى مدينة " الرس " وهذا يدل على ذكر اسم قديم فى بلاد العرب. ربما يكون من اسم الأوائل.
طˆخ

قصة ذى الكفـل

يقول المعترض: إنه جاء فى القرآن ذكر نبى اسمه (ذا الكفل) وليس فى التوراة مسمى بهذا الاسم. وذكر من كلام البيضاوى كلاماً فى شأنه ، وذكر أيضاً كلاماً لغيره.

 الرد على الشبهة:
هو أنه جاء فى كتاب " نزهة المشتاق " ومؤلفه يهودى يحكى فيه تاريخ يهود العراق: أن (ذا الكفل) الذى ورد اسمه فى القرآن هو نبى الله حزقيال. وكان معاصراً لسبى اليهود فى بابل.
طˆخ

لم تنزل مائدة من السماء

إن فى سورة المائدة: أن الحواريين قد طلبوا مائدة من السماء. وأن الله قال (إنى منزلها عليكم (ولا يقول الإنجيل: إن تلاميذ المسيح طلبوا منه آية من السماء ، ولا يقول: إن مائدة نزلت من السماء.

 الرد على الشبهة:
إن المعترض غير دارس للإنجيل وغير دارس للتوراة. وذلك لأن فى إنجيل يوحنا أن الحواريين طلبوا آية من السماء " فقالوا له: فأية آية تصنع ؛ لنرى ونؤمن بك ؟ ماذا تعمل ؟ آباؤنا أكلوا المنّ فى البرية.
كما هو مكتوب: أنه " أعطاهم خبزاً من السماء ليأكلوا " [يو 6: 30ـ31].
إنهم طلبوا مائدة من السماء ؛ لأنهم قالوا: " آباؤنا أكلوا المن فى البرية " بعد قولهم " فأية آية تصنع لنرى ونؤمن بك ؟ " واستدلوا على أكل آبائهم للمن بقولهم مكتوب فى التوراة أنه أعطاهم خبزاً من السماء ليأكلوا. وهذا يدل على أن آباءهم أكلوا المن والسلوى فى سيناء. والنص هو: " وأمطر عليهم منّا للأكل وبرّ السماء أعطاهم " [مزمور 78: 24].
فهل نزل المن من السماء ؟ وقد سماه داود ـ عليه السلام ـ مائدة فى قوله عنهم: " قالو: هل يقدر الله أن يرتب مائدة فى البرية ؟ " [مز 78: 19] فمعنى نزوله من السماء: أنه من جهة الله لا من جهة إله آخر. ونص إنجيل يوحنا يبين أنهم طلبوا مائدة من السماء. ذلك قوله: " أنه أعطاهم خبزاً من السماء ليأكلوا " فإذا بارك الله فى طعام من الأرض ليشبع خلقاً كثيراً ؛ فإنه يكون مائدة من السماء. كالمن النازل من السماء. وهو لم ينزل من السماء وإنما كان على ورق الشجر ، وكالسلوى.
ومن أعجب العجب: أن مؤلف الإنجيل قال كلاماً عن المسيح فى شأن محمد رسول الله لا يختلف اثنان فى دلالته عليه صلى الله عليه وسلم. وقد استدل المسيح فيه عليه صلى الله عليه وسلم بنص فى الإصحاح الرابع والخمسين من سفر إشعياء.
ويقول المعترض: ولعلّ قصة القرآن عن نزول مائدة من السماء نشأت عن عدم فهم بعض آيات الإنجيل الواردة فى متى 26 ومرقس 24 ولوقا 22 ويوحنا 13. وغرضه من قوله هذا أن لا يعرف المسلمون موضع المائدة من الأناجيل لأنها بصدد كلام من المسيح فى شأن محمد رسول الله ، وموضعها الإصحاح السادس من إنجيل يوحنا.
طˆخ

هاجر أو السيدة العذراء

إنه جاء فى سورة مريم: أن مريم لما حملت بالمسيح انتبذت به مكاناً قصيًّا. وعندئذ قد جعل الله لها تحتها (سريًّا) أى نهرا جارياً لتشرب منه. وهذا فى التوراة عن هاجر أم إسماعيل ؛ فإنها لما عطشت هيأ الله لها عين ماء. وقد وضعه القرآن على مريم.

 الرد على الشبهة:
إنه فسر السرى بالنهر الجارى. وليس كذلك. فإن الملاك ناداها بعدم الحزن ؛ لأن الله قد جعل تحت كفالتها ورعايتها غلاماً سيكون سيّدا. فالسرى هو السيد وليس هو جدول الماء. وقد تحقق هذا الوعد ؛ فإن المسيح صار سيِّدًا. أى معلماً للشريعة. وقال للحواريين عن هذا المعنى: " أنتم تدعوننى معلماً وسيداً. وحَسَناً تقولون ؛ لأنى أنا كذلك " [يو 13: 13].
طˆخ

سليمان أو أبشالوم

إن داود وسليمان ـ كما فى القرآن ـ حكما فى الحرث ، وإن سليمان راجع داود فى الحكم.
ثم ذكر كلام المفسرين فى هذه القضية. وعقب عليه بقوله: القضية تليق بأبشالوم بن داود ؛ لأنه كان دائماً يعارض أقوال أبيه ولا تليق بسليمان.

 الرد على الشبهة:
إن فى التوراة أن سليمان كان حكيماً. أحكم من جميع ملوك الأرض الذين سمعوا بحكمته. واللائق بحكمته هو الحكم فى الحرث. ففى الإصحاح الرابع من سفر الملوك الأول: " وفاقت حكمة سليمان حكمة جميع بنى المشرق ، وكل حكمة مصر ، وكان أحكم من جميع الناس من إيثان الأرزاحى ، وهيمان وكلكول ودردع بنى ماحول ، وكان صيته فى جميع الأمم حواليه وتكلم بثلاثة آلاف مثل ، وكانت نشائده ألفا وخمسا. وتكلم عن الأشجار من الأرز الذى فى لبنان ، إلى الزوفا الثابت فى الحائط ، وتكلم عن البهائم وعن الطير وعن الدبيب وعن السمك. وكانوا يأتون من جميع الشعوب ليسمعوا حكمة سليمان من جميع ملوك الأرض الذين سمعوا بحكمته " [امل 4: 30ـ34].
طˆخ

هل طلبوا رؤية الله ؟

إن فى القرآن أن بنى إسرائيل طلبوا رؤية الله. وفى التوراة أنهم قالوا لموسى: " تكلم أنت معنا ، ولا يتكلم معنا الله ؛ لئلا يموت " [خر 20: 19 ] فعكس القرآن الموضوع.

 الرد على الشبهة:
إن المؤلف جاهل بما فى كتابه. وإن فيه:
أ ـ أن اليهود رأوا الله.
ب ـ وأن موسى طلب رؤية الله.
جـ ـ وأنهم طلبوا أن لا يروا الله.
(أ) فموسى لما أخذ العهد على اليهود أن يعملوا بالتوراة ، بكّر فى الصباح وبنى مذبحاً فى أسفل الجبل.
وأخذ العهد. ثم قال الكاتب: " ثم صعد موسى وهارون وناداب وأبيهو وسبعون من شيوخ إسرئيل ورأوا إله إسرائيل ، وتحت رجليه شبه صنعة من العقيق الأزرق الشفاف وكذات السماء فى النقاوة ، ولكنه لم يمد يده إلى أشراف بنى إسرائيل فرأوا الله وأكلوا وشربوا " [خروج 24: 9ـ11].
(ب) وطلب موسى رؤية الله " فقال: أرنى مجدك " ورد عليه بقوله: " لا تقدر أن ترى وجهى.لأن الإنسان لا يرانى ويعيش " [خر 33: 18].
(ج) ولما تجلى الله للجبل ؛ حدث من هيبته حال التجلى نار ودخان وارتجف كل الجبل جداً. فارتعب بنو إسرائيل من هذا المنظر ، وقالوا لموسى: إذا أراد الله أن يكلمنا مرة أخرى ؛ فليكن عن طريقك يا موسى ونحن لك نسمع ونطيع. فرد الله بقوله: أحسنوا فيما قالوا. وسوف أكلمهم فى مستقبل الزمان عن طريق نبى مماثل لك يا موسى من بين إخوتهم وأجعل كلامى فى فمه ؛ فيكلمهم بكل ما أوصيه به [تث 18: 15ـ22].
طˆخ

لوحا الشريعة

إن الله كتب لموسى فى الألواح من كل شىء. وهذا على ما فى القرآن. وعلى ما فى التوراة كتب لوحين اثنين ، وكتب عليهما الوصايا العشر فقط.

 الرد على الشبهة:
1-إن الألواح الأولى قد كسرت. وحل محلها ألواح جديدة.
2- والألواح الأولى كانت مكونة من:
أ لوحين للعهد للعمل بالتوراة.
ب ومن عدة ألواح مكتوب عليها كل أحكام التوراة.
ففى الأصحاح التاسع عشر من سفر الخروج وما بعده إلى الإصحاح الرابع والعشرين كل أحكام التوراة وبعدها " فجاء موسى وحدث الشعب بجميع أقوال الرب وجميع الأحكام ".
ثم صعد إلى جبل الطور فأعطاه الله:
أ- لوحى الحجارة.
ب- والشريعة والوصية.
ومن قبل نزوله من على الجبل ؛ عبدوا العجل من دون الله.
ولما سمع موسى بالخبر كسر لوحى العهد فى أسفل الجبل. ولكن كاتب سفر التثنية يقول: " إنه كسر لوحين كان عليهما كل أحكام الشريعة وعليهما مثل جميع الكلمات التى كلمكم بها الرب فى الجبل من وسط النار فى يوم الاجتماع " [تث 9: 10] ولا يمكن للوحى العهد أن يحملا مع العهد كل أحكام الشريعة التى نزلت فى يوم الاجتماع ".
ولما كسر الألواح. أعطى الله له بدلهم ألواح جديدة [خر 32: 29 ] والمكتوب على الألواح الجديدة ؛ أحكام الشريعة الموجودة فى الإصحاح الرابع والثلاثين من سفر التثنية. وفيها: " لا تطبخ جديًا بلبن أمه ".
والمناسب لأحكام الشريعة (الألواح) بالجمع. ومنها لوحى العهد.
طˆخ

صخرة حوريب وليست آبار إيلّيم

جاء فى سورة البقرة: (وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً) (1).
وفى التوراة أن الاثنتى عشرة عيناً فى " إيليم " وفى القرآن أنهم فى " حوريب " وهذا تناقض.

 الرد على الشبهة:
لم يذكر القرآن أن الاثنتى عشرة عيناً فى " حوريب ".
(1) البقرة: 60.

الطوفان على المصريين

إن فى القرآن أن الآيات التسع فيها آية الطوفان ، وليس فى التوراة هذه الآية.

 الرد على الشبهة:
إن مفسرى التوراة مختلفون فى البيان كما نقلنا عنهم سابقاً.
طˆخ

ضربات مصر عشر لا تسع

إن فى التوراة أن الآيات البينات عشر. وفى القرآن تسع (1). وهذا تناقض.

 الرد على الشبهة:
إن مفسرى التوراة صرحوا بالاختلاف فى عدد هذه الآيات. فالآية الثانية وهى الضفادع ؛ يوجد من يقول إنها التماسيح.
والآية الثالثة قال بعضهم إنها ضربة القمل ، وقال بعضهم إنها ضربة البعوض.
والآية الرابعة قال بعضهم إنها ذباب الكلب خاصة ، وقيل مطلق ذباب.
(1) المقصود بالآيات التسع ما جاء فى القرآن الكريم فى قوله تعالى:(ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات) سورة الإسراء: 101 ، وقد ورد ذكر آية الطوفان فى قوله تعالى:(فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمّل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قومًا مجرمين) سورة الأعراف: 133، أما بقية الآيات التسع فقد وردت فى آيات قرآنية أخرى.

لم ترث إسرائيل مصر

إن فى القرآن أن بنى إسرائيل ورثوا أرض مصر بعد هلاك فرعون. وهذا خطأ فإنهم لم يرثوا إلا أرض كنعان.

 الرد على الشبهة:
1 ـ على قوله: إن دعوة موسى كانت خاصة لبنى إسرائيل. فإن حدود مصر تبدأ من " رفح " وهم يقولون:
إن المواعيد هى من النيل إلى الفرات. فيكون الجزء من رفح إلى النيل داخلاً فى الإرث.
2 ـ والإرث ليس لاستغلال خيرات الأرض وتسخير أهلها فى مصالح اليهود. ولكنه " إرث شريعة " فإن الله قال لإبراهيم ـ عليه السلام ـ: " سر أمامى وكن كاملاً " [تك 17: 1] أى امشى أمامى فى جميع البلاد لدعوة الناس إلى عبادتى وترك عبادة الأوثان. وقد سار إبراهيم ودعا بالكلام وبالسيوف. ولذلك سرّ الله منه ، ووعده بمباركة الأمم فى نسل ولديه إسحاق وإسماعيل. والبركة معناها: ملك النسل على الأمم إذا ظهر منه نبى. وسلمه الله شريعة. ولما ظهر موسى ـ عليه السلام ـ وسلمه الله التوراة. أمره بنشرها بين الأمم. وإذا نشرها بين أمة فإنه يكون وارثاً لهذه الأمة " إرث شريعة " إذ هو بنشرها يكون بنو إسرائيل والأمم متساوون أمام الله فيها. وما فائدة بنو إسرائيل إلا التبليغ فقط. وبه امتازوا عن الأمم. ويدل على ذلك: إرثهم لأرض كنعان ـ كما يقولون ـ فإنهم ورثوها لنشر شريعة التوراة فيها ، وكان الإرث على يد طالوت وداود ـ عليهما السلام ـ وقد قال داود ـ عليه السلام ـ لجالوت وهو يحاربه:
إن الحرب للرب. أى أن القتال فى سبيل الله. ذلك قوله: " وتعلم هذه الجماعة كلها أنه ليس بسيف ولا برمح يخلّص الرب ؛ لأن الحرب للرب. وهو يدفعكم ليدنا "[صموئيل الأول 17: 47].
وإذا أراد الله نسخ التوراة يكون معنى النسخ إزالة ملك النسل اليهودى عن الأمم ليقوم النسل الجديد بتبليغ الشريعة التى أقرها الله فيهم لتبليغها إلى الأمم. وهذا ما حدث فى ظهور الإسلام. فإن بنى إسماعيل ـ عليه السلام ـ حاربوا وملكوا ونشروا القرآن وعلموه للأمم. ولهم بركة. فإن الله قال لإبراهيم عن إسماعيل:
" وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه. ها أنا أباركه " [تك 17: 20].
وفى التوراة عن بركة إبراهيم: " وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض " [تك 12: 3] ومعنى مباركة جميع أمم الأرض فى إبراهيم: هو أن نسله يبلغون للناس شرائع الله.
وفى التوراة عن إرث بنى إسماعيل للأمم: " ويرث نسلك أمماً ، ويعمر مدناً خربة " [إش 54: 3 ].
3 ـ وكتب المؤرخين تدل على أن بنى إسرائيل أقاموا فى مصر. وقد نقل صاحب تفسير المنار فى سورة يونس عن يونانيين قدماء أن موسى ـ عليه السلام ـ رجع إلى مصر بعد هلاك جنود فرعون وحكم فيها ثلاث عشرة سنـة.
طˆخ

صَدَاق امرأة موسى

إن فى سورة القصص أن موسى أصدق امرأته من مدين خدمة ثمانى أو عشر لأبيها. وفى التوراة أنه كان له سبع بنات لا اثنتين ، وأنه لم يصدق المرأة. لا بالخدمة ولا بما يقوم مقامها.

 الرد على الشبهة:
هب أنه كان عنده سبعة. وقدم له اثنتين لائقتين بحاله لينتقى واحدة منهما. فما هو الإشكال فى ذلك ؟ وحال يعقوب مع خاله " لابان " ، كحال موسى مع كاهن مديان. فإنهما كانا يتعيشان من رعى الغنم. وخدم يعقوب خاله سبع سنين صداقاً لابنته الأولى " ليئة " وخدم سبع سنين أخرى صداقاً لابنته الأخرى " راحيل " وموسى هارب من أرض مصر بلا مال. فكيف يتزوج فى أرض غريبة بلا مال.
وفى النص ما يدل على ما اتفقا عليه. وهو " فارتضى موسى أن يسكن مع الرجل. فأعطى موسى صفورة ابنته " ارتضى على ماذا ؟ ولماذا قال بعد الارتضاء: " فأعطى موسى صفورة ابنته " ؟ والنص كله هو: " وكان لكاهن مديان سبع بنات. فأتين واستقين وملأن الأجران ليسقين غنم أبيهن. فأتى الرعاة فطردوهن. فنهض موسى وأنجدهن وسقى غنمهن. فلما أتين إلى رعوئيل أبيهن قال: ما بالكن أسرعتن فى المجئ اليوم ؟ فقلن: رجل مصرى أنقذنا من أيدى الرعاة ، وإنه استقى لنا أيضاً وسقى الغنم. فقال لبناته: وأين هو ؟ لماذا تركتن الرجل ؟ ادعونه ليأكل طعاماً. فارتضى موسى أن يسكن مع الرجل ، فأعطى موسى صفورة ابنته " [خر 2: 16] وفى النص السامرى: " فلما أمعن موسى فى السكنى مع الرجل ؛ أعطاه صفورة ابنته لموسى زوجة ".
طˆخ

طرح الأولاد فى النهر صدر قبل ولادة موسى لا بعد إرساليته

إن فى سورة الأعراف: أن الملأ من قوم فرعون بعد ولادة موسى وظهور نبوته قالوا لفرعون: أتذر موسى وقومه ليفسدوا فى الأرض ؟ وقد رد عليهم بقوله: (سَنُقَتِّل أبناءهم وتستحيى نساءهم وإنا فوقهم قاهرون ) (1).
وفى سورة القصص: أن قتل الأبناء واستحياء النساء كانا من قبل ولادة موسى وهذا تناقض.

 الرد على الشبهة:
إن قتل الأبناء واستحياء النساء كانا من قبل ولادة موسى ـ عليه السلام ـ وهو فيما بعد يهدد باستمرار القتل والزيادة فيه.
(1) الأعراف: 127.

ابنة فرعون أو زوجته

إن فى القرآن أن امرأة فرعون هى التى التقطت موسى ـ عليه السلام ـ ويقول: إن فى التوراة أن الملتقطة له هى ابنة فرعون وليست امرأته. وهذا تناقض.

 الرد على الشبهة:
إن كلمات التوراة مشكوك فيها. والدليل على ذلك: أن اسم الرجل فى موضع ، يأتى فى موضع آخر باسم آخر. وكذلك المرأة. وهذا يتكرر كثيراً. فإسماعيل ـ عليه السلام ـ كانت له ابنة اسمها " محلث " وتزوجت " العيس " بن إسحاق ـ عليه السلام ـ [تك 28: 9] وفى ترجمة لبنان " محلة " وفى نفس الترجمة " وبسمة " وفى ترجمة البروتستانت " بسمة " [تك 36: 3].
وفىكتب تفسير التوراة تصريح بكلمات ملتبسة مثل " ثم يذبحه كل جماعة إسرائيل فى العشية " [خر 12: 6] يقولون: " العشية " هذه اللفظة ملتبسة.. " والشيخ الكبير فى أرض مدين مختلف فى اسمه.
ففى الخروج [2: 18] " رعوئيل " وفى الخروج [4: 18] " ثيرون " والابن الأول لموسى فى ترجمة " جرشوم " وعند يوسيفوس " جرشام " وفى ترجمة السبعين " جرسام " [خر 2: 22].
طˆخ

قميص سحـرى

إنه جاء فى القرآن أن قميص يوسف لما رآه يعقوب ؛ أتى بصيراً إلى مصر مع أهله ، وقد كان قد عمى من الحزن.
ونقل من كتب التفسير أنه كان قميص إبراهيم.. إلخ.
واستبعد شفاء يعقوب برؤية القميص.

 الرد على الشبهة:
إن التوراة مصرحة بعمى يعقوب ، وأنه سيبصر إذا وضع يوسف يده على عينيه. ذلك قوله: " أنا أنزل معك إلى مصر ، وأنا أصعدك أيضاً. ويضع يوسف يده على عينيك " [تك 46: 4] هذه ترجمة البروتستانت.
وفى ترجمة الكتاب المقدس بلبنان: " أنا أنزل معك إلى مصر ، وأنا أصعدك منها. ويوسف هو يغمض عينيك ساعة تموت " فيكون النص فى عدم العمى صراحة فى هذه الترجمة.
واتفقت التراجم على ضعف بصر يعقوب " وكانت عينا يعقوب كليلتين من الشيخوخة ، ولم يكن يقدر أن يبصر " [تك 48: 10].
واستبعاد شفاء يعقوب برؤية القميص ؛ لا محل له. وذلك لأن فى التوراة من هذا كثير. فنبى الله اليسع ـ عليه السلام ـ لما مات ودفنوه فى قبره ؛ دفنوا معه بعد مدة ميتاً. فلما مست عظامه عظام اليسع ؛ ردت إليه روحه. وهذا أشد فى المشابهة من قميص يعقوب ففى الإصحاح الثالث عشر من سفر الملوك الثانى: " ومات اليشع فدفنوه. وكان غزاة موآب تدخل على الأرض عند دخول السنة ، وفيما كانوا يدفنون رجلاً إذا بهم قد رأوا الغزاة ؛ فطرحوا الرجل فى قبر اليشع. فلما نزل الرجل ومسَّ عظام اليشع ؛ عاش وقام على رجليه " [2مل 13: 20ـ21].
طˆخ

عدم سجن بنيامين

إن فى القرآن أن يعقوب قال لأبنائه بعد رحيل بنيامين إلى مصر: (بل سولت لكم أنفسكم أمرًا فصبر جميل عسى الله أن يأتينى بهم جميعاً) (1). وقال المؤلف: إن المفسر البيضاوى يقول: إنه يقصد بقوله (بهم جميعاً) يوسف وبنيامين وأخيهما الذى توقف بمصر.
وإن القرآن جعل عدد مرات مجئ إخوة يوسف لمصر أربع مرات بدل ثلاث كما جاء فى التوراة ، وأن فى القرآن أن يوسف حبس بنيامين ، وأن إخوة يوسف رجعوا إلى أبيهما بدون شمعون وبنيامين.

 الرد على الشبهة:
الخلاف بين التوراة وبين القرآن فى سرد حوادث القصة لا يدل على عيب فى القرآن ، ويدل على ذلك:
ما فى التوراة من زيادة ونقص فى النسخة الواحدة ، وفى النسخ الثلاث. ومع هذا ففى التوراة ما يدل على ما جاء فى القرآن ومن ذلك:
1 ـ أن يوسف كان قد أنجب ولدين فى مصر هما أفرايم ومنسّى [تك 46: 20] ويعقوب أبوه من الأنبياء الملهمين ، ويدل على ذلك أنه يقول:
(إنى لأجد ريح يوسف ) (2) ـ (يا بنى اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله ) (3) فإذا قال (بهم) بضمير الجمع. وقد صرح من بعد بفقد اثنين هما: يوسف وأخيه فقط ؛ لا يدل ضمير الجمع على ولد ثالث محبوس فى مصر ، وإنما يدل على ولدى يوسف.
2 ـ أن فى التوراة ما يدل على سجن بنيامين وهو أنه لما دبر حيلته فى استبقائه وتمت الحيلة ، طلبوا منه أن يطلقه فرد عليهم بقوله: " حاشا لى أن أفعل هذا. الرجل الذى وُجد الكأس فى يده ؛ هو يكون لى عبداً ، وأما أنتم فاصعدوا بسلام إلى أبيكم " [تك 44: 17].
فقوله: " هو يكون لى عبداً " معناه: أنه استبقاه فى " مصر ".
3 ـ وفى التوراة ما يدل على بقاء كبيرهم فى مصر ، مع يوسف وبنيامين. وكبيرهم هو " راوبين " لا شمعون كما قال المؤلف إنه أخذه رهينة ، ولا يهوذا كما قال كاتب التوراة.
ومما يدل على بقاء كبيرهم: أنه استعطف يوسف بقوله: " فالآن ليمكث عبدك عوضاً عن الغلام عبداً لسيدى ، ويصعد الغلام مع إخوته ؛ لأنى كيف أصعد إلى أبى والغلام ليس معى ؟ لئلا أنظر الشر الذى يصيب أبى " [تك 44: 33ـ34].
(1) يوسف: 83.
(2) يوسف: 94.
(3) يوسف: 87.

وليمة نسائية وهمية

إنه جاء فى سورة يوسف أن امرأة العزيز هيأت وليمة لبعض السيدات وأنهن قطعن أيديهن. وهذا غير معقول.

 الرد على الشبهة:
كانت دعوة موسى ـ عليه السلام ـ فى الأصل عالمية لليهود وللأمم. وكان فيها الدعوة إلى حميد الصفات.
وكان فيها عدم احتقار اليهودى للأممى ، وعدم التعدى على أمواله وحرماته. وكان فيها الحث على دعوة الأممى إلى معرفة الله وعبادته. وفى زمان سبى بابل حَرَّف اليهود التوراة ، وامتنعوا عن دعوة الأمم إلى معرفة الله ، وأباح اليهود لأنفسهم أخذ الربا من الأميين ، والزنا بنسائهم ، وسفك دمائهم وما شابه ذلك من الصفات الذميمة. وكتبوا ما يدل على ذلك فى التوراة ، وحذفوا من التوراة حال تحريفهم لها ما يمنعهم عن ظلم الأميين. ومن هذا الذى حذفوه: دعوة يوسف ـ عليه السلام ـ للمصريين الذين كانوا معه فى السجن إلى عبادة الله تعالى وترك الآلهة المتعددة ، وحذف قول النسوة ليوسف: (ما هذا بشراً إن هذا إلا ملك كريم ) (1) لأن هذا يتعارض مع تخليهم عن دعوة الأمم ، ويتعارض مع ما اتفقوا عليه من العبث بنسائهم. وألا يكن هذا صحيحاً. فما هذه الترهات المكتوبة فى التوراة عن الأنبياء وغيرهم ؟ ففى التوراة أن لوطاً ـ عليه السلام ـ زنا بابنتيه [تك 19] وأن سليمان ـ عليه السلم ـ أحب نساء غريبة كثيرة مع بنت فرعون [الملوك الأول 11].
وقال كاتب التوراة: إن سليمان ـ عليه السلام ـ هو ابن داود من زوجة أُورِيّا الحِثِّى. أى أنه تعدى على زوجة رجل من الأمم هو من قبيلة بنى حث وليس من اليهود. وإذا كان هذا هو المكتوب بغية التعدى على نساء الأمم ؛ فإن العقل لا يتصور أن يضع فى التوراة عفة يوسف عن نساء الأمم. ولا يتصور العقل أن يكتب عن يوسف أنه فسر حلم الملك من قبل أن يخرج من السجن. لأنه لو كتب ذلك لكان معناه أن يوسف يحسن إلى من سيئ إليه. وهو يريد لليهود أن يسيئوا لمن يحسن ولمن لا يحسن.
وإن أصر مورد الشبهة على إيرادها. ففى نسخ التوراة زيادة ونقص ، وفى نسخ الإنجيل أيضاً. ومن أمثلة ذلك: المزمور المائة والحادى والخمسين ؛ فإنه فى النسخة القبطية فقط.
(1) يوسف: 31.

أبناء يعقوب يطلبون أن يلعب يوسف معهم

إنه جاء فى سورة يوسف من القرآن الكريم أن إخوة يوسف احتالوا على أبيهم فى أخذ يوسف منه بقولهم:
(أرسله معنا غدا يرتع ويلعب ) (1) وليس فى التوراة هذه الحيلة.

 الرد على الشبهة:
إن ما جاء فى القرآن ، ولم يجئ فى التوراة ؛ لا يدل على إيراد شبهة على القرآن ، وذلك لأن نسخ التوراة الثلاثة العبرانية واليونانية والسامرية لا تتفق على القصة اتفاقاً تامًّا. ففى اليونانية صواع الملك.
وليس فى العبرانية صواع الملك. ففى التوراة العبرانية ترجمة البروتستانت: " ولما كانوا قد خرجوا من المدينة ولم يبتعدوا ؛ قال يوسف للذى على بيته: قم اسع وراء الرجال ، ومتى أدركتهم فقل لهم:
" لماذا جازيتم شرًّا عوضاً عن خير ؟ أليس هذا هو الذى يشرب سيدى فيه. وهو يتفاءل به ؟ أسأتم فيما صنعتم " [تك 24: 4ـ5] وفى الكتاب المقدس ترجمة 1993م بلبنان الصادر عن دار الكتاب المقدس فى الشرق الأوسط: " فما أن خرجوا من المدينة ، وابتعدوا قليلاً حتى قال يوسف لوكيل بيته: قم اتبع هؤلاء الرجال. فإذا لحقت بهم فقل لهم: لماذا كافأتم الخير بالشر ؟ لماذا سرقتم كأس الفضة التى يشرب بها سيدى. وبها يرى أحوال الغيب ؟ أسأتم فيما فعلتم ".
فكأس الفضة فى نسخة ، وهو غير موجود فى نسخ أخرى.
(1) يوسف: 12.

إسماعيل بين الأنبياء

إن القرآن ذكر أن إسماعيل كان (رسولاً نبيًّا) وفى التوراة أنه إنسان وحشى. وهذا تناقض.

 الرد على الشبهة:
1- أما أنه كان رسولاً فهذا لا إشكال فيه. فإن الشريعة التى كان عليها هى شريعة نوح ـ عليه السلام ـ وكان يبلغها للناس كما يبلغها غيره.
2- وأما أنه كان نبيًّا فهذا هو الإشكال عند المؤلف ، وهو ليس بإشكال. لأن النبى هو المنبئ بغيب ، ويقع الغيب من بعده كما أنبأ به. فلننظر فى إسماعيل ـ بحسب تفسير كلمة النبى عندهم ـ هل أنبأ بغيب أم لا ؟ إنه من إبراهيم الذى سار مع الله ، ودعا إليه ، ورغب فيه. ولسيره ، وعده الله بالبركة فى إسماعيل وإسحاق. والبركة ملك ونبوة وإذْ وُعد إسماعيل بنبى من نسله ، وأنبأ بتحقق هذا الوعد.
ووقع كما قال. فإنه قد ظهر منه محمد صلى الله عليه وسلم فإنه يكون نبيًّا.
ففى التوراة: " ولما كان أبرام ابن تسع وتسعين سنة ؛ ظهر الرب لأبرام وقال له: " أنا الله القدير. سر أمامى ، وكن كاملاً ؛ فأجعل عهدى بينى وبينك وأكثرك كثيراً جداً " [تك 17: 1ـ2] وعن البركة فى إسحاق: " وأباركها وأعطيك أيضاً منها أبناء أُباركها فتكون أمماً وملوك شعوب منها يكونون " [تك 17: 16] ، وعن البركة فى إسماعيل: " وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه. ها أنا أباركه وأثمره وأكثره كثيراً جداً.. " [ تك 17: 20] وقد قام ببركة إسحاق نبى الله موسى ، وقام ببركة إسماعيل نبى الله محمد. وإسماعيل قد أنبأ به من قبل ظهوره.
طˆخ

الكعبة بيت زحل

فى سورة البقرة: (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا) إلى قوله: (إنك أنت السميع العليم) (1).
ثم قال: كيف تكون الكعبة بيت الله ، وقد بنيت أول الأمر لعبادة كوكب زحل ؟ واستدل على قوله هذا بأقوال مؤرخين.
وقال: إن فى الكتاب المقدس: أن إبراهيم دُعى من " أُور " الكلدانيين إلى أرض كنعان ، وتَعَرَّب فيها.

 الرد على الشبهة:
1 ـ إن أقوال المؤرخين ليست حُجة.
2 ـ إن إبراهيم ـ عليه السلام ـ لم يُدع من " أور " كما قال هذا المعترض. وإنما خرج من أرض آبائه وهو لا يعلم أين يذهب. ففى الإصحاح الثانى عشر من سفر التكوين: " وقال الرب لأبرام: اذهب من أرضك ، ومن عشيرتك ، ومن بيت أبيك إلى الأرض التى أُريك ؛ فأجعلك أمة عظيمة ، وأباركك وأعظم اسمك وتكون بركة " [تك 12: 2] وكان خروجه عن " حاران " والدليل على أنه من " حاران ": " وكان أبرام ابن خمس وسبعين سنة لما خرج من حاران " [تك 12: 4] وفى سفر أعمال الرسل: " فخرج حينئذ من أرض الكلدانيين ، وسكن فى حاران " [أع 7: 4] ففى التوراة أنه خرج من حاران ، وفى الإنجيل أنه خرج من أرض الكلدانيين. فأى النصين هو الصحيح ؟ (1) البقرة: 125ـ127.

اختراع طفل ينطق بالشهادة

إنه فى سورة يوسف (وشهد شاهد من أهلها ) (1) وذكر تفسير الشيخ البيضاوى وهو أنه قيل إنه ابن عمٍّ لها صبيًّا فى المهد.

 الرد على الشبهة:
إن المعنى المراد هو: وشهد شاهد من أهل الشهادة بقرينة الحال. ومع هذا فإنه لا يصح توجيه شبهة على قول مُفَسَّر ، خاصة أنه قال: " قيل ".
(1) يوسف: 26.

تهاويل خيالية حول برج بابل

قال المؤلف: إنه جاء فى سورة النحل (قد مكر الذين من قبلهم..) (1) ثم قال: قال البيضاوى: قيل:
المراد به نمرود بن كنعان فإنه بنى صرحاً ببابل.

 الرد على الشبهة:
إنه وجه الشبهة على كلام مفسر. وهذا المفسر لم يجزم بأن تفسيره هو الصحيح بدليل قوله: " قيل " فكيف يورد شبهة على كلام مفسر ؟ (1) النحل: 26.

نوح لم يتبعه الأراذل

إن فى القرآن أن نوحاً عليه السلام نجا معه جماعة من المؤمنين من غير أولاده. وهذا يخالف ما فى التوراة وما فى الإنجيل من أنه لم ينج معه من المؤمنين أحد غير أولاده. وأن القرآن بين أن الكافرين بنوح وصفوا المؤمنين به بأنهم أراذل.

 الرد على الشبهة:
1- إن الذين خرجوا من السفينة حسب نص التوراة العبرانية:
1- سام 2- حام.
3- يافث.
4- نوح.
5- امرأته.
6- زوجة سام.
7- زوجة حام.
8- زوجة يافث) فيكون العدد ثمانية.
2- والدليل على صحة ما فى القرآن: هو أن قابين لما قتل هابيل ؛ ولد حنوك ولد عيراد ، وعيراد ولد محويائيل ، ومحويائيل ولد متوشائيل ، ومتوشائيل ولد لامك ، ولامك ولد يابال. الذى كان أباً لساكنى الخيام ورعاء المواشى. واسم أخيه يوبال الذى كان أباً لكل ضارب بالعود والمزمار ، واسم أخيه توبال قابين. الضارب كل آلة من نحاس وحديد [تكوين 4].
قوله عن الثلاثة: الذى كان أباً لساكنى الخيام ورعاء المواشى ـ الذى كان أباً لكل ضارب بالعود والمزمار ـ الضارب كل آلة من نحاس وحديد ؛ يدل على أنه كان من الناجين غير أبناء نوح. ولذلك قال مفسرو التوراة: " وسلالة قابين سلالة الحياة المدنية ، وسلالة شعث سلالة الحياة القدسية ".
طˆخ

أخنوخ وليس إدريس

إنه فى القرآن اسم إدريس. واسمه فى التوراة أخنوخ. وقال البيضاوى فى تفسيره: إن إدريس هو أخنوخ. ونحن نسأل من أين جاء فى القرآن اسم إدريس ؟ والصواب أنه أخنوخ.

 الرد على الشبهة:
إن اسمه فى التوراة السامرية " حنوك " والنص هو:
" وسلك حنوك فى طاعة الله وفُقد ؛ إذ تولته الملائكة " [تلك 5: 24] والتوراة اليونانية تضيف حرف السين فى آخر الاسم ليعلم أنه اسم مثل يوسيفوس ـ إدريانوس.وإدريس ؛ فى آخره السين ، وكذلك يونس. وهو فى العبرى يونان. وعيسى ـ عليه السلام ـ فى اليونانى " إيسوس " ، وفى العبرى " يهو شوّع " وينطق أحياناً " أيشوع " و " يسوع ".
وأخنوخ له سفر لا يعترف به النصارى. ومع ذلك نقل منه يهوذا فى رسالته: " انظروا جاء الرب مع ألوف قديسيه ؛ ليحاسب جميع البشر ، ويدين الأشرار جميعاً على كل شر فعلوه ، وكل كلمة سوء قالها عليه هؤلاء الخاطئون الفجار " [يهو 1: 14ـ15].
وهذا النص يثبت أن كل امرئ بما كسب رهين ، خلافاً لاعتقاد النصارى فى موت المسيح على الصليب لِيُكَفِّر عن خطايا آدم.
ومفسرو التوراة يستدلون من نقله على ثبوت الحياة من بعد الموت ورأى فيلبسون من قوله " الله أخذه " أن ذلك تلطف بالتعبير عن الوفاة قبل إكمال العمر ، وأن فى ذلك دليلاً على وجود حياة وراء هذه الحياة الأرضية. ونزيد على ذلك: أن نقل أخنوخ فى متوسط العصر الذى قبل الطوفان ، وأن حياته كانت على الأرض 365سنة وهو عدد الأيام فى السنة الشمسية وكانت سنة العبرانيين 354 يوماً وسنة الكلدانيين 360 يوماً " انتهى.
طˆخ

خَلْط الأسمـاء

ذكروا آيتين من سورة الأنعام ، وأوردوا الشبهة على نص الآيتين حيث قالوا:
جاء فى سورة الأنعام (ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلاًّ هدينا ونوحاً هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزى المحسنين * وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين * وإسماعيل واليسع ويونس ولوطاً وكلاًّ فضلنا على العالمين ) (1).
والترتيب التاريخى هو:
أيوب ـ إبراهيم وابن أخته لوط وابناه إسماعيل وإسحاق وحفيده يعقوب وابن حفيده يوسف ومن بعده موسى ـ هارون ـ داود ـ سليمان ـ إلياس ـ اليسع ـ يونس ـ زكريا ـ يحيى ـ عيسى.

 الرد على الشبهة:
1 ـ إن الضمير فى (ومن ذريته (يعود إلى نوح ، ولا يعود إلى إبراهيم وذلك لأن (لوطا (ليس من ذرية إبراهيم ، وإنما خرج معه مهاجراً إلى الله ، بعدما آمن له. وفى التوراة " ولوطاً ابن أخيه " [تك 12:
5].
2 ـ إن الترتيب التاريخى غير حاصل لأسباب منها: أنه يريد بيان فضلهم وصلاحهم ؛ ليقتدى الناس بهم.
وفى التوراة أنبياء لا يعرفون تواريخهم ولا يعرفون نسبهم ، ومنهم " أيوب " فإن منهم من يقول إنه من العرب ومنهم من يقول إنه من الأدوميين ومنهم من يجعله اسماً فرضيًّا. بل إن الأنبياء أصحاب الأسفار كإشعياء وإرمياء وملاخى وحَبقّوق وميخا ؛ لا يعرفون هم أنفسهم السابق منهم عن اللاحق.
وقد جمعوا أسفارهم فى وقت واحد. ففى الكتاب المقدس الصادر عن دار الكتاب المقدس فى الشرق الأوسط سنة 1993م ما نصه: " كانت أول لائحة وضعت فى سبيل " قانونية " العهد القديم وأسفاره تضم أسفار الشريعة الخمسة فى أيام عِزْرا [نح 8: 1] حوالى عام 400 ق.م ثم زاد المعلمون الأسفار النبوية من يشوع والقضاة حتى إشعياء وإرمياء وحوالى سنة90 ق.م التقى معلمو الشريعة اليهود من مختلف البلدان ، فى بلدة " يمنية " الواقعة فى " فلسطين " وثبتوا لائحة نهائية وكاملة للأسفار المقدسة..
إلخ (2).
(1) الأنعام: 84-86.
(2) ص 3 الكتاب المقدس طبعة لبنان سنة 1993م.

لكل أمة رسول منها إليها

إنه جاء فى القرآن أن لكل أمة رسول منها. وهذا يناقض الكتاب المقدس فى أن الأنبياء والرسل هم من بنى إسرائيل وإليهم وإلى كل العالم. فإذا صدق ما فى القرآن فكيف لم يخرج للأمم فى إفريقيا وأوروبا وأمريكا واستراليا وآسيا: أنبياء منهم وإليهم ؟ ولو كان لهذه الأمم أنبياء ـ منها وإليها ـ لجاز أن يكون للعرب رسول منهم.

 الرد على الشبهة:
إن كلمة الرسول تأتى على الحقيقة وتأتى على المجاز. فعيسى ـ عليه السلام ـ رسول على الحقيقة. وإذا هو أرسل واحداً من الحواريين إلى قرية من القرى فإنه يكون رسول رسول الله عيسى على المجاز.
ففى إنجيل متى: " هؤلاء الإثنا عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قائلاً: " إلى طريق أمم لا تمضوا.. " [متى 10: 5].
وابتداء الدعوة إلى الله كان فى زمن أنوش بن شعيث بن آدم ؛ لقوله: " حينئذ ابتُدئ أن يُدعى باسم الرب " [تك 4: 26] وظل الحال على هذه الدعوة التى كانت دعوة إلى مكارم الأخلاق وعدم سفك الدماء ظلماً إلى زمان نوح ـ عليه السلام ـ ولم يكن من المطعومات شىء محرم فلما خرج نوح من السفينة أعطاه الله شريعة فيها أن كل الطعام حلال ، وأن يحب المرء لأخيه ما يحبه هو لنفسه ، وليس فيها شريعة تبين أن هذا حلال وهذا حرام. ففى الإصحاح التاسع من سفر التكوين: " كل دابة حية تكون لكم طعاماً.
كالعشب الأخضر دفعت إليكم الجميع.. " وظلت شريعة نوح سائدة على العالم إلى أن جاء موسى ـ عليه السلام ـ وأعطاه الله التوراة (موعظة وتفصيلاً لكل شىء (وأمره أن يخصص سِبط لاوِى من بين الأسباط ليعرفها ويعرّفها للناس.
وهذا الذى ذكرته هو ما يقول به أهل الكتاب جميعاً ، ونص عليه أهل الكتاب فى كتبهم. وعنه فى القرآن الكريم: (كل الطعام كان حلاً لبنى إسرائيل ) (1) وهو حلال من أيام نوح ـ عليه السلام ـ وعلى ذلك نسأل المؤلف هذا السؤال وهو أن الناس من آدم أبى البشر إلى موسى الكليم كانت رسلهم من بنى إسرائيل أم من غير بنى إسرائيل ؟ إن قلت إن رسلهم كانت من بنى إسرائيل يكذبك الواقع والكتب التى تقدسها ، وإن قلت كانت من غير بنى إسرائيل فلماذا وجهت السؤال إلى المسلمين ؟ أما من موسى إلى محمد صلى الله عليه وسلم فإن علماء بنى إسرائيل من اللاويين والهارونيين كانوا يبلغون التوراة لليهود وللأمم ، وإذا انطلق واحد منهم إلى الأمم ؛ فإنه يكون رسولاً إلى الأمم. ليس على الحقيقة ، وإنما على المجاز بمعنى أنه رسول رسول الله موسى ـ عليه السلام ـ وظلوا على هذا الحال إلى زمان سبى بابل سنة 586 ق.م فإنهم وهم فى بابل حرفوا التوراة ، وقصروا شريعة موسى على اليهود من دون الناس ، وابتعدوا عن دعوة الأمم ، وتعصبوا لجنسهم وتآمروا على الأمم (ذلك بأنهم قالوا ليس علينا فى الأميين سبيل ) (2).
ومن قبل سبى بابل كان علماؤهم يدعون العرب إلى الله على وفق شريعة موسى. فيكون العالم الداعى رسولاً مجازاً. وهكذا فى سائر بلاد العالم. أما من بعد السبى وتخلى العلماء عن الدعوة فإن كل أمة سارت على ما عندها من العلم. وقد وبخهم المسيح عيسى ـ عليه السلام ـ على إهمالهم فى دعوة الأمم بقوله: " لكن ويل لكم أيها الكتبة والفَرِّيسِيُّون المراءون ؛ لأنكم تُغلقون ملكوت السماوات قدام الناس ؛ فلا تدخلون أنتم ولا تدعون الداخلين يدخلون " [ متى 23: 13].
ثم حث أتباعه بالانطلاق إلى بلاد اليهود أولاً بأمرين هما أن يعملوا بالتوراة ، وأن يستعدوا لتركها إذا ما ظهر محمد رسول الله الذى يبشر به. وإذا فرغوا من دعوة اليهود فى بلادهم ينطلقون إلى الأمم ، وسماهم رسلاً مجازاً. فقال: " إلى طريق أمم لا تمضوا ، وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا ، بل اذهبوا بالحرىّ إلى حُراف بيت إسرائيل الضالة. وفيما أنتم ذاهبون ، اكْرِزوا قائلين: " إنه قد اقترب ملكوت السموات " [متى 10: 5]. وملكوت السماوات هى مجئ محمد صلى الله عليه وسلم بعد مملكة الروم كما أنبأ النبى دانيال فى الإصحاح السابع من سفره.
(1) آل عمران: 93.
(2) آل عمران: 75.

مريم تلد فى البرية ووليدها يكلمها من تحتها

لقد ولدت مريم السيد المسيح فى بيت لحم كما تنبأ أنبياء التوراة بذلك قبل حدوثه بمئات السنين ، وليس بجوار جذع نخلة. ووضعت مريم وليدها فى مذود [لوقا 2: 2ـ20] وغريب أن يكلمها وليدها من تحتها:
أن تهز جذع النخلة وتأكل من البلح وتشرب من الجدول. فإذا مرّ بها أحد تقول: (إنى نذرت للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم إنسيا ) (1) فأين الصوم وهى الآكلة الشاربة المتكلمة ؟

 الرد على الشبهة:
1 ـ ولادة المسيح فى بيت لحم ـ كما قال المؤلف ـ تدل على أن مريم من سكان الخليل التى هى حبرون ، ولا تدل على أنها من سكان الناصرة. ففى خريطة فلسطين تجد بيت لحم تحت أورشليم ، وبعدها حبرون.
وعلى هذا تكون مريم بعد حملها بالمسيح وإحساسها بدنو الوضع. قد اتجهت إلى حَبرون (فأجاءها المخاض (عند بيت لحم. ولو كانت من الناصرة وأحست بالحمل وبالوضع. لاتجهت إلى الناصرة. وعندئذ يكون الوضع فى مكان بين أورشليم وبين الناصرة. فقولهم بالمخاض فى بيت لحم يصدق القرآن فى أنها كانت من نسل هارون الساكنين فى حبرون.
2 ـ وقول المعترض: إن التوراة تنبأت بولادة المسيح فى بيت لحم. يقصد به ما جاء فى سفر ميخا وهو " أما أنت يا بيت لحم أفراتة وأنت صغيرة أن تكونى بين ألوف يهوذا ، فمنك يخرج لى الذى يكون متسلطاً على إسرائيل ، ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل " [ميخا 5: 2].
والنبوءة موضوعة وليست من النص الأصلى. بدليل: أن المسيح كان من الهارونيين من جهة أمه ، وبيت لحم من مدن سبط يهوذا. ولو كان له أب لأمكن للنصارى نسبته إلى سبط أبيه. ولكنه لا أب له ؛ فكيف ينتسب إلى سبط يهوذا أو غير سبط يهوذا ؟ وبدليل: أن المتسلط على إسرائيل وهو النبى الأمى الآتى على مثال موسى. يكون ملكاً وفاتح بلاد. ولم يكن المسيح ملكاً ولا فاتح بلاد.. وبدليل: أن سفر ميخا مرفوض من السامريين. وبدليل أن شراح سفر ميخا يصرحون بالتناقض فيه.والنبوءة من مواضع التناقض التى صرحوا بها. يقول الشراح: "هناك تعليمان متشابكان فى كتاب ميخا: الأول: الله يدين شعبه ويعاقبه [ف1 ـ 3: 6: 1 ـ 7: 7] الله يعد شعبه بالخلاص [ف 4ـ 5 و 7: 8ـ20] حين يُعيده إلى حاله السابقة ويجعله بقيادة رئيس من نسل داود [5: 1ـ4].
3 ـ وقد جاء فى إنجيل متى الأبوكريفى معجزة النخلة.
4 ـ وكلام المسيح فى المهد جاء فى برنابا وفى إنجيل الطفولية العربى ، وجاء فى تاريخ يوسيفوس.
5 ـ وقال المعترض: إن المسيح كلم أمه من تحتها: أن تهز جذع النخلة.. إلخ. وهو قد قال بذلك على قراءة " مِن تحتها " والحق: أن الذى ناداها هو ملاك الله نفسه. وسياق الكلام يدل على أنه الملاك.
فإنه قد قال لها: (كذلك قال ربك هو علىّ هيّن ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمراً مقضياً ) (2)، ولما حملته وانتبذت به وأجاءها المخاض وتمنّت الموت ؛ عاد إلى خطابه معها فقال: (ألا تحزنى قد جعل ربك تحتك سريا وهزى إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً فكلى واشربى وقرى عيناً فإما ترين من البشر أحداً فقولى إنى نذرت للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم إنسيا ) (3).
وأما كلام المسيح فهو لم يقل إلا (إنى عبد الله أتانى الكتاب وجعلنى نبيا وجعلنى مباركا أينما كنت وأوصانى بالصلاة والزكاة مادمت حيًّا وبرا بوالدتى ولم يجعلنى جباراً شقيا والسلام علىّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا ) (4).
6 ـ المعترض قد غالط فى نقل المعنى بقوله: " وغريب أن يكلمها وليدها من تحتها: أن تهز جذع النخلة وتأكل من البلح وتشرب من الجدول ؛ فإذا مر بها أحد تقول: (إنى نذرت للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم إنسيا ) (5) فأين الصوم وهى الآكلة الشاربة المتكلمة ؟ ".
ووجه المغالطة: أنه يقول فإذا مر بها أحد تقول.. إلخ. والمعنى الصحيح: أنها لا تقول لكل أحد يمر عليها إنها صائمة عن الطعام والشراب. وإنما تقول: لا أتكلم مع أحد فى أمر ابنى فى هذه الأيام. فجملة (فإما ترين من البشر.. (جملة مستأنفة لا صلة لها بالطعام وبالشراب. وقولها: (إنى نذرت للرحمن صوما (تعنى به المعنى المجازى وهو الإمساك عن الكلام بدليل: (فلن أكلم (ولم تقل فلن آكل.
(1) مريم: 26.
(2) مريم: 21.
(3) مريم: 24ـ26.
(4) مريم: 30ـ33.
(5) مريم: 26.

انتبـاذ مريـم

إن فى القرآن: أن مريم انتبذت من أهلها مكاناً شرقيًّا ، واتخذت لها حجاباً من قبل أن تحبل بالمسيح.
فلماذا انتبذت ؟ هل كانت فى مشاجرة مع أهلها وهم المشهورون بالتقوى ؟ ولماذا تسكن فتاة عذراء بعيدة عن أهلها ؟ فى القرآن تناقض فى هذا المعنى. وهو أنه صرح بأنها كانت فى المحراب فى كفالة زكريا ، وصرح بأنها انتبذت. أى خرجت منهم بعد مشاجرة.
وقال المؤلف: إن القرآن قد خالف الإنجيل فى مكان سكناها من قبل الحبل بعيسى ـ عليه السلام ـ ففى القرآن: أنها كانت تسكن فى محراب أورشليم ، أو فى أى مكان مجهول. وفى الإنجيل أنها كانت تسكن فى " الناصرة " [لو 1: 26ـ23].

 الرد على الشبهة:
1 ـ جاء فى إنجيل يعقوب: أن مريم وهى فى سن الثالثة: ذهبت بها أمها بصحبة أبيها إلى " أورشليم " وسلماها إلى كهنة هيكل سليمان ، وكانت علامات السرور تبدو عليها. ثم تركاها ورجعا إلى أورشليم ، وعاشت مع الراهبات المنذورات إلى أن حبلت.
2 ـ وإن أنت نظرت فى خريطة فلسطين. تجد حبرون أسفل أورشليم وقريبة منها ، وتجد الناصرة على نفس الخط وبعيدة عن أورشليم. فتكون أورشليم غرب الناصرة ، وشرق حبرون.
3 ـ وفى الإنجيل: " وفى ذلك الوقت ولد موسى وكان جميلاً جدَّا. فربى هذا ثلاثى أشهر فى بيت أبيه.
ولما نُبذ ؛ اتخذته ابنة فرعون ، وربته لنفسها ابناً " [أعمال 7: 21] قوله " ولما نبذ " لا يدل على أن أهله كرهوه وإنما يدل على أنهم وضعوه فى التابوت وهم لوضعه كارهون. ومن ينتبذ عن قوم ؛ لا يدل انتباذه عنهم على كرهه لهم ، وإنما يدل على ابتعاده عنهم لسبب أو لأسباب. وإذ صح وثبت أن ابتعادها عنهم كان لعبادة الله ؛ يثبت أنها لم تنتبذ لمشاجرة.
4 ـ وقد تبين أن " الناصرة " من نصيب سبط زبولون ـ وهو من أسباط السامريين ـ وهى من سبط يهوذا ـ على حد زعمه ـ فكيف تكون من سكان الناصرة ؟ وإذا كانت من سكان الناصرة ، فلماذا أتت إلى أورشليم لتعدّ مع سكانها. وسكان أورشليم من سبطى يهوذا وبنيامين ؟ فالحق ما قاله القرآن أنها كانت هارونية.
ومعلوم أن زكريا وامرأته ويوحنا المعمدان كانوا من التابعين لأهل أورشليم.
طˆخ

فرعون ينجو من الغرق

إن فى القرآن تناقض فى نهاية فرعون. ففى سورة يونس: (فاليوم ننجيك ببدنك ) (1) وهذا يدل على نجاته من الغرق ، وفى سورة القصص: (فأخذناه وجنوده فنبذناهم فى اليم ) (2) وهذا يدل على غرقه.

 الرد على الشبهة:
إن المؤلف لم يفسر (فاليوم ننجيك ببدنك) على المعنى الظاهرى. وهو إبعاد الجثة عن الهبوط فى اليم ، وتركها على الشاطئ حتى يضعها المحنطون فى المقبرة فيراها كل المصريين فيعتبروا ويتعظوا. وفسر على المعنى المجازى كناية عن إفلاته من الغرق. ووجّه الشبهة على المعنى المجازى وليس على المعنى الحقيقى.
والمعنى المجازى الذى به وجّه الشبهة ؛ موجود فى التوراة عن فرعون. ففيها أنه لم يغرق ، وموجود فيها ما يدل على غرقه. وهذا هو التناقض الذى نسبه إلى القرآن. وسوف نبين ما فى التوراة من التناقض عن غرق فرعون. ونسأله هو أن يوفق بين المعنيين المتناقضين. وما يجيب به فى التوفيق ؛ يكون إجابة لنا.
ففى الإصحاح الرابع عشر من سفر الخروج: " فرجع الماء وغطى مركبات وفرسان جميع جيش فرعون الذى دخل وراءهم فى البحر. لم يبق منهم ولا واحد " وفى الإصحاح الخامس عشر من نفس السفر:
" تغطيهم اللجج. قد هبطوا فى الأعماق كحجر " وفى تفسير التوراة ما نصه: " ولا سبيل لنا هنا إلى الحكم بغرق فرعون ، إذ لا دلالة عليه فى هذا النبأ ، ولا من قول المرنِّم [ مز 78: 53 و 106: 11] وساق المفسرون أربع حجج على عدم غرقه. ومعنى قولهم: إن قول المرنِّم لا يدل على غرقه هو: أن داود ـ عليه السلام ـ فى المزمور 78 والمزمور 106 قال كلاماً عن فرعون لا يدل صراحة على غرقه.
ونص 78: 3 هو " أما أعداؤهم فغمرهم البحر " ونص 106: 11 هو " وغطّت المياه مضايقيهم.
واحد منهم لم يبق ".
هذا عن عدم غرق فرعون. وأما عن غرقه ففى المزمور 136: 15 " ودفع فرعون وقوته فى بحر يوسف ؛ لأنه إلى الأبد رحمته " وفى ترجمة أخرى: " أغرق فرعون وجيشه فى البحر الأحمر إلى الأبد رحمته (3) " ومفسرو الزبور ـ وهم أنفسهم الذين صرحوا بعدم غرق فرعون ـ كتبوا عن فرعون: " فإن هذا الأخير قد حاول جهد المستطاع أن يرجع الإسرائيليين إلى عبوديتهم ؛ فما تم له ما أراد ، بل اندحر شر اندحار " انتهى.
ومن هذا الذى قدمته يكون من الواجب على المؤلف حل التناقض الموجود عنده فى أمر فرعون ، قبل أن يوجه كلامه إلى القرآن.
(1) يونس: 92.
(2) القصص: 40.
(3) جمعية الكتاب المقدس فى لبنان سنة 1993م.

نوح يدعو للضلال

إن نوحاً ـ عليه السلام ـ قال لله تعالى: (ولا تزد الظالمين إلا ضلالاً ) (1) ؛ فكيف يدعو نوح ربه أن يزيد الناس ضلالاً ؟
 الرد على الشبهة:
إن نوحاً لم يدع ربه أن يزيد الناس ضلالاً ، وإنما دعا على الظالمين من الناس. ومثل ذلك: ما فى التوراة عن الأنبياء فإنهم دعوا على الظالمين ، ولم يدعوا على كل الناس. ففى المزمور الثامن عشر: " من الرجل الظالم تنقذنى " ـ " مثل طين الأسواق ؛ اطرحهم " ، وفى الإنجيل يقول المسيح لله عن الذين آمنوا به: " احفظهم فى اسمك الذين أعطيتنى " [يو 17: 11] ولم يدع للكل.
(1) نوح: 24.

يوسف همّ بالفساد

إن يوسف ـ عليه السلام ـ هم بالامرأة وهمت به حسبما جاء فى القرآن. وأنه لم يهم بها ولم تهم به حسبما جاء فى التوراة. وما جاء فى التوراة هو المناسب لأحوال الأنبياء.

 الرد على الشبهة:
1 ـ يوجد فرق بين رجل عرف الله ورجل لم يعرفه. فالعارف بالله لا يقدم على معصية لله ولا يقدم على ضرر للبشر. والذى لا يعرفه لا يستحيى أن يفعل ما يشاء من المعاصى والضرر. وعلى هذا المعنى يوجد فرق بين امرأة العزيز التى تعبد مع قومها غير الله وبين يوسف ـ عليه السلام ـ الذى عرف ربه بواسطة البراهين التى قادت إلى معرفته فى كونه ، وبما سمعه عن الله من آبائه. فامرأة العزيز همت به أن يفعل الفاحشة بها ، وهو قد قال لها: (معاذ الله (وعلّل عدم الفعل بأنه يكون مسيئاً لمن أحسن إليه.
وهو سيده. والإساءة إلى المحسن نوع من أنواع الظلم.
2 ـ انظر إلى قوله: (وراودته (وإلى قوله (معاذ الله (تجد أنها لما راودته (همت به (فيكون الهم منها بمعنى طلب فعل الفاحشة. وتجد أنها لما (همت به (صار منه هم بها. يفسره قوله (معاذ الله (كما فسر همها (وراودته (فيكون همه بها ؛ دفعاً لها وامتناعاً عنها.
3 ـ ولو فرضنا أن يوسف غير عارف بالله وغير مقر به مثلها ؛ فإننا نفرض أنه لو همت به للفعل بها ؛ لهم بها للفعل بها. ولولا أنه رأى برهان وجود الله فى كونه ، لكان قد فعل بها. إذ هذا شأن الوثنيين. وكهذا البرهان ؛ أريناه براهين فى الآفاق وفى الأنفس (لنصرف عنه السوء والفحشاء ) (1).
4 ـ ولا يمكن تفسير (برهان ربه (بعلامة مجىء سيده إلى بيته ؛ لأنه لو ظهرت علامة مجئ سيده ؛ ما استبقا الباب: هى للطلب ، وهو للدفع. فاستباقهما معناه: أنها تغلق الأبواب وتمنع من الإفلات وهو يحاول الدفع ، حتى أنها جذبته من خلف ظهره من ثوبه ، وعندئذ (ألفيا سيدها لدى الباب ) (2) وصرح بأنه غير مذنب ، وشهد شاهد بالقرائن من أهل الشهادة أنه غير مذنب.
5 ـ على هذا يكون القرآن مقراً ببراءة يوسف ـ عليه السلام ـ ويكون لفظ الهم فى جانبه على سبيل المشاكلة لأنه صرح قبله بقوله (معاذ الله ) (3).
(1) يوسف: 24.
(2) يوسف: 25.
(3) يوسف: 23.

مريم العذراء بنت عمران

إن القرآن نسب مريم العذراء إلى عمران أبى موسى النبى. وقال: إنها أخت هارون النبى ـ عليه السلام ـ وهذا يخالف ما جاء فى إنجيل لوقا أنها بنت هالى [لوقا 3: 23] ويخالف التاريخ لأن بين مريم وهارون ألف وستمائة سنة.

 الرد على الشبهة:
إن المؤلف نقل عن الإنجيل أن مريم بنت هالى. ونقله خطأ. والنص هو: " ولما ابتدأ يسوع كان له نحو ثلاثين سنة. وهو على ما كان يُظن ابن يوسف بن هالى بن متثات بن لاوى بن ملكى بن ينّا بن يوسف " إلى أن أوصل نسبه إلى " ناثان بن داود " عليه السلام. وهذا النص لا يدل على أنه نسب مريم كما قال المؤلف ، وإنما يدل على أنه نسب المسيح. فكيف يكذب القرآن بنسب ليس لها ؟ وكيف ينسبون المسيح إلى يوسف بن هالى. وفى الإنجيل أنه لا أب له ولا سبط له ؟ ذلك قوله عن يوسف: " ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر " [متى 1: 24] ، وكيف يكذبون القرآن بنسب على سبيل الظن ؟ ذلك قوله: " وهو على ما كان يُظن " وفى إنجيل متى أن المسيح ابن يوسف بن يعقوب بن متّان بن اليعازر بن آليود.
إلى أن أوصل نسبه إلى سليمان ـ عليه السلام ـ [ متى 1 ].
والحق: أن مريم ابنة عمران الأب المباشر لموسى ـ عليه السلام ـ وهو أب مباشر لموسى ، وهو أب لمريم لأنه رئيس العائلة التى تناسلت هى منها. وهارون ابن عمران. وهى من نسل هارون ـ عليه السلام ـ فيكون هو أخوها على معنى أنها من نسله. أما أبوها المباشر فاسمه " يهويا قيم " وأمها اسمها " حنة " كما جاء فى إنجيل يعقوب الذى لا يعترف به النصارى.
والنسب هكذا:
إبراهيم ـ إسحاق ـ يعقوب ـ لاوى وهو الابن الثالث ليعقوب. وأنجب لاوى ثلاثة هم جرشون وقهات ومرارى.
وبنوقهات عمرام ويصهار وحبرون وعزئييل. وبنو عمرام هارون وموسى ومريم.
وقد وصى موسى عن أمر الله تعالى أن تتميز الأسباط التى تريد الإرث فى بنى إسرائيل. وذلك بأن تتزوج كل بنت فى سبطها. ففى سفر العدد: " وكل بنت ورثت نصيباً من أسباط بنى إسرائيل ؛ تكون امرأة لواحد من عشيرة سبط أبيها ؛ لكى يرث بنو إسرائيل كلُّ واحد نصيب آبائه " [عدد36: 8]. ووصى بأن يتفرغ سبط لاوى للعلم والدين ، ولا يكون له نصيب فى الأرض ، وإنما يسكن بين الأسباط فى مدنهم ، ووصى بأن تكون الإمامة فى نسل هارون وحده. وعلى هذه الشريعة نجد فى بدء إنجيل لوقا: أن " أليصابات " زوجة زكريا ـ عليه السلام ـ كانت من نسل هارون من سبط لاوى ، وكان زكريا من نسل هارون من سبط لاوى. وتزوجت أليصابات زكريا. وأن مريم العذراء كانت قريبة لأليصابات. وإذا ثبت أنها قريبة لها ؛ يثبت أن مريم هارونية من سبط لاوى. يقول لوقا: " كان فى أيام هيرودس ملك اليهودية كاهن اسمه زكريا من فرقة أبِيّا ، وامرأته من بنات هارون ، واسمها أليصابات.. إلخ " ويقول لوقا:
" وهو ذا أليصابات نسيبتك.. إلخ " ؛ قال لها الملاك ذلك وهو يبشرها بالحمل بعيسى ـ عليه السلام ـ فإذا صح أنها قريبة لها ونسيبة لها. فكيف يخطئ المؤلف القرآن فى نسبتها إلى هارون ـ عليه السلام ـ ؟ وفرقة أبِيّا هى فرقة من بنى هارون ، وهى الفرقة الثامنة من الفرق التى عدها داود ـ عليه السلام ـ للعمل فى المناظرة على بيت الرب. وخبرهم فى الإصحاح الرابع والعشرين من سفر أخبار الأيام الأول.
@÷2

أبو إبراهيم آزر

إن فى التوراة أن أبا إبراهيم اسمه تارح. وقد أخطأ القرآن فى قوله إن أباه اسمه آزر.

 الرد على الشبهة:
إن الأنساب مختلفة بين التوراة السامرية والعبرانية واليونانية. وإن عدد السنين لكل أب من آدم إلى إبراهيم مختلف فيه بين نسخ التوراة الثلاثة ، ولوقا كاتب الإنجيل أزاد على الأسماء قينان. نقلا عن اليونانية.
ومعنى هذا أنه كان يجب على المؤلف تصحيح كتبه قبل أن يوجه نقده. ولذلك جاء فى القرآن الكريم:
(إن هذا القرآن يقص على بنى إسرائيل أكثر الذى هم فيه يختلفون ) (1).
(1) النمل: 76.

العجل الذهبى من صنع السامرى

إن مدينة السامرة فى فلسطين لم يكن لها وجود لما خرج بنو إسرائيل من مصر ، مع موسى ، وسكنوا أرض سيناء. وفيها عمل لهم هارون العجل الذهبى كطلبهم. فكيف نتخيل سامرياً يضع لهم العجل قبل أن يكون للسامريين وجود ؟
 الرد على الشبهة:
1 ـ إنه ليس فى فلسطين مدينة تسمى بمدينة السامرة. وإنما كان للسامريين مملكة فى فلسطين ، عاصمتها " نابلس " المسماة قديماً " شكيم " وكانت هذه المملكة مكونة من عشرة أسباط. وكان للسبطين مملكة فى فلسطين عاصمتها " القدس " المسماة قديماً " أورشليم ".
2 ـ ولما صعد موسى عليه السلام إلى جبل الطور وتلقى التوراة ، نزل فوجد اليهود يعبدون عجلاً جسداً له خوار. فسأل عن ذلك فدلوه على من أغراهم بعبادتهم. فأمسك به وسأله (ما خطبك يا سامرى)أى ما هذا الذى فعلته أيها المضل ؟ لأن كلمة (سامرى) تطلق على المضل. ولا تطلق على شخص كاسم من الأسماء.
وبهذا المعنى لا يكون الذى أضلهم رجل مسمى بالسامرى ، حتى يتوجه الإشكال. وإلا يلزم أن يكون السامرى من أسماء المسيح عيسى ـ عليه السلام ـ فإن اليهود قالوا له: " إنك سامرى ، وبك شيطان " [يو 8:
48].
ˆ2

قارون وهامان مصريان

إن قارون يهودى ، وفرعون مصرى ، وهامان فارسى فكيف قاوم هامان نبى الله موسى وهو لم يكن فى زمانه ؟
 الرد على الشبهة:
إن هامان ليس اسم شخص ، وإنما هو لقب يدل على نائب الرئيس. وبهذا المعنى يكون هامان ـ أى النائب عن فرعون ـ قد قاوم نبى الله موسى عليه السلام.
ˆ2

هامان وزير فرعون

جاء فى القرآن أن هامان كان وزيراً لفرعون. وهذا خطأ تاريخى ؛ لأن هامان كان وزيراً لأحشويرش ملك الفرس فى مدينة بابل. وبين فرعون وأحشويرش زهاء ألف سنة.

 الرد على الشبهة:
من أعلم المؤلف بأن هامان كان وزيراً لفرعون ؟ وهذا السؤال على معنى أن هامان اسم شخص. ولا أحد أعلمه بأن هامان اسم شخص إلا الرواة الذين لا يوثق بمروياتهم. وإذا أصرّ على أن هامان اسم شخص. فليسلّم بأن فرعون اسم شخص. ومعلوم أنه لقب " الملك " كان لرئيس المصريين فى زمن يوسف ـ عليه السلام ـ وأن لقب " فرعون " كان لرئيس المصريين فى زمن موسى ـ عليه السلام ـ مما يدل على تغير نظام الحكم.
وإذا صح أن " هامان " لقب لكل نائب عن الملك ، لا اسم شخص. فإنه يصح أن يُطلق على النائب عن فرعون أو عن أى ملك من الملوك. وعلى ذلك يكون معنى: (إن فرعون وهامان وجنودهما ) (1) هو إن رئيس مصر الملقب بفرعون ، ونائبه الملقب بهامان (وجنودهما كانوا خاطئين) ومثل ذلك: مثل لقب الملك الذى يُطلق على رؤساء البلاد ؛ فإنه يطلق على رؤساء فارس واليونان ومصر واليمن وسائر البلاد ، ولا يتوجه على إطلاقه خطأ من أخطاء التاريخ.
وفى الإنجيل أن اليهود كانوا يطلقون لقب " المضلّ " على من يخالفهم فى الرأى. وإذا أطلقه العبرانيون على رجل منهم يقولون له: يا سامرى ، بدل قولهم يا مضل. وذلك لأنهم يعتبرون السامريين كفاراً. وإذا أطلقه السامريون على رجل منهم يقولون له: يا عبرانى ، بدل قولهم يا مضل. وذلك لأنهم يعتبرون العبرانيين كفاراً. وإذا سمع العبرانى عنهم كلمة " سامرى " لا يفهم منها أنها اسم شخص ، وإنما يفهم منها أنها لقب للذم. وعن هذا المعنى جاء فى إنجيل يوحنا أن علماء اليهود قالوا لعيسى ـ عليه السلام ـ: " إنك سامرى ، وبك شيطان " ورد عليهم بقوله: " أنا ليس بى شيطان ، لكنى أكرم أبى وأنتم تهينوننى. أنا لست أطلب مجدى. يُوجد من يطلب ويدين " [يو 8: 48ـ50].
(1) القصص: 8.
1
1702
تعليقات (0)