هل نبكي المسجد الأقصى

-

هل يجوز أن نبكي المسجد الأقصى ؟؟ سؤال كبير جدا , بكبر قُدسية الأقصى . ولذلك كان جوابه كبيرًا أيضا , فهو جواب تنوء به القلوب المؤمنة والنفوس الزكية والعقول المستنيرة , ولو سُئل عنه الفاروق عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) , وهو فاتح القدس , لجمع له أهل بدر يستشيرهم !!

لأن بكاء الأقصى رثاء , والرثاء لا يكون إلا للميت , فهل ما...ت الأقصى ؟!

ولأن بكاء الأقصى إعلانٌ لعجزنا عن الدفاع عنه , فهل نحن عاجزون فعلا؟! وهل يجوز أن نكون عاجزين ؟! وإلى متى سنبقى عاجزين؟!! أسئلة : كل واحد منها تنوء به العصبة من أولي القوة , وهي مع ذلك جزء من السؤال الأكبر والملحّ : هل نبكي الأقصى ؟ فما أضخمه من سؤال !!

ولأن بكاء الأقصى يعني أننا مازلنا نحبّه ونعظمه ونقدسه , فهل يمكن للمحب المعظِّم المقدِّس أن يُهمل محبوبه المعظَّم المقدَّس حتى يرثيه في موته ؟!!

ولأن بكاء الأقصى يعني أننا إما أننا سننتصر له , ليكون بكاءَ عزيزٍ استيقظ من غفلته لينتصف من أعدائه , أو أننا سنكتفي بالبكاء , ليكون بكاءَ ذلٍّ وضعفٍ واستجداءٍ لعدوٍّ شامتٍ ؟!! فإن كانت الأولى (وهو ما نرجوه) : فهل نحن مستعدون للانتصاف ؟! هل وضعنا خُطَطنا لدمعة العزّ هذه ؟!

ولأن بكاء الأقصى أصبح استفتاءً وسؤالا !! فإذا لم نبك الأقصى الآن بكاءَ المشتاق إليه بعد عشرات السنين من القطيعة , فمتى نبكيه ؟! وإذا لم نبك الأقصى بكاءَ من يراه وهو يحتضر , فمتى نبكيه؟! لننجده من معول هدمه وأنفاق النفاق والخيانة التي هي أخطر من أنفاق العداوة الصريحة !!

ولأن بكاء الأقصى صار عند بعضنا (وأخشى أني منهم) يحتاج إلى بطاقات دعوة ! وإلى خطبة رنانة تستثير دموعنا الرخيصة قبل الغالية ! وإلى مقال ساخن يسخن حداقنا الباردة لدمعة أو دمعتين !!

فهل يجوز أن يبقى هذا سؤالا ؟! وهل يجوز أن يبقى مجردَ استفتاء فقط ؟!! ومتى ستنفجر مآقينا بدموع تحرك المشاعر إلى العمل الصادق الذي لا يعرف الرضوخ ولا الاستسلام ؟!

لهذا كله لا أجد لهذا السؤال جوابا !!!

د/ الشريف حاتم بن عارف العوني

المشرف العام على اللجنة العالمية لنصرة خاتم الأنبياء (ص)

1
5875
تعليقات (0)