الإهداء
إلـى حفيديَّ مصطفى بــن رفاعة ومصطفى بن مُؤمَّل ومن يأتي بعدهما بإذن الله وتوفيقه.
وإلى كل حفيداتي وأسباطي وإلى أطفال المسلمين جميعاً
ومن خلالهم إلى أطفال العالم الذين لن يسعدهم ولن يُخَلِّصَهم من جبروت هذا العصر الذي شوه الظلم جماله، وغيّب الفساد براءته، راجياً لهم ومنهم أن يدرسوا سيرة هذا الرسول العظيم ليكونوا الجيل المنقذ الصالح المصلح كما كان صحابة رسول الله رضوان الله عليهم جميعاً، وذلك غاية السعي والجهد.
والحمد لله الهادي إلى سبيل الرشاد.
مقدمة
بقلم الدكتور محمد راتب النابلسي
كلفني أخ كريم، وصديق عزيز، وشاعر وداعية كبير، هو الأستاذ مصطفى عكرمة أن أقدم له ديواناً هو من أروع دواوينه، بل من أجمل ما نظمه في سيد الخلق وحبيب الحق، فهو داعية إسلامي من خلال شعره الصادق، ونظمه الرائع، فالمسلمون من دون دعاة إلى الله جُهّال تتخطفهم شياطين الإنس والجن من كل حدبٍ وصوب، وتعصف بهم الضلالات من كل جانب، لذلك كان الدعاة إلى الله مصابيح الدجى، وأئمة الهدى، وحجة الله في أرضه، بهم تُمحق الضلالات وتنقشع الغشاوات، هم ركيزة الإيمان، وغيظ الشيطان، وهم قِوام الأمة، وعماد الدين، هم الأمناء على دين الله يدعون الناس إلى الله بلسان صادق، وجنان ثابت، وخلقٍ كريمٍ فأعمالُهم تؤكد أقوالَهم، لذا فهم أسوةٌ ونبراسٌ يُصلِحون ما فسد، ويقوِّمون ما اعوجَّ، لا يستخفون من الناس، ولا يخشون أحداً إلا الله، ولا يقولون إلا حسناً.
ولن يفلح الدعاة إلى الله في دعوتهم إلا إذا اتّبعــوا النبي r الذي عصمـــه
الله عن الخطأ في الأقوال، والأفعال والأحوال، وأوحى إليه وحياً متلوّاً وغيرَ متلو، وألزمنا أن نأخذ منه كل ما أمرنا به، وأن ندع كلَّ ما نهانا عنه، وأن نتأسى بمواقفه وسيرته، لأنه القدوة، والأسوة الحسنة، والمثل الأعلى.
لقد كان r عابداً متحنثاً، وقائداً فذاً، شيَّد أمَّةً من الفُتات المتناثر، وكان رجلَ
حربٍ يضع الخطط، ويقود الجيوش، كما كان أباً عطوفاً، وزوجاً لطيفاً، تحققت فيه المودة والرحمة والسكن، ومثل ذلك كان صديقاً حميماً، وقريباً كريماً، وجاراً تشغله همومُ كلِّ جيرانه، وكان حاكماً تملأ نفسَه مشاعرُ محكوميه يمنحهم من مودته وعطفه ما يجعلهم يفتدونه بأنفسهم، ومع هذا كله فهو قائم على أعظم دعوة شهدتها الأرض، الدعوة التي حققت للإنسان وجودَه الكامل، وتغلغلت في كيانه كلِّه، ورأى الناسُ الرسولَ الكريمَ r تتمثّل فيـــه هــــذه الصفات الكريمة كلُّها،
فصدّقوا تلك المبادئ التي جاء بها كلَّها، ورأوها متمثلة فيه، ولم يقرؤوها في كتاب جامد، بل رأوها في بشر متحرك، فتحركت لها نفوسهم، وهفت لها مشاعرهم، وحاولوا أن يقتبسوا قبسات من الرسول الكريم، كلٍّ بقدر ما يُطيق فكان أكبرَ قدوةٍ للبشرية في تاريخها الطويل، وكان هادياً ومربياً بسلوكه الشخصي، قبل أن يكون بالكلِمِ الطيب الذي لم ينطق إلا به.
لقد دعــا النبي r إلى الله، وتـلا على قومه آيات الله، وعلمهم الكتــاب
والحكمة، وزكّى الذين آمنوا به وساروا على نهجه حتى صاروا أبطالاً، رهباناً في الليل فرساناً في النهار، يقومون الليل إلا قليلاً، وينفقون أموالهم سراً وعلانية، {يدرؤون بالحسنة السيئة}، {في صلاتهم خاشعون}، {عن اللغو معرضون}، {للزكاة فاعلون}، {فروجهم حافظون}، {لأماناتهم وعهدهم راعون}، {يمشون على الأرض هوناً، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً}، {يبيتون لربهم سجداً وقياماً}، هم {تائبون، عابدون، حامدون، سائحون، راكعون، ساجدون}، {آمرون بالمعروف، ناهون عن المنكر}، {حافظون لحدود الله}، {يجاهدون في سبيل الله لا يخافون لومة لائم}، {إذا قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم}، {زادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل} هم {رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبّه ومنهم من ينتظر، وما بدّلوا تبديلا}، {يبلغون رسالاتِ الله ويخشونه، ولا يخشون أحداً إلا الله}، {يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة}، {إذا ذُكر اللهُ وجِلت قلوبُهم، وإذا تُليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون} و{ما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله، وما ضعفوا، وما استكانوا}، {والله يحب الصابرين} {كانوا قوامين لله شهداء بالقسط}، {أذلةً على المؤمنين، أعزةً على الكافرين}، أحبوا الله، وأحبهم، {ورضي عنهم، ورضوا عنه}.
وانطلاقاً من أن الفضل ما شهدت به الأعداء؛ فقد ألَّف الباحث الفلكي الأمريكي «مايكل هاردت» عام ألف وتسعمئة وثمانية وسبعين وهو كاثوليكي المذهب، بعد أن قرأ عن عظماء العالَم الشيء الكثير، واختار من عظماء العالَم في الشرق والغرب، قديماً وحديثاً، آلاف الشخصيات، واختار من الآلاف مائةً عَدَّها من الأوائل، وجعل النبي محمداً عليه الصلاة والسلام على رأس هذه المائة بحسب المقاييس التي وضعها وهي:
قوة التأثير، ونوع التأثير، واتساع رقعة التأثير، وامتداد أمد التأثير.
هذه المقاييس طبَّقها على هؤلاء المائة، فكان النبي عليه الصلاة والسلام في طليعتها، وظل ذكره ومكانه الأول مع اختلاف أمكنة الآخرين وذكرهم في طبعات متتالية.
وقد كتــب الفيلسوف الروســي «تولســتوي» الذي انبهر بشــخصية النبي r وظهــر
ذلك واضحاً على أعماله فيقول في مقالة له بعنوان «من هو محمد»:
«إن محمداً هو مؤسسٌ ورسولٌ، وكان من عظماء الرجال الذين خدموا المجتمع الإنساني خدمة جليلة، ويكفيه فخراً أنه هدى أمة برمتها إلى نور الحق وجعلها تجنح إلى السكينة والسلام، ومنعها من سفك الدماء، وفتح لها طريق الرّقي والمدنيّة، وهو عمل عظيمٌ لا يَقْدِرُ عليه إلا شخصٌ أوتي قوة، ورجلٌ مثلُه جديرٌ بالاحترام والإجلال، وقد قدمت بعثته خدمة كبيرة للبشرية فقد أرست دعائم الصلح، والاستقرار، والرخاء، وفتحت طريق الحضارة والرقي للأجيال، ومثل هذا الشخص ــ وبلا شك ــ يستحق كل إكرام وتقدير واحترام».
وكتب الباحث الغربي واسمه بعد إسلامه كمال الدين، قال:
«كان محمد قائماً على أعظم دعوة شهدتها الأرض، الدعوة التي حققت للإنسان وجودَه الكامل، وتغلغلت في كيانه كلِّه، ورأى الناسُ الرسولَ الكريم تتمثل فيه هذه الصفات الكريمة، فصدَّقوا تلك المبادئ التي جاء بها كلَّها، ورأوها متمثلة فيه، ولم يقرؤوها في كتاب جامد، بل رأوها في بشر متحرك، فتحركت لها نفوسهم، وهفت لها مشاعرهم، فكان أكبر قدوة للبشرية في تاريخها الطويل، وكان هادياً ومربياً بسلوكه الشخصي، قبل أن يكون الكلم الطيب الذي ينطق به».
وكتب أحد المفكرين الغربيين حيث يقول:
«الحقيقة أن محمداً قد جاء برسالة لا يمكن إنكارها، وهي خلاصة الرسالات السابقة، بل وتعلو عليها، بناءً على هذا فإن رسالته للعالم دستورٌ ثابتٌ، وأقواله تنسجم وذوقَ البشر، وإدراكَ بني الإنسان في هذا العصر».
وكتب «ميلر» الكاتب البريطاني المعروف يقول في كتابه:
«بزوغ بعثـــة محمدٍ r وسطوعُ شمس الإسلام»:
«أثبت هذا النبي أن دعوته موجهةٌ للعالمين، وأن هذا الدّين المقدَّسَ يناسب كلَّ عصرٍ، وكلَّ عنصرٍ، وكلَّ قومية، وأن أبناء البشر في كل مكان وفي ظل أية حضارة لا غنى لهم عن هذا الدين الذي تنسجم تعاليمه مع الفكر الإنساني».
وكتب الكاتب الفرنسي «كورسيه» حيث يقول:
«عندما نهض محمد بدعوته وقبل وبعد انطلاق بعثته كان شاباً شجاعاً شهماً، يحمل أفكاراً تسمو على ما كان سائداً من أفكار في مجتمعه، وقد تمكن محمد بسمو أخلاقه من هداية عرب الجاهلية المتعصبين الذين كانوا يعبدون الأصنام إلى عبادة الله الواحد الأحد، وفي ظل حكومته الديمقراطية الموحدة، تمكن من القضاء على كل أشكال الفوضى، والاختلاف، والاقتتال الذي كان شائعاً في جزيرة العرب، وأرسى بدل ذلك أُسُسَ الأخلاق الحميدة، محوِّلاً المجتمع العربي الجاهلي إلى مجتمع راق ومتحضر».
وكتب الفيلسوف البريطاني «توماس كاريل» وقد خصص من كتابه فصلاً لنبي الإسلام، بعنوان «البطل في صورة رسول» وقال فيه:
«وواللهِ لقد كانت في فؤاد ذلك الرجل الكبير ابن القفار والفلوات، المتورِّد المقلتين، العظيمِ النفس، الرحمةُ والخيرُ والحنانُ والبر والحكمة»
وكتب مؤرخ مسيحي عقب معركة حطين:
»إن المسلمين لم يؤذوا أحداً، ولم ينهبوا مالاً، ولم يقتلوا مُسالماً، ولا مُعاهداً، وإن من شاء منا خرج وحمل معه ما شاء، وإنّا بعنا المسلمين ما فضُل من أمتعتنا، فاشتروها منا بأثمانها، وإننا نغدو ونروح آمنين مطمئنين، لم نرَ منهم إلا الخير والمروءة، فهم أهل حضارة وتمدُّن«.
وصدق المؤرخ الفرنسي غوستاف لوبون الذي قال: «ما عرف التاريخ فاتحاً أرحم منهم».
وهذه رسالة أرسلها ملك البلاد الأربعة (إنكلترا والغال والسويد والنروج) بصحبة ابنة أخيه الأميرة «دوبانت» ورئيس ديوانه على راس بعثة مكونة من ثماني عشرة فتاة من بنات الأمراء والأشراف إلى إشبيلية لدراسة نظام الدولة والحكم وآداب السلوك وكل ما يؤدي إلى تهذيب المرأة، وقد جاء في الرسالة:
«من ملكِ البلادِ الأربعة إلى الخليفةِ ملك المسلمين في مملكة الأندلس صاحب العظمة الجليل المقام، وبعد التعظيم والتوقير فقد سمعنا عن الرقي العظيم الذي تتمتع بفيضه الصافي معاهدُ العلم والصناعات في بلادكم العامرة فأردنا لأبنائنا اقتباسَ نماذجَ من هذه الفضائل لتكون بدايةً حسنةً في اقتفاء أثركم لنشر أنوار العلم في بلادنا التي يسودها الجهل من أربعة أركان، ولقد وضعنا ابنة شقيقنا على راس بعثةٍ من بنات الأشراف تتشرف بلثم أهداب العرش، والتماس العطف لتكون مع زميلاتها موضع عناية عظمتكم، وحماية الحاشية الكريمة وحدبٍ من اللواتي سيتوافرون على تعليمهن، ولقد أرفقت معها هدية متواضعة لمقامكم الجليل أرجو التكرم بقبولها مع التعظيم والحب الخالص، من خادمكم المطيع ملك البلاد الأربعة».
وأما حقيقـة سيدنا محمد r من كتب المسلمين، فقـــد وصف بعض كتـــَّاب السـيرة
شخصية النبي r التعاملية فقالوا:
«لقــد كـــان r جمَّ التواضـــع، وافرَ الأدب، يبدأ الناسَ بالسلام، ينصرف بكلِّــه
إلى محدِّثه صغيراً كان أو كبيراً، يكون آخرَ من يسحب يده إذا صافح، وإذا تصدق وضع الصدقةَ بيده في يد المسكين، وإذا جلس جلس حيث ينتهي به المجلس، لم يُرَ ماداً رجليه قط، ولم يكن يأنف من عمل لقضاء حاجته أو حاجة صاحب أو جار، وكان يذهب إلى السوق ويحمل بضاعته ويقول: «أنا أولى بحملها». وكان يجيب دعوة الحر والعبد والمسكين، ويقبل عذر المعتذر، وكان يرفو ثوبه، ويخصف نعله، ويخدم نفسه، ويعقل بعيره، ويكنس داره، وكان في مهنة أهله، وكان يأكل مع الخادم، ويقضي حاجة الضعيف والبائس، يمشي هوناً خافض الطرف متواصل الأحزان، دائم الفكر لا ينطق من غير حاجة، وكان طويل السكوت، إذا تكلم تكلم بجوامع الكلم، وكان دمثاً ليس بالجاحد ولا المهين، يعظِّم النعمَ وإن دقّت، ولا يذم منها شيئاً، ولا يذم مذاقاً ولا يمدحه ولا تغضبه الدنيا ولا ما كان لها، ولا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها، إذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض بصره، وكان يؤلّف ولا يفرّق، يقرّب ولا ينفّر، يكرّم كريم كلِّ قومٍ ويوّليه عليهم، يتفقد أصحابه، ويسأل الناس عما في الناس، يُحسِّن الحسنَ ويصوّبه، ويقبّح القبيحَ ويُوهنه، ولا يقصِّرُ عن حقٍ ولا يجاوزه، ولا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه، من سأله حاجة لم يَردُّه إلا بها، أو ما يسرُّه من القول، كان دائم البشر، سهل الخلق، لَينَ الجانب، ليس بفظٍ ولا غليظٍ، ولا صخّاب ولا فحاشٍ، ولا عيّاب، ولا مزّاح، يتغافل عما لا يشتهي، ولا يخيب فيه مؤملُّه، كان لا يذمُّ أحداً، ولا يعيّره، ولا يطلب عورَته، لا يتكلم إلا فيما يُرجى ثوابُه، يضحك مما يضحك منه أصحابُه ويتعجب مما يتعجبون، ويصبر على الغريب وعلى جفوته في مسألته ومنطقه، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوزه».
والحديث عـن شــمائله r حديث يطول لا تتسع لـه المجلدات ولا خطبٌ في
سنوات، ولكن الله جل في علاه لخصها بكلمات فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظيمٍ}.
والآن وبعد هذه الجولة المتواضعة على بعض ما قيل في هذا الرسول الكريم من مسلمين وغير مسلمين أدعو القارئ الكريم إلى أن يعيش مع ما ضمه هذا الديوان مما ألهمته محبة محمد صلوات ربنا وسلاماته عليه وما أملته الغيرة على هذا الصديق الشاعر بحق فكان هذا الديوان مؤملين منه المزيد بتوفيق الله مما عودنا عليه.
أسأل الله أن يجعل هذا الديوان في ميزان حسنات الأستاذ مصطفى، وأن ينفع به المسلمين، والله ولي التوفيق.
د. محمد راتب النابلسي
أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن
والسنة الشريفة
بسم الله الرحمن الرحيم
إضاءةٌ متواضعة
الحمد لله الذي أتم فضله على العالمين ببعثة خاتم المرسلين الذي جُمعت برسالته الرسالات فنقّتها وخلّصتها من كلِّ تبديل وتحريف، وأراد هذه الرسالة الخاتمة جل شأنه إنقاذاً وإسعاداً للكائنات.. أسألك اللهم يا من جل شأنك وعظم سلطانك أن تصلي وتسلم وتبارك عليه بقدر ما أحببتَه باختيارك له ليكون رحمتك الكبرى للعالمين جميعاً فأتممت نعمتك عليهم به، وزده يا رب صلاة وتسليماً بقدْرِ ماأحبّك، وأحمدك وأشكرك على اختياره لهذه الرسالة الخاتمة الجامعة المانعة المنقذة أبداً، وأشكرك اللهم الشكر كله أن جعلتني من المؤمنين بها، كما أسألك اللهم أن تلهمني وتلهم أمتي محبته واتباعه حتى نلقاه آمنين مطمئنين مستبشرين ونحن على حوضه الشريف المورود فائزين بشفاعته لديك فننال بذلك رضوانك، والفوز الأعظم برؤية وجهك الكريم يا أرحم الراحمين.
وبعد:
فإن محمداً ــ صلوات الله وسلامه عليه ــ سيبقى فوق كل وصف، وأسمى من كل مديح جاءت به البشر أو ستجيء.. لقد عجزت الأقلام، وكلّت الألسنة دون ذلك، وتطامنت العقول عن الإحاطة الكاملة بعظمة هذا الرسول الخاتم أكملِ خلق ربنا وافضل..
ومن نظر في تاريخ الأنبياء والمرسلين عليهم جميعاً صلوات ربنا وسلاماته وينظر في سيرته قبل بعثته الشريفة وبعدها سيجد أنه أهلٌ لِما اختصه الله به، إذ عصمه في كل موقف من مواقفه، وفي كل عمل من أعماله، وفي كل قولٍ من أقواله فقد تجسّدَ في كل ما كان منه المثلُ الأعلى للصلاح والكمال، فكان أهلاً لحمل هذه الرسالة الجامعة الخاتمة.
ولو جُمع كل ما قيل عن الأنبياء والمرسلين ومعهم عظماء الأمم والصالحين عبر الزمان، وقورن بما كُتب وألِّف ودُبِّج عنه صلوات ربنا وسلامه عليه لزاد عنهم أضعافاً مضاعفة، وليس هذا في لغة قومه ومن أتباعه فحسب، بل في سائر اللغات ناهيك عن ذكره في كل ثانية من ثواني الدقيقة الستين، وربما بأجزاء هذه الثواني على مدار الوقت في أرجاء المعمورة كلها، وفي تسبيح الملائكة ربَّهم والصلاةِ عليه، وقد ألهمني الله فهم هذا المعنى على هذا النحو فقلت:
في كل ثانية لذكرك مولدُ
|
|
تحيا بها روح الأنامِ وتُسعدُ
|
وقلت:
ما زاده منا المديح ونحن من
|
|
بمديحه نجد الفخار ونُحمَدُ
|
ورحم الله الشاعر الذي قال:
أنا ما مدحت محمداً بقصائدي
|
|
لكن مدحتُ قصائدي بمحمّدِ
|
وحسبنا دليلاً على هذا أن آلاف العلماء من هذه الأمة النابغة الذين زوّدهم الله بالفضل، وزينهم بالعلم، ومعهم كل المفكرين والأئمة المرشدين، أدباء وقادة ومربين وفلاسفة ومصلحين حسبنا منهم أنهم يقرون طوعاً بأنهم لم يدركوا كل ما كان منه صلوات ربنا وسلاماته عليه ــ وليس في هذا أدنى مبالغة، ولا ننسى أنه الأمي حقاً.
وقد ألهمني هذا الفهم لحقيقته صلوات ربنا وسلاماته عليه فقلت في قصيدة »يا صبح يا صبح« المثبتة في ديواني »معارج« الصادر عن مكتبة العبيكان في الرياض عام 2003، وأرى نقل هذه الأبيات منها:
يا صبح يا صبح في أقوالنا ظمأٌ
|
|
فكيف نُذهِب جوعاً هدّد الكتبا
|
نُملي من الكتْب آلافاً مؤلفةً
|
|
ولا نحس بها معنى ولا أدبا
|
وقولةٌ من رسول الله واحدةٌ
|
|
تمضي القرونُ وتبقى روح ما كُتبا
|
كم أيقظت أمماً طال الرقاد بها
|
|
وجدّدتها فنالت بعده الغلبا!
|
وكم أعادت لذي شكٍ بصيرتَه
|
|
وكم ازالت فما أبقت بنا ريبا!
|
وتغمر الأرض والأكوانَ حكمتُها
|
|
ولم تغادرْ لعلمٍ نافعٍ سببا
|
والباحثون ومَن للعلم قد نهدوا
|
|
ومن أضاعوا بعلم واحدٍ حقبا
|
والبالغون من الدنيا مراتبها
|
|
والمانحون بها الألقاب والرتبا
|
لم يبلغوا بعض ما قد قال أحمدنا
|
|
وهو الذي عاش أميًّاً وما كتبا
|
وقولُه الحقُّ عبر الدهر ما شُجِبا
|
|
ولا ارتضى الحقّ ألا نهجَه نسبا
|
وحسبنا القول هنا قول رب العزة والجلال..
{وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى}.
ونعود للقول:
من ينكر من العلماء المنصفين في العالم كله فضل خلفاء أمتنا وقادتها وعلمائها وأئمتها على مر العصور، وهل يجد الباحث مهما دقق وحقق واحداً منهم إلا وقد أقر بفضل هذا الرسول الكريم، واعتبر نفسه طوعاً أنه تلميذٌ جدّ واجتهد ليفوز بما يقربه إلى مقام هذا الرسول العظيم.؟
أليس في هذا دليل على ما ذهبنا إليه؟
ونجد هذا جلياً مع تقدم العلم وتطوره صادقاً كل الصدق، وليس في مجال واحد فحسب إنما في أهمِّ وأدقِ مجالات العلم والحياة.
من يتصور من كل علماء الفضاء ومصممي مركباته والمنطلقين بها والمتحكمين بمصيرها أن رجلاً اجتاز السموات كلها في جزء يسير من ليلة واحدة وعاد منها إلى موطنه الأرضي دون أن يفقد شيئاً من قدراته الجسدية والفكرية ليجابه بما رآه في رحلته أعتى عتاة أعدائه ممن أنكروا عليه أدنى وأبسط ما كان في دعوته من أخلاق يقرّون بها ويؤمنون في قرارة أنفسهم بصدقها وما ذلك إلا لأنها صدرت عنه، ولأنهم هم الذين سمّوه «الصادق الأمين»، وما كانت تسميته هذه منهم إلا حقاً وصدقاً ونتيجة لما عرفوه به وعنه، وحسبه وحسبهم ذلك، لكن من عرف هذا الرسول الكريم ودرس سيرته يقرُّ له بتلك «الرحلة المقدسة» التي تعجز كل العقول غير المؤمنة عن أن تتخيلها، لكن المؤمنين برسالته يؤمنون بها وبأمثالها من المعجزات حقَّ الإيمان وتلك هي عظمة الإيمان برسالة هذا الرسول العظيم وصدقه.
هل بمقدور أيٍّ من علماء هذا العصرِ العجيب بتطوره والذين اجتمعت لهم كل علوم الأرض أن يتصوّروا هذه الحقيقة؟.
أليس التسليم بها فوق كل علومهم.. فما بالهم إذا كانت حقيقة آمن بها كل من عرفوا من هذا الرسول صدقه وأمانته وما جرّبوا عليه كذبة قط مع ما كانوا يناصبونه من عداء!.. فما بالهم والمؤمنون برسالته ما يزالون يقرون بها وسيظلون مؤمنين مقرين بصدقها أبداً.
بشر هذا شأنهم منذ أكثر من أربعة عشر قرناً ونصف القرن لا بد من أن نسلم بكل ما كان منه ومنهم دونما حرج، وإنما بكل فخر واعتزاز.
ومثل علماء أمتنا بمعرفته صلوات ربنا وصلواته عليه نجد سائر المنصفين من علماء العالم برمته نجدهم سواءً بحقيقة هذا الرسول العظيم ودعوته الخالدة، وفي الشذرات التي جاءت في مقدمة السيد الدكتور راتب النابلسي حفظه الله ونفع به ما يؤكد ذلك.
والكتب والدراسات والشهادات لهؤلاء العارفين المنصفين أكثر من كثيرة، وحسبنا منها هنا أن نذكر كتاب «المئة الأوائل» لما يمثله من دقة في العلم وأمانة مشهودٍ لها بالنقل.
فهل أنا مُطالَبٌ بتواضع ما عندي، وقلة معرفتي أن أقدِّم عن هذا الرسولِ الكريم ما عجز عنه هؤلاء جميعاً؟.
وهل لسواي أن يزعم بأنه أحاط بهدي محمد صلوات ربنا وسلاماته عليه علماً، ويقرَّ نفسَه على أن ما قاله ليس عليه من مزيد؟!.
لا، وألف ألف لا.
لقد شاء رب العزة والجلال أن يكون لخير خلْقه الكمالُ البشريُّ بكل قول وعمل، وحسبه وحسبنا أن الله سبحانه وتعالى حفظه وعصمه عن أن يقول قولاً عن هوىً، أو أن يفعل أو يعمل أو يقر عملاً عن مصلحة خاصة به أو بأدنى عشيرته وأقربائه، أو صحابته الأخيار، أو قومه، وتكفينا الإشارة هنا إلى قوله بكل وضوح أن ما جاء به إنما هو :
{تنزيلٌ ممّن خلق الأرض والسموات العلى..}. ولم ينسب لنفسه أدنى شيء منه على عظمة ما فيه وخلوده.
وفوق هذا كلّه فقد جعل جل شأنه السعادة والنجاة في اتباعه والتأسي به، بل إنه نفى عن كل مخلوق أن يكون مؤمناً إلا إذا اتّبعه وحكّم شرعه في كل أمر من أمور الحياة لأنه القدوة المثلى في كل أمر من أمور الحياة.. {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم}. وليس هذا فحسب أيضاً بل جعل هذا الإيمان صادراً عن قناعة مطلقة ورضاً وتسليمٍ كاملين، وعن يقين ثابتٍ بأن ما شرعه هو الحق دون سواه، وهو الصلاح وسبيل الإصلاح، وبه الفوز ولا فوز إلا به ولا نجاة إلا في اتباعه فأتم الآية الكريمة بقوله سبحانه وتعالى: {ثم لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.
فإذا تحقق هذا الإيمان على هذا النحو فإنه سينال القبول عند الله رب العالمين، ويكون ممن أحب هذا الرسول حقاً.
هذا هو قدر هذا الرسول العظيم صلوات ربي وسلاماته عليه عند رب العالمين الذي زكاه تزكية خاصة بقول: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}. وطمأنه بقوله:
{فإنك في أعيننا}.
فماذا عسى عند كل كتّاب الأرض ومفكريها وشعرائها وأدبائها أن يضيفوا على ما قدّره رب العالمين.
وقبل أن يفكروا بما قد يضيفون، هل لهم أن يزعموا أنهم أهل لذلك؟!.
شواهد التاريخ التي أثبتت صدق سيرته، ودقة تفصيلاتها تؤكد صدق ما ذهبتُ إليه، ومرّةً ثانية ليس في هذا أدنى مبالغة، وليقدم حجته على غير هذا الاقتناع من لم يؤمن بصحة هذا المصير.
هذا بعض ما يمكن أن يقال في هذه المقدمة العاجلة.
أما في رسالته وهديها صلوات ربنا وسلاماته عليه فهي المحفوظة بكل دقائقها وتفصيلاتها دون سواها من الرسالات لأنها الخاتمة والجامعة.. وقد قال عنها من شاءها كذلك:
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.
وقد قلت مستلهماً هذا المعنى العظيم:
ما بدّل الدهرُ حرفاً من رسالته
|
|
فحفظها عند رب العرش مكفولُ
|
كم بدّلت قبله أديانَها أممٌ
|
|
وتم منه لما قد صح تأصيلُ
|
فنحن إذاً أمام صلاح كل قولة من أقواله، وكل سنّةٍ من سننه إذ كل ما كان منه كان بوحيٍ من ربّه ـ كما أسلفنا ـ، ولو ان هناك أدنى شك بعصمته في كل أمر من أمور سننه وهديه لتسرب الشك إلى الكثير منها بحقد الحاقدين، وإرجاف المرجفين.
وتفاصيل سيرته عليه الصلاة والسلام تعد بعشرات آلاف الصفحات وهي معروفة ومتداولة في لغات كثيرة، ولو كان شيء من ذلك لما بقيت سننه صالحة مُصلحة وهادية ومرشدة لم يؤثّر على صلاحها وقدرتها على الإصلاح مرّ الزمان واختلاف المكان.
ولا يهولنك ما تسمعه من أقوال الحاقدين الذين لم تكن ادعاءاتهم وافتراءاتهم إلا حقداً وجهلاً وحسداً.
فهل على وجه الأرض من هم أسعد منا بهذا الرسول العظيم؟!.
وهل هناك جهلٌ فوق جهل من لم يهتدوا بهديه ويحكموه في أمور حياتهم طالما أن رب العالمين {الذي يعلم السر وأخفى} وهو الذي {يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} وهو الذي هيأه وصنعه على عينه ليكون رحمته لجميع خلقه، أجل هل له إلا أن يسلِّم بصدق رسالته وصلاحها!.
ألم يكن صلوات ربنا وسلاماته عليه رحيماً حتى بالحيوان؟!
كم حديث من أحاديثه الشريفة ينهي فيه عن تعذيب الحيوان أو إيذائه!
أما انتصر للقبّرة التي أخذ أحد الصحابة رضوان الله عليهم جميعاً ولدها فشكت إليه فقال: من فجع هذه بولدها؟
ألم ينتصر للجمل الذي حمّله صاحبه فوق ما يطيق فجاءه شاكياً باكياً فأدرك حاجته فأنصفه؟!
ألم يأمر الذابح الا يذبح نعجةً أمام أخت لها تراها رحمة بها من رؤية دم أختها يسيل؟!
ألم يَحِنَّ الجذع إليه ويشتكي له من ألم فراقه؟!
ألم يكن شفوقاً بجبل أحد حين ماد من فرحه به وبصحبه لما علوْا ظهره؟!
ألم يخاطبه بقوله: «اثبت أحد»؟!
ألم يقل: «أُحُدٌ جبلٌ نحبه ويحبنا»؟!
أين مثل هذه الرحمة، وأين مثل هذه الإنسانية التي فاضت حتى على الجماد بعد أن وسعت ألد الخصوم والأعداء؟!
وكل من اطلع على سيرته العطرة فإنه واجدٌ أنه جاهد في الله حق جهاده، وتحمل من الأذى ما لم يتحمله كل الأنبياء من قبله في كل مجالٍ من مجالات الإيذاء؟!
لقد أوذي في نفسه بالتكذيب وهو عندهم الصادق الأمين؟ أما آذوه في صحابته، وفي أهله، ألم تُشجَّ وجنتُهُ وتكسر رباعيتُه؟! كم شُتم وحوصر حتى أخرجوه من مكة المكرمة أحب بلاد الله إليه وهو الصابر الرحيم حتى بمن آذاه وعاداه وأصر على قتله عمداً وجهاراً ولم يخرج إلا بعد أن أمّن من يرد لهم ودائعهم التي ما رأوا سواه أميناً على حفظها لهم رغم عداوتهم له، فإذا تمكن منهم وأتوه أذلاء صاغرين قال لهم: «اذهبوا فأنتم الطلقاء» في حين أنه كان قادراً على أن ينتقم منهم جميعاً، ولو فعل لكان عادلاً ومنصفاً وغير ملام في انتقامه.. لكنه كان كما قال عنه ربه {بالمؤمنين رؤوف رحيم}. و{وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}.
ذلكم هو بعض ما كان من هادي البشرية ورحمتها في كل زمان ومكان، ونحن والعالم معنا مع جديدٍ مفيدٍ يُكتشف عنه، وآيات إعجازٍ تؤكّد صدق رسالته وصلاح دعوته وعظمة خلقه وحميد سيرته صلوات ربنا وسلاماته عليه، وهذا مما تفرد به دون خلق الله أجمعين.
ومع أن ما كتب عنه يتجاوز ملايين الصفحات وما قيل في مدحه كذلك وما تحدث الناس عنه يزيد على عشرات الملايين من الساعات ومع كل هذا فإننا نرى دائماً بفضل الله وحكمته من يأتي عنه بجديد أو أن يقدم عنه ما يفيد بأسلوب يناسب الزمان والمكان.
وليس هذا بعجيب ولا مستغرب عن رجل شاءه وهيأه فاطر السموات والأرض ليكون رحمته وهو الرحمن الرحيم بعباده أجمعين ليكون قدوة العالمين على مرّ الدهور والسنين وما قاله عنه لم يقله عن سواه {وإنك لعلى خلق عظيم}..
ولقد قال عنه جل شأنه: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} وليس هذا فحسب.. فبعد حب الله لنا باتباع رسوله تكون المغفرة {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم}، واتباعه صلوات ربنا وسلاماته عليه الذي ننال به محبة الله وغفرانه لا بد من أن نؤديه بقناعة ورضا وتسليم يليق بقدره الرفيع الشريف فيملأ الأملُ قلوبنَا، وتعمرَ الثقةُ أنفسنا بقبوله عند من {يعلم السر وأخفى}، و{يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور}.
فالاتباع ليس مجرد قول نتلفظ به، أو أشعار ننظمها، أو حركات نؤديها، ومظاهر نحسب أننا نتعبد بها، إنما هو إيمان بالقلب مستقر راسخ، وعمل نؤديه بكل الحب والصدق والإخلاص في السر والعلن، فإذا حققنا ذلك في نفوسنا وأعمالنا تحققت لنا كل الطمأنينة، ونلنا السعادة، وصلحت سائر الأعمال الفردية والأسرية والاجتماعية والوطنية ومعها الإنسانية في كل مراحل الحياة ومجالاتها.
ولكي يتحقق لمن كُتب لهم ومن أجلهم هذا الديوان «عذراً رسول الله» سيجد القارئ الكريم أنني حاولت التعبير عن هذا الرسول الكريم بما قدرت عليه من كلمات بسيطة وأوزان رشيقة ــ فيما أحسب ــ وتعبيرات سهلة تجعل ما تحدثتْ عنه هذه القصائد سهلة المنال، يسيرٌ حفظها يحلو لقارئها ترديدها، والتغني بها، فقد يسر الله لكثير منها أن أخذت طريقها إلى العديد من وسائل الإعلام، وها هي تصدر بحمد الله وتوفيقه في كتاب بعد أن صدرت أخواتها منذ عشر سنوات في ديوانٍ سميته «محمديات»، كما سيصدر مثيلٌ لها ديوانٌ خاصٌّ عن رسول الله كتبته للأطفال والناشئة.
وإن أول ما أنبّه إليه هو أنني لا أدّعي لنفسي من خلال هذه القصائد أنني قد جئت بما أتمناه ويتمناه لي أحبابي في الله من إعجاز أدبيٍ وبلاغةٍ باهرة ساحرة، وُفِقتْ قبلي إليها الأوائل.. أبداً لم يكن هذا قصدي وإن كنت أنشده وأتمناه، وإنما القصد، وليس هذا عذراً عنها بقدر ما هو اعتذارٌ مني عن كل تقصير أو تشابهٍ في هذه المجموعة وفي غيرها.
فأنا لست سوى محبٍ مجتهدٍ يطمح أن يُحبِّبَ للناس الاقتداء بهذا الرسول العظيم الذي قدّمت عنه بما قدّمت. مع محافظتي فيما أعلم على عدم الجنوح أو التطرف أو المغالاة مما يقع كلّه تحت عدم سلامة التوحيد.. فمع عدم سلامة التوحيد لا تنفع نيّة، ولا يُجدي قولٌ ولا عمل.
أسأل الله سبحانه وأرجو من كل قارئ كريم أن يسأل الله لي المغفرة عن كل تقصيرٍ أنا أهله.. وأتوسل إليه جلّ شأنه وعظم سلطانه بأسمائه وصفاته أن ينيلني هذه المغفرة المرجوة قبل كل شيءٍ وبعده، وأن ينفع بهذا الجهد المتواضع الخجول، وأن يتقبلني في عباده الصالحين، وأن يشمل بغفرانه والديّ وزوجتي وأولادي وذرّيتي.. بعد غفرانه لكلَّ من أحبَّ هذا الرسول العظيم واتّبع سنته الشريفة فهو القادر على ذلك وهو العفوُّ الغفورُ.
وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه محمد وعلى أصحابه وسلم وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
والحمد لله رب العالمين.
دمشق 7/1/1429هـ.
مصطفى عكرمة
ما ضرّ قدرك
|
|
|
ما ضرّ قدرَك حاقدٌ أو جاحدُ
|
|
فعظيم قدرك يا محمدُ زائدُ
|
الله شاءك قدوةً عبر المدى
|
|
وعلى صلاح هداكَ ربُّك شاهدُ
|
والعالمون بما حُبيت فضائلاً
|
|
شهدوا بأنك في الفضائل واحدُ
|
ستظل عبر الدهر قدوة أهلهِ
|
|
ويزيد قدرَك أن يُرى لك حاسدُ
|
فالحاسدون على الكمال دليلُنا
|
|
أن الحسود لكل فضلٍ جاحدُ
|
|
|
|
يا أمتي
|
|
|
لو لم تكوني أمّتي يا أمّتي
|
|
لقضيتُ عمري في هواكِ تهجدا
|
حسبي وحسبكِ أن يكونَ محمدٌ
|
|
منّا، وما وسِعَ الزمانُ محمدا
|
|
|
|
|
|
|
منية النفس
|
|
|
يا شهيداً على الأنام جميعاً
|
|
ولرب الأنام كنت المطيعا
|
منية النفس أن تزور عيوني
|
|
لو بنومي عسى أراك الشفيعا
|
|
|
|
|
|
|
رؤية حقيقية
|
|
|
قبّلت رجْلَ محمدٍ بمنامي
|
|
فجنيتُ منها غايةَ الإكرامِ
|
ورفعتُ كفيّ للإله تضرُّعاً
|
|
أني أقبلها بغير منامِ
|
عــذراً رسـولَ الله
|
حُبُّكَ السَّعدُ والمُنى والأمانُ يا رسولاً عزَّت بكَ الأكوانُ
|
بِك تمَّت رسالة اللهِ للنّاسِ، ونالتْ نعيمَها الأزمانُ
|
واطمأنَّ الأنام لم تشقَ رُوحٌ كيفَ تشقى وفي هُداكَ الضمانُ!
|
أعظمَ الخُلْقِ كانَ خُلْقُكَ يا من خاتمَ الرسْلِ شاءكَ الرحمنُ
|
جمعَ الله للأنام بكَ الرّحمةَ لمّا تنزّل القرآنُ
|
أيُّها الصادقُ الأمينُ بقومٍ هُمْ على ضعْفِ أهلِهمْ فرسانُ
|
يتبارون بالعِـداء على الأهلِ فلا حُرمةٌ لديهم تُصانً
|
صادقاً عشتَ بينهم وأميناً وعفيفاً ما زلَّ منكَ لِسانُ
|
كلُّ ما قُلتَ أو فعلتَ بوحيٍ بشّرت فيهِ قبلَكَ الأديانُ
|
أجمعوا حِقدَهمْ عليكَ جِهاراً و بِكُلِّ الأذى عليك استعانوا
|
و سوى الحُبِّ ما لديكَ سِلاحٌ وعلى الحُبِّ كُنتَ مِنهُم تُدانُ
|
أوَما في هداكَ صاروا سواءً لم تفرقْ ما بينهم ألوانُ؟
|
لا ولا فرّقت ديارٌ فهمْ في شرعكَ الحقِّ كلُّهم إخوانُ
|
كم شملتَ الطيورَ منك بعطفٍ ولكم نالَ عطفكَ الحيوانُ!
|
ولكم كنتَ بالجمادِ شفيقاً «أُحُدٌ» عن عجيبه ترجمانُ!
|
ولكم ْكنتَ بالخصومِ رحيماً هكذا أنتَ دائماً إنسانُ!
|
كلّما زادَ حِقدُهُم زِدْتَ حِرصاً أن يثوبوا، و زادَ مِنكَ الحَنانُ
|
وسِعَ الحاقدينَ حلمُكَ فيهم فإذا هم على التقى أعوانُ
|
قدْ شفاهم هداكَ من كلِّ داءٍ وجهاداً لله صارَ الهوانُ
|
فبلالٌ أخو صهيبٍ وسعدٍ وأبو بكر ندّهُ سلمانُ
|
حملوا شرعكَ الحنيفَ إلى الكونِ فأمسى وكلُّهُ اطمئنانُ
|
فتحهُمْ للقلوبِ كان بشيراً أن بالحبِّ تُفتحُ البلدانُ
|
ما اشتكى من فتوحهم إنسانُ لا ولا عابَ فتحَهمْ رهبانُ
|
كيفَ لا تُفتحُ القلوبُ ابتهاجاً بفتوحٍ يقودها القرآنُ!
|
فإذا همْ على الزَّمانِ هداةٌ وإذا الأرضُ من هداهمْ جِنانُ
|
*** |
يا رسولَ الهدى ويا أرحمَ النَّاسِ على الدَّهرِ أينما النَّاسُ كانوا
|
أيُّها الرحمةُ التي وسِعتْ كلَّ زمانٍ، ولمْ يسَعها الزَّمانُ
|
لم تُفرِّق ما بينَ قاصٍ ودانٍ لمْ يضِقْ منكَ بالأنامِ جَنانُ
|
أيقظَ الشّرَّ بعدَ عدلِكَ قومٌ قادهمْ في ضلالهم شيطانُ
|
فإذا الكونُ في صراعِ فناءٍ ليسَ في عقلِ مُسعِريهِ اتِّزانُ
|
عمَّ فيهِ الدَّمارُ، واستعرَ القتلُ فمادتْ من كوننا الأركانُ
|
مدُنٌ قدْ أبادها الظلمُ عمداً وادّعى أنَّ سحقها إحسانُ
|
ما نجا الطفلُ لا ولا الشيخُ ناجٍ من أذاهمْ ولا نجتْ نسوانُ
|
فالألوفُ التي أُبيدَتْ جهاراً غيّبوها وما لها أكفانُ
|
وعليكَ الجُهَّالُ صَبَّتْ حقوداً دونها في سعيرها النيرانُ
|
هكذا الغربُ ردَّ فضلَ فتوحٍ لن ترى مِثلَ عدلِها الأزمانُ
|
هكذا الأمرُ حينما اللهُ يُنسى آمرٌ ظالمٌ وفسقٌ و حانُ
|
حكمةُ اللهِ أن يُسوَّدَ طاغٍ لنرى أنَّ حظَّهُ الخذلانُ
|
حكمةُ اللهِ ما لها من مردٍ كلُّ طاغٍ مهما استبَّدَ جبانُ
|
أنكروا قدْركَ الفريدَ سفاهاً فإذا الكونُ مُنكِرٌ غضبانُ
|
راجمُ الشمسِ لن يضيرَ سناها لا ولن يحجُبَ الشموسَ دخانُ
|
فليَزِدْ حِقدُهمْ فليسَ مُضيراً فبحفظِ الإلهِ أنتَ تصانُ
|
خيرَ خلقِ الإلهِ كنتَ وتبقى وسيرتدُّ دونكَ العدوانُ
|
لو درى الحاقدونَ رحمتكَ الكبرى بمن ضلَّ لمْ تَثُرْ أضغانُ
|
ليتَ من أنكروا هُداكَ تَحَرَّوْا بعضَ ما قد علَّمتَهُ واستبانوا
|
فإذاً لانتهى الشقاءُ من الأرضِ وزالت من كوننا الأشجانُ
|
ولأمسى الحقدُ الدفينُ وداداً ولسادَ التُّقى وعمَّ الأمانُ
|
*** |
يا رسولَ الهدى إليكَ اعتذاري إنْ عصتني في مدحِكَ الأوزانُ
|
فاقبلِ الدمعَ يا حبيبي شفيعاً فدموعي عمَّا أعاني بيانُ
|
كمْ على الحقِّ قدْ تطاولَ طاغٍ وعلى الروضِ كمْ سطّتْ غِربانُ!!
|
فإذا بالبُغاث تُمسي نسوراً وإذا البومُ صوتُهُ ألحانُ
|
وإذا ما أتتْ به الرُّسْلُ ضلالاتٌ لديهم، وكذبُهم فرقانُ ذ |
قيمُ الحقِّ كُلُّها وأدوها واستطابوا ما عافهُ الوجدانُ
|
هكذا الظلمُ عادَ يفتِكُ بالكونِ، و عادت كي تُعبدَ الأوثانُ
|
*** |
سيدي سيدي حنانَك إني لمْ يَعُدْ لي من ذُلِّ قومي لسانُ
|
أرهبَ الكونَ بعد عدلكَ ظُلمٌ وتفشّى في المسلمينَ الهوانُ
|
أهملوا شرعَكَ الحنيفَ فضلّوا فإذا هم لضعفهم قطعانُ
|
وتفرُّ القطعانُ إن يَعْوِ ذِئبٌ ونرى أنّ حِصنَنا الذِئبانُ
|
أممُ الأرضِ قدْ تداعتْ علينا وحّدتها الأطماعُ والأضغانُ
|
ربِّ إن العراق شاهدُ حقٍّ كيف تمحى بأهلها البلدانُ
|
ودَّت النارُ لو تصيرُ مياهاً حين ترمى عليهم النيرانُ
|
وعيونُ الولاة تغفو على الذلِّ، وقومي كأنَّهم ما كانوا
|
وأرى غزّةً إليك تشكّت وبكى من مصابها الصوّانُ
|
لم يُشاهدْ كصبرِ غزّةَ صبرٌ لا ولامثلِ حزنها أحزانُ
|
أهلها الأهلُ في الثباتِ جبالٌ وبقلبِ الأعداء هم بركانُ
|
ما ثناهم عن الجهاد حصارٌ لا ولا فلَّ عزمَهم عدوانُ
|
كلُّ حقدِ الطغاة صبُّ عليهم، وعليهم تألّب الطغيانُ
|
ويرون الأعداء أهون ممن هم عليهم لخصمهم أعوانُ
|
حكمة الله أن يعانوا امتحاناً ألف حاشاك ربَّنا أن يهانوا
|
كلَّ آنٍ منهم نرى شهداءً ما نمَت بعد منهم الأسنانُ
|
وشيوخاً بدونِ ذنبٍ أبيدوا وأبيدت أضعافهم نسوانُ
|
كلَّ آنٍ يردون والقومُ موتى لم يعد في رؤوسهم وجدانُ
|
وتثير الأمواتُ حيناً إباءً وموات الأحياء منه الهوانُ
|
فتنةٌ ما لها مثيلٌ أضلَّت من بظلمٍ غدا لهم سلطانُ
|
أُمروا أن يدانَ كلُّ جهادٍ فإذا حقُّ أهلهم بهتانُ
|
وإذا بالأباة زمرة إرهابٍ لديهم، تقودها غلمانُ
|
ما لهم غير أن يبادوا جميعاً بيدينا وإن همو لم يدانوا
|
هكذا ربّةُ التمدُّنِ شاءتْ وأقرت ما شاءت العُبدانُ
|
ربِّ أنت العليمُ أنهم الجندُ لنصرٍ هفا إليه الزمانُ
|
وهم الدينُ خالصاً في زمانٍ كاد يطوى في قومه القرآنُ
|
لم يعد غيرَهم لدينا رجالٌ فبهم قد تجسّد الإيمانُ
|
ربّنا من لدنك زدهم ثباتاً وجنوداً فإنك المنانُ
|
ما ارتضوا غيرَ ما شرَعتَ مُعيداً أمْنَ عصْرٍ أذلَّهُ الطغيانُ
|
كُلُّ ما فيهِ للطغاةِ مُباحٌ حينما الحقُّ ما لَهُ سلطانُ
|
ليسَ إلاّ هُداكَ للكونِ منجىً في زمانٍ لمْ يبقَ فيهِ أمانُ
|
جاءنا فيه من لدنك رسولٌ فهـو للحقِّ وحدَهُ الميزانُ!
|
هو للكونِ مصلحٌ كُلَّ آنٍ و لَهُ الكونُ قال: آنَ الأوانُ
|
بِسواهُ لا لن تكونَ نجاةٌ فسِواهُ تخرُّصٌ وامتهانُ
|
لمْ يُحقِّقْ عدالةَ اللهِ إلاّ مُؤمنٌ مِلءُ قلبِهِ الديّانُ
|
هديُكَ الحقُّ قدْ نماهُ على التقوى، ونقّى ضميرَهُ الإيمانُ
|
و عيونُ الأنامِ ترنو إليهِ بعد ما أفسدَ الطغاةُ و خانوا
|
كلُّ من ضلَّ عن هداكَ طغاةٌ والألى آمنوا همُ الإحسانُ
|
*** |
ربِّ إن الإسلام ملءُ قلوبٍ هو فيها الإباء والعنفوانُ
|
لا ترى غير دينك الحقّ نهجاً يٌرتجى للأنام منه الأمانُ
|
ربِّ سدّد على الصراط خطاها، وأغثها بالنصر يا رحمنُ
|
عزَّ إلا همو لدينك جندٌ فلنصر الهدى همُ الفرسانُ
|
هم على العهدِ رغم كلِّ عسيرٍ ولصرح التقى هم الأركانُ
|
ربِّ أنجز لهم بدينك نصراً لترى فضل عدلنا الأكوانُ
|
فيعود الرسول حياً بجيلٍ قد نماه بهديهِ القرآنُ
|
فيرى العبدُ واليتيمُ و ذو الضَّعفِ ومَنْ ضلَّ أنّهُ إنسانُ
|
فلكَ الحبُّ يا مُحمَّدُ يا مَنْ حُبُّكَ الحُبُّ للنجاةِ ضمانُ
|
خير من وُلِدا
|
|
|
محمدُ خيرُ من ولِدا
|
|
ومن أهدى لنا الرشدا
|
به نلنا أمانينا
|
|
ونجني ما نشاء غدا
|
*** |
هداه الحقُّ وحّدنا
|
|
وبالإيمان جدّدنا
|
فليس كفضله فضلٌ
|
|
به ما كان أسعدنا!
|
*** |
على التوحيد آخانا
|
|
وبالتوحيد نجّانا
|
فكنا خيرَ من عزّوا
|
|
وعاشوا الدهرَ أعوانا
|
*** |
هَديْنا الناس بالقرآنْ
|
|
وما حِدنا عن الإحسانْ
|
نشرنا العدلَ في الدنيا
|
|
ولم نتركْ بها طغيانْ
|
*** |
ولما أن تغافلنا
|
|
وحِدْنا عن شريعتهِ
|
رأينا أمتي شِيعاً
|
|
كأنّا غيرُ أمّتهِ
|
*** |
فيا ربي أعِدْ قومي
|
|
إلى ما علّم الهادي
|
فليس بغيره أملٌ
|
|
بإنقاذٍ وإسعادِ
|
أكمل الخلْق
|
|
|
أكملَ الخلْق سلاما
|
|
أنتَ أنقذتَ الأناما
|
خصّكَ اللهُ بدينٍ
|
|
جاء للدنيا نظاما
|
*** |
رحمةً للناس جئتا
|
|
وعلى الحق استقمتا
|
وعلى الضرِّ صبرتا
|
|
لم تحِدْ عمّا أُمِرتا
|
*** |
أصدقُ الأقوالِ قولُكْ
|
|
وأحبُّ الفعلِ فِعْلُكْ
|
كلما مرّ زمانٌ
|
|
زاد بين الناس فضلُكْ
|
*** |
أبداً كنت وتبقى
|
|
قدوةَ الناس جميعا
|
وغداً نلقاك للنا
|
|
س لدى الله الشفيعا
|
*** |
ربّ يا من شئت طهَ
|
|
رحمةً تُرضي الأناما
|
زِده يا رب على الدّ
|
|
هرِ صلاةً وسلاما
|
أخلاق النبي
|
|
|
برب العالمين لنا اعتصامُ
|
|
وفي خلُقِ النبيِ لنا التزامُ
|
ففي أخلاقه تصفو النوايا
|
|
وفيها وحدها يرجى التمامُ
|
وكلُّ الناس في أخلاق طه
|
|
يُظللها التسامُح والوئامُ
|
|
إذا أخلاقه في الناس سادت
|
|
فلا ظلمٌ يدومُ، ولا خصامُ
|
ولا يطغى القويُّ على ضعيفٍ
|
|
ولا يَستعبِدُ الناسَ اللئامُ
|
ولا فقرٌ يعاني الناسُ منه
|
|
ولا طاغٍ يَحِلُّ له الحرامُ
|
وكلُّ الناس في التقوى كرامٌ
|
|
فإن المتقين هم الكرامُ
|
|
بأخلاق النبي وليس إلا
|
|
بأخلاق ا لنبيّ لنا التزامُ
|
ينال الفوزَ في الدارين قومٌ
|
|
على خُلقِ النبيِّ قد استقاموا
|
صبر الرسول
صلى الله عليه وسلم
|
|
|
صبرت على أذى الظالمْ
|
|
فكنتَ لظلمه الهازمْ
|
وحين أتاك كنت له
|
|
أبرَّ من الأبِ الراحمْ
|
*** |
صبرتَ صبرتَ لم تغضبْ
|
|
على عاصٍ، ولم ترهبْ
|
وما زادوا الأذى إلا
|
|
وكنتَ بهديهم ترغبْ
|
*** |
صبرتَ وكنتَ مقتدرا
|
|
على إفناء من غدرا
|
وصبرُك زادهم ثقةً
|
|
بأنك خيرُ من صبرا
|
*** |
صبرتَ ولم تكن ماكِرْ
|
|
فقلبك بالتقى عامِرْ
|
تُؤمِّل هدْيَ عاصيهم
|
|
وترجو توبة الغادِرْ
|
*** |
بصبرك كلُّهم آبوا
|
|
إلى التقوى وما ارتابوا
|
فأنت محمّدُ الهادي
|
|
وهم بهداك أحبابُ
|
*** |
لخُلْقك يشهدُ الخلْقُ
|
|
بأنك خيرُ من خلقوا
|
وصحبُكَ أصبحوا أبداً
|
|
بهديك خيرَ من صدقوا
|
الهادي الأمين
|
|
|
أحمدُ الهادي الرسولْ
|
|
قد هدى منا العقولْ
|
جاء قومي رحمةً
|
|
فضلُها لا لن يزولْ
|
*** |
خصّه ربُّ الجلالْ
|
|
منهجاً فيه الكمالْ
|
صالحاً في كلِ حالْ
|
|
فهو يسْرٌ واعتدالْ
|
*** |
إنه البَرُّ الأمينْ
|
|
وهو خير المرسلينْ
|
حُبُّه فرضٌ ودينْ
|
|
لنجاة العالمينْ
|
*** |
ذكرُه طِبُّ القلوبْ
|
|
وبه تجلى الكروبْ
|
فهو لله الحبيبْ
|
|
ولما نشكو الطبيبْ
|
*** |
زده يا ربي صلاهْ
|
|
وارض عنا برضاهْ
|
وأدم ربّي هداهْ
|
|
علَّنا نلقى النجاهْ
|
*** |
يا إلهَ العالمينْ
|
|
كن لنا دنياً ودينْ
|
واهدِ قومي أجمعينْ
|
|
بهدى الهادي الأمينْ
|
هذا أحمد
|
|
|
ما زال ثغرُ الكائناتِ يُردِّدُ
|
|
أن الرسولَ إلى الأنامِ محمّدُ
|
نال الزمانُ به أعز رجائه
|
|
وسعادةُ الدنيا به تتجدّدُ
|
ماذا عساي أقول عنه وربُّنا
|
|
أثنى عليه وقال: هذا أحمدُ!
|
أبداً سأبقى يا محمد هاتفاً
|
|
أنْ أنت من بكَ كلُّ روحٍ تُسعدُ
|
في كل ما قد قلتَ أنت مخلّدٌ
|
|
وبما فعلتَ فأنت أنت الأخلدُ
|
الله تمّم للبريّة لطفَه
|
|
لمااصطفاك لكل ما هو يُحمدُ
|
وعظيمُ خلْقكَ فخرُ كلِّ مفاخرْ
|
|
وبه على الأيام أنت المفردُ
|
أبداً بكل الفضل أنك أولٌ
|
|
مهما عليك جنى الطغاة وفنّدوا
|
صلى عليكَ الله ربُّك دائماً
|
|
فهو الذي بعظيم قدرك يشهدُ
|
أنت الرسول
|
|
|
أهلُ الزمانِ وأهلُ كلِّ مكانِ
|
|
شهدوا بأنكَ سيّدُ الأزمانِ
|
أنتَ الرسولُ المصطفى من ربّهِ
|
|
للناسِ تدعوهم إلى الرحمنِ
|
جُمِعتْ بما جئتَ الرسالاتُ التي
|
|
سبقتْ غداةَ أتيتَ بالقرآنِ
|
في كلِّ ما قد قلتَ تبقى مرسلاً
|
|
وبكلِّ ماعلّمتَ أنتَ الباني
|
تبقى سجاياكَ الكريمةُ قدوةً
|
|
يجِدُ الكمالَ بها بنو الإنسانِ
|
هي للزمانِ على ا لزمان شفاؤهُ
|
|
من كل ما أشقاهُ من طغيانِ
|
ما ضلّ يوماً عن هداك سوى عمٍ
|
|
أو حاقدٍ يحيا على الأضغانِ
|
ما ضرَّ شمساً في الزمانِ منيرة
|
|
إن أنكرتها زمرةُ العميانِ
|
ولأنت نور الدهر أنت رجاؤه
|
|
وبما هديتَ صلاحُ كل زمانِ
|
حب الرسول
|
|
|
في حبّ أحمدَ قد جنتْ روحي المرَامْ
|
|
فعليه طِيبُ صلاةِ ربي والسلامْ
|
فهو الأحبُّ إلى الإلهِ، ومَن له
|
|
بالهدْي أفضالٌ على كل الأنامْ
|
لمـّا هممتُ بمدحه أجرت على
|
|
شفتي فضائلُ حبِّهِ أحلى الكلامْ
|
نلتُ السعادة حين فزت بحبّهِ
|
|
وغدا لذكري أينما سرت احترامْ
|
سبحانَ من في حبّه جعل الرضا
|
|
والفوزَ في الفردوس بالنعم العظامْ
|
لم تدرِ يوماً ما السعادةُ مهجتي
|
|
إلا غداةَ جعلتُ سنَّتَه الإمامْ
|
يا رب زدني بالرسول محبةً
|
|
فيها يطيب لديك في الخلد المقامْ
|
*** |
يا رب في عيشي سعدتُ بحبّهِ
|
|
يا رب أسعدني به يوم الزحامْ
|
يا من أحبَّ المصطفى وصحابَه
|
|
فبحبهم إن شاء ربُّكَ لن تضامْ
|
فاشكرْ إلهك إذ هُديتَ لحبهِ
|
|
لا لن ترى فضلاً بغير الشكرِ دامْ
|
ربي بحبِّ محمدٍ زدني هدىً
|
|
يا من جمعتَ بهديه سُبُلَ السلامْ
|
واجعل صلاتي والسلامَ على المدى
|
|
تهمي عليه مثل منهلِّ الغمامْ
|
حسبي لديك غداً شفيعاً حبُّه
|
|
وقناعتي في أنه خيرُ الأنامْ
|
يا مَن بحبِّ محمدٍ أكرمتني
|
|
أرجو لديك لأمتي حسنَ الختامْ
|
الصادق المصدوق
|
|
|
أبداً ستبقى الصادقَ المصدوقا
|
|
يا من بكل الخَلْقِ كنتَ شفوقا
|
أوَما بتقديرٍ دُعيت محمداً
|
|
ولكل روحٍ قد غدوت رحيقا
|
ما كان مثلُكَ في كريم خصالِه
|
|
فبها غدوت السَّيدَ المرموقا
|
فاختارك الرحمنُ خاتمَ رسله
|
|
لمّا رآك لوحيه موثوقا
|
«اِقرأ»ْ عليك تنزّلت أسرارُها
|
|
وبكل ما تعنيه كنتَ خليقا
|
خيرَ الأنام أتتك خيرُ رسالةٍ
|
|
فغدا بها الجهلُ المقيمُ شروقا
|
أنقذتَ أهل الأرضِ من إشراكهم
|
|
والظلمُ لما جئت كان زهوقا
|
ويظل دون سواه هديُك صالحاً
|
|
للكون ما زاد الأنام مروقا
|
يكفيك عبر الدهر أنك مرسلٌ
|
|
يزداد فيك العالمون وثوقا
|
وبأن من جحدوا مقامك جُهّلٌ
|
|
لم نلقِ منهم عالماً موثوقا
|
الحقدُ أعماهم وما جاؤوا به
|
|
ما كانَ إلا فتنةً وعقوقا
|
والحقد والحسد المُذِلُّ جهنمٌ
|
|
تلقى الحسود غداً بها محروقا
|
وتظل شمسُ الحقِّ واهبةَ السنا
|
|
تزداد ما مرّ الزمانُ شروقا
|
أنت المرسل
|
|
|
في كلِّ أمرٍ أنتَ أنتَ الأكملُ
|
|
يا من لكل الخلْقِ أنت المرسلُ
|
ما قلتَ غير الحقِّ فيما قلتَه
|
|
ولغيرِ مجد الحقِّ لم تَك تفعلُ
|
القولُ منك حقيقةٌ لا تنقضي
|
|
والفعلُ منك هو الأبرُّ الأكملُ
|
أنصفتَ كلَّ الناسِ بالحِلْمِ الذي
|
|
فيهِ الخصومُ إلى هداكَ تحوّلوا
|
هيهات أن ترجو البريّةُ قدوةً
|
|
إلا وأنتَ على الزمانِ الأوّلُ
|
بلّغتَ دينَ الله لم تقبلْ به
|
|
مُلكاً، وكدت بكلِّ آنٍ تُقتَلُ
|
وبنيتَ للأجيالِ خيرَ صحابةٍ
|
|
في نشر دينك جاهدوا واستبسلوا
|
فهمو هداةُ الأرضِ، هم أنوارُها
|
|
وهم الأعزُّ بصدقهم والأمثلُ
|
تبقى كما يبقون شمسَ هدايةٍ
|
|
يا من لعزِّ الدهرِ أنت المرسلُ
|
أشرق النور
|
|
|
من قلبِ غار حراءٍ أشرق النور
|
|
فالكونُ منه بأصفى النورِ مغمورُ
|
إقرأْ تنزّل جبريلُ الأمينُ بها
|
|
على الأمين الذي أخلاقه نورُ
|
الله من أطهر الأصلاب جاء بهِ
|
|
لكي يكون به للكونِ تطهيرُ
|
على التقى وكريم الخلقِ أنشأهُ
|
|
فالقلب منه على التوحيدِ مفطورُ
|
مهييءٌ لجلالِ الوحي يحمله
|
|
بهمةٍ فهو بالإخلاصِ معمورُ
|
وعقله في بديع الخلق مفتكرٌ
|
|
فقد هداه إلى الخلاّقِ تفكيرُ
|
فجاءه الوحي في الغار الذي شرفت
|
|
أرجاؤه، ففؤاد الصخر محبورُ
|
على الزمانِ سيبقى ذكرُه عطراً
|
|
وكم يطيب لنا بالغار تذكيرُ!
|
في لحظةٍ رحمة الباري به نزلت
|
|
فهي التي كلها حبٌّ وتيسيرُ
|
لا لم تكن لحظة لكنها عُصُرٌ
|
|
من الكمال بها للحقِّ تجذيرُ
|
جلّ الإله بما قد شاء لحظَتها
|
|
وجلّ أمرٌ به لله تدبيرُ
|
لسوفَ تبقى بقاء الدهرِ رحمتُها
|
|
ولن يكون لها ما جدّ تغييرُ
|
نادى بها الله من أخلاقُه عظمتْ
|
|
فما سواه لها في الخلقِ منذورُ
|
فيا محمدُ قم بلّغْ رسالتهُ
|
|
فأنت في أحسن التبليغ مأمورُ
|
رسالة الله قد تمت وأنت لها
|
|
فانهض وبلّغْ فما يجديكِ تدثيرُ
|
ولا تزمل فإن الأمر مقدورُ
|
|
فلا يليق عن الإبلاغ تأخيرُ
|
أنت الرسولُ لكلِّ العالمين ومِن
|
|
تبليغك الوحيَ نور الله منشورُ
|
فقام يدعو إلى الرحمن في ثقةٍ
|
|
كي لا يُرى في رحابِ الأرضِ مقهورُ
|
ولا تظل لطاغٍ سطوةٌ شقيتْ
|
|
منها العفاةُ، فهم من ظلمهم بورُ
|
ما فل من عزمه، ما كان من عنتٍ
|
|
ومن أراجيف منها يخجل الزورُ
|
ولم يضق قلبه يوماً بمن جحدوا
|
|
مهما تزايد للأحقاد تسعيرُ
|
وما ثناه جهادٌ لا ولا وهنتْ
|
|
فيه العزيمةُ لمّا كان تهجيرُ
|
فهو العليم بأن الدهر ساحتهُ
|
|
من صبرُه الصبْرُ عند الله مشكورُ
|
فكان يزداد ما ازداد الأذى أملاً
|
|
بأن منهجه باقٍ ومنصورُ
|
أليس من هو هادي العالمين وما
|
|
يوحى إليه به للكون دستورُ
|
فبعد كل زمان بعد دعوتهِ
|
|
ما حدّ أفضالها حدٌّ وتسويرُ
|
وليس إلاه من في نهجه فرجٌ
|
|
للعالمين إذا ما ناب تعسيرُ
|
فكلما جدَّ أمرٌ أو مضت حِقبٌ
|
|
يجدُّ منه لخير الناسِ تيسيرُ
|
خير الملبين للوثقى صحابته
|
|
ما مثلهم من له في الدهرِ توقيرُ
|
عاشوا عقيدتهم بذلاً وتضحيةً
|
|
فكلُّ أيامهم فتحٌ وتحريرُ
|
هم الهُداة إلى الوثقى بما صبروا
|
|
ومن بهم موكب التوحيد منصورُ
|
إيمانهم كان إبداعاً ونشر هدى
|
|
فكان منهم لأهل الأرضِ تنويرُ
|
ما حل داعٍ بأرض أجدبت زمناً
|
|
إلا وعمَّ بها خصبٌ وتعميرُ
|
لو كان في القومِ منهم واحدٌ لهدوا
|
|
ولم يكن عن هداه الحقُّ تأخيرُ
|
وأينما حل منهم واحدٌ صلحتْ
|
|
منه البلادُ وعمَّ الناسَ تحضيرُ
|
والتابعون ومَن من بعدِهمْ صلحوا
|
|
قد كان منهم لكل العلم تطويرُ
|
في كل علمٍ أفاد الناس قد برعوا
|
|
فعلمهم في رحابِ الأرضِ منشورُ
|
شادوا الممالك لم تفتر لهم هممٌ
|
|
فطاب منهم لأهل الأرضِ تدبيرُ
|
ما كان منهم سوى عدلٍ ومرحمةٍ
|
|
فذكرهم في جبين الدهرِ مسطورُ
|
*** |
يا سيدي يا رسول الله معذرةً
|
|
والصبُّ إن باح بالآلام معذورُ
|
المسلمون تخلّوْا عن هدايتهمْ
|
|
فحظهم من يهود الذلِّ تحقيرُ
|
قد بدلوا عزّهُم ذلاً وتفرقةً
|
|
وراج في القومِ تطبيلٌ وتزميرُ
|
أرشدتهم بكتاب الله فاتحدوا
|
|
واليومَ فيهم كتاب الله مهجورُ
|
لكن هديك يوماً سوف يرجعنا
|
|
إلى الصدارةِ مهما استفحل الزورُ
|
النور كنتَ وتبقى نورَ خالقنا
|
|
ولن يدومَ مع الأنوارِ ديجورُ
|
حاشا لربّك إلا أن يوحدنا
|
|
على هداك فأمر الله مقدورُ
|
يكفيكَ أنك قد كنت الأحب له
|
|
وفي الكتابِ لديه أنت منصورُ
|
وأنت من ختم الرسْلَ الكرامَ به
|
|
ومن بنهجك للساهين تعبيرُ
|
أليس حسب البرايا أن بُعثتَ لها
|
|
كي لا يظلّ بهم عانٍ ومقهورُ
|
بغير هديك لن يجنوا سعادتهم
|
|
فكل ما فيه مشكورٌ ومبرورُ
|
يبقى الصلاحُ به، يبقى الملاذَ لنا
|
|
ومالُنا في الدجى إلا بهِ نورُ
|
يا أيها الهادي
|
|
|
يا أيها المبعوثُ بالقرآنِ
|
|
ما زال شرعُك منقذَ الأكوانِ
|
بلّغتَ ما أوحى الإله، ولم تحدْ
|
|
عمّا اأتمِنْتَ عليه من إيمانِ
|
ما قلتَه حقٌّ أقرَّ به العدا
|
|
لم يختلفْ في الحق فيكَ اثنانِ
|
آمنتُ أنك خيرُ من نشر الهدى
|
|
وأقام شرعَ الواحدِ الديَّانِ
|
ما نلتَ من دنياك أدنى مشتهى
|
|
فمدى رضاكَ إطاعةُ الرحمنِ
|
أوَلستَ وحدَك منْ أُتِمَّ به الهدى
|
|
للعالمين على مدى الأزمانِ!
|
لو حكَّموا ماجئتَ للدنيا به
|
|
لرأيتَ كلَّ الكونِ في اطمئنانِ
|
ولزال من عيش الأنامِ شقاؤه
|
|
ولعاش كلُّ الخلقِ في رضوانِ
|
*** |
يا ربِّ فقِّهْ أمتي في دينها
|
|
لتقود هذا الكون بالعرفانِ
|
واجمع قلوبَ العالمين على الهدى
|
|
وأظلَّنا بشريعةِ القرآنِ
|
مذ غابَ نهجُك عم في الناسِ الأسى
|
|
واشتدّ ما للظلمِ طغيانِ
|
وهداكَ ليس سواه يُرجع عزّنا
|
|
ويزيلُ ما في الكونِ من بهتانِ
|
فأعزَّ بالتوحيدِ عالمَنا الذي
|
|
لجّ الحنين به إلى الإيمانِ
|
مولد الهادي
|
|
|
في كلِّ ثانيةٍ لذكرك مولدُ
|
|
يا من بهديكَ كلُّ روحٍ تُسعدُ
|
اللهُ شاءكَ للعوالمِ رحمةً
|
|
فيها النعيمُ لمن هُدوا متجدّدُ
|
في كل ما قد قلتَ أنتَ مخلّدٌ
|
|
وبما فعلتَ فأنتَ أنت َ الأخلدُ
|
اللهُ تمّم في خصالكَ فضلَهُ
|
|
وحباكَ خُلْقاً أنتَ فيه المفردُ!
|
|
حسبُْ الزمانِ بكَ افتخاراً أنهُ
|
|
أوحى لكّلِ الرسْل أنك أحمدُ
|
وأتمّ ربُّك كلَّ ما جاءت بهِ
|
|
فكأنما أنت النبيُّ الأوحدُ
|
ما شك يوماً في أمانتكَ امرؤٌ
|
|
فإذا التّماجدُ دار أنت الأمجدُ
|
كنتَ اليتيمَ ورحتَ تعملُ راعياً
|
|
وعلى متاعٍ منكَ لم تُطبقْ يدُ
|
ما حُزْتَ إلا حسنَ خُلقكَ ثروةً
|
|
وبها على الساداتِ أنت السيّدُ
|
واختارك الرحمنُ للوحي الذي
|
|
بهداه أنت لكل روحٍ مُسعدُ
|
وبُعثتَ فيهم مُنذراً ومبشّرا ً |
|
وتكاثرتْ لمّا بُعِثت الحُسَّدُ
|
كم ذا عليك قد اعتدى سفهاؤهم
|
|
وعليك كم أرغى الطغاةُ وأزبدوا!
|
فرداً جبهتََ جميع ما قد فنّدوا
|
|
وبما حلمتَ أُزيلَ ما قد فنّدوا
|
بالحبِّ داريتَ الحَقودَ وصُغتَهُ
|
|
سمحَ السريرة طائعاً يتودَّدُ
|
وحباكَ ربُّ العرشِ أكرمَ صحبةٍ
|
|
ما مثلَهم للحق كانَ مُؤيِدُ
|
بذلوا النفوسَ لربِّهم لم يُثنهمْ
|
|
صعبٌ، ولم يرهبهمو مُتوعِّدُ
|
هم في الدجى متعبدون تضرعاً
|
|
ولدى المعاركِ كلهم متعبدُ
|
فاق الجبالَ الراسياتِ ثباتُهم
|
|
لمّا إلى نورِ الهدايةِ قد هُدوا
|
وسوى الوعودِ بجنةٍ لم تُعطهمْ
|
|
ما همُّهم في حبّها أن شُرِّدوا
|
أوَما كفاهمْ منكَ حبُّ عقيدةٍ
|
|
الفوز إن هم في فداها استُشهِدوا!
|
عذْباً رأوْا تعذيبَهم في حملها
|
|
فالله ليس سواه فيها يُعبدُ
|
فُتحتْ قلوبُ الناس بالتقوى لهم
|
|
ولها الأباعد طائعين تجنّدوا
|
فإذا بقاع الأرضِ تشرق بالهدى
|
|
وإذا الأنامُ مُعاهِدٌ ومُوحِّدُ
|
والعدلُ عمَّ فما تشكّت مهجةٌ
|
|
أبداً، ولم يُظلمْ بها متعبّدُ
|
وبها تساوى الناسُ فيما بينهم
|
|
سَعِد القريبُ بنهجها والأبعدُ
|
هذا الذي أعطاه هدْيُ محمدٍ
|
|
يا طيب ما أهدى الحبيبُ محمدُ!
|
*** |
يا خيرَ خلق اللِه حبّك مُلهمي
|
|
وأنا بهِ بين الأنامِ الأسعدُ
|
ما مرَّ ذكرك سّيدي إلا ولي
|
|
روحٌ لربكَ آن ذكرك تسجدُ
|
أنا عبدُه، ومحّمد لي مرسلٌ!
|
|
هذا لديّ هو النعيمُ السرمدُُ
|
وأحس أن الدمعَ سال تضرُّعاً
|
|
وأحس أني في الجنان مخّلدُ
|
حسبي شفيعاً عند ربي حُبُهُ
|
|
يا فوزَ مَن مِن حبهِ يتزودُ
|
*** |
يا خير خلق الله حبّك منجدٌُ
|
|
مهما ضللنا إن حُبَّكَ مُنجدُ
|
وعظيمُ خُلقك يا محمدُ عزُّنا
|
|
وسواه لم يعرف لعزٍّ موردُ
|
فبحبِّه يا ربِّ وحّدْ أمَّتي
|
|
فلقدْ تعذَّرَ في سواهُ توحُّدُ
|
*** |
يا سيدي ما ضرَّ قدرَكَ حاقدٌ
|
|
فلك المهيمنُ بالفضائل يشهدُ
|
كم زادَ مَن حقدوا عليك ولاءنا
|
|
ورأوْا بأنّا أمةٌ لا تحقدُ
|
الحبُّ والإصلاح غايةُ ديننا
|
|
فإذا أبَوْا فلنحنُ نحن الأصلدُ
|
ونرى السَّعادةَ والفناءَ بحبِّهِ
|
|
وبهِ وليسَ بغيرِهِ نتجدَّدُ
|
*** |
يا سيّدي ما أنت إلا رحمةٌ ً |
|
مهما افترى وجنى عليكَ الحُسّدُ
|
جُبِلَ الحسودُ على العداء فقلبهُ
|
|
نارٌ بأسرع ما يُظنَّ تُرمِّدُ
|
ما اسودَّ ليلُ الظلمِ إلاَّ وانجلى
|
|
فالظلم مهما اشتدّ ليس له غدُ
|
*** |
ما زالَ عقلُ المنصفين يؤكِّدُ
|
|
أنَّ الصلاحَ بما يقولُ محمَّدُ
|
وهُداهُ يُرجعُ للبريَّةِ أمنها
|
|
فهُداهُ للسِّلْمِ السبيلُ الأوحدُ
|
شاءَ الكمالَ لهُ العليمُ بقدرِهِ
|
|
فلهُ على عمرِ الثواني مولدُ
|
للحق البقاء
|
|
|
أبكي لحال المسلمين بكاءَ
|
|
حتى لتحسب أدمعي حمراءَ
|
أبكي وما اعتدت البكاء وكيف لا
|
|
أبكي وقومي أصبحوا أشلاءَ؟
|
قلبي على قومي يذوب توجعاً
|
|
ومنايَ لو ألقاهمو سعداءَ
|
فطروا على التوحيد يجمع شملَهم
|
|
وتشيّعوا يتزايدون عداءَ
|
أعداؤهم من كل صوبٍ أجلبوا
|
|
وعلى ذويهم يجلبون بلاءَ
|
لا هَمّ للأعداء إلا محوُهم
|
|
وفخارهم أن يخدموا الأعداءَ
|
لم تبقَ من قيمٍ توحد أمتي
|
|
أوَما غدونا نعبد الأهواءَ؟!
|
ولنحن من كانت لنا قيمٌ بها
|
|
نهدي العوالمَ عزّة وإباءَ
|
الدين أصبح للتكسب ملبساً
|
|
والحب أمسى بيننا بغضاءَ
|
كلٌّ يشرِّعُ ما يشاء، وحسبه
|
|
أن زاد منه تخمةً وثراءَ
|
والعدل ما يُرضي الظلومَ وغيَّه
|
|
وكما اشتهى الطاغي يرى الإفتاءَ
|
والعالِمون المخلصون لِما لقوْا
|
|
ذُلّوا غداةَ غدوْا بنا علماءَ
|
والأرذلون تحكموا بمصيرنا
|
|
والظالمون نعدهم رحماءَ
|
هيهات أن تلقى أبياً آمناً
|
|
وَيعِزُّ أن تلقى بنا أمناءَ!
|
لكأن علمَ العالمين سبيلُهم
|
|
كي يخدموا ويقدسوا الجهلاءَ!
|
كم مخلص نادى يريد صلاحهم
|
|
وتصامموا لا يسمعون نداءَ!
|
ما قاله الطاغي غدا قرآنَهم
|
|
لا يمنحون لغيره إصغاءَ
|
في كلِّ آنٍ للعدوّ ولاؤهم
|
|
هيهات تلقى للإباءِ ولاءَ!
|
ولو أنهم بالله يوماً آمنوا
|
|
حقاً لعادوا وحدهم عظماءَ
|
ماذا تراني يا إلهي فاعلاً
|
|
ويدي كرجلي أصبحت شلاءَ!
|
وعلى فمي قيدٌ وبطني جائعٌ
|
|
وعلى مدى بصري أحس غطاءَ
|
وجوارحي لم تبق فيها قدرةٌ
|
|
ترجى، وأذني أصبحت صماءَ
|
لكنْ بقلبي جذوةٌ وعقيدةٌ
|
|
تزداد ما اشتد البلاء نقاء
|
وأحسها في كل قلبٍ مؤمنٍ
|
|
أبداً تزيد تحفزاً ومضاءَ
|
وبسر ما الرحمن سنّ لخلقه
|
|
تزداد روحي عزّة ورجاءَ
|
وبما محمدُ للبرية سنّهُ
|
|
سيعمُّ نورُ جهادنا الأرجاءَ
|
فالنصر بعد الصبر ربك شاءه
|
|
والخير فيما ربُّنا قد شاءَ
|
سيعيد أمتنا لسابق عزّها
|
|
ويعيد كلَّ شقائها نعماءَ
|
ويعز فيها الكون بعد شقائه
|
|
ويزيد عيشَ المؤمنين رخاءَ
|
كم جاء منه النصر بعد تصبُّرٍ
|
|
وأزال عنها الضرَّ والبأساءَ؟
|
*** |
دمعي على من ضلَّ حِكمةَ ربه
|
|
وأقام عمداً يعبد الأهواءَ
|
هي كلمة لله جل جلاله
|
|
ألا يديم لظالمٍ خيلاءَ
|
وعدُ الإلهِ بنصر من قد آمنوا
|
|
قدرٌ، ويمضي الظالمون هباءَ
|
أبداً ينال النصر شعبٌ مؤمنٌ
|
|
عشق الجهاد وقدّم الشهداءَ
|
وأطاع خير ا لرسل فيما سنّه
|
|
وبما به من رحمةٍ قد جاءَ
|
سبحان ربي
|
|
|
الربُّ أنتَ، وأنتَ الواحدُ الأحدُ
|
|
سبحان ذاتكَ ربي إنك الصمدُ
|
أنتَ المنـزّه عما يفتريه ذوو
|
|
شرْكٍ، فما لك زوجٌ لا، ولا ولدُ
|
ما مثلُ ذاتك ذاتٌ، لا ولا صفةٌ
|
|
كما اتّصفت، ولا روحٌ ولا جسدُ
|
ولا كمثلك شيءٌ في الوجود، ولم
|
|
تغفلْ عن الخلْق آناً أينما وجدوا
|
ولا يعيشون لولا ما تجود به
|
|
وبالغِنى عن جميع الخلق تنفردُ
|
وسعتَ خلقك رزاقاً، ومقتدراً
|
|
ونال منك مناهم كلُّ من وُلدوا
|
ولم تضقْ بجميع الخلْقِ ما سألوا
|
|
ولا يؤودك حفظ الخلْق ما ابتعدوا
|
ورحمةً منك قد أرسلت أحمدنا
|
|
فتم في شرعه الإيمان والرشدُ
|
تفديه نفسي على ما كان منه فتى
|
|
بصدقه كل من عاداه قد شهدوا
|
وأمّنوه على خير المتاع، وما
|
|
رأوْا سواه لها يُرجى، ويعتمدُ
|
هم يعلمون بأن الصدقَ شيمتُه
|
|
فلمْ يشكَّ بما قد قاله أحدُ
|
إن كان حدّثهم فالصدق قولته
|
|
أو كان واعدهم فالصدق ما يعدُ
|
حتى إذا تم فيه الفضل واكتملت
|
|
به الرسالات، واستهدى به الأبدُ
|
تألبوا ضدَّه واستكبروا سفهاً
|
|
وحاربوه، وفي إيذائه اجتهدوا
|
ما فارقت سبباً للخير دعوته
|
|
وليس إلا بها إصلاح من فسدوا
|
ما نال مما دعا إلا أذيتهم
|
|
وهو الرؤوف بمن ضلوا، ومن حقدوا
|
ولم يحِدْ ساعة عمّا إليه دعا
|
|
ولم يَهَبْ كلَّ ما في حربه حشدوا
|
يرجو لهم كل ما في الكون من نِعَمٍ
|
|
وهم على قتله عمداً قد اتحدوا
|
ولم يزل راحماً حتى بمن حقدوا
|
|
ولم يزل مشفقاً حتى بمن جحدوا
|
فكيف لا ترتضي الدنيا هدايته
|
|
وهو الذي بأحب الخلق ينفردُ!
|
ما كان إلاه عبر الدهر قدوتنا
|
|
وسوف يبقى إلى أن ينقضي الأبدُ
|
محبة مصطفانا
|
|
|
أنلني من ثرى الهادي شميما
|
|
ودعني عند روضتهِ مقيما
|
ولا تحسبْ عليَّ العمْرَ فيها
|
|
ففيها ودّ عمري أن يدوما
|
ودّعْ روحي تهيم كما تمنّت
|
|
فحُقَّ هنا لروحي أن تهيما
|
فليس هيامُها إلا انعتاقاً
|
|
لأفقٍ لا أرى فيه هموما
|
بروضتهِ أرى اطمئنانَ روحي
|
|
فأنسى أنني كنت الأثيما
|
فيا لهناء روحي حين تحظى
|
|
بشمّةِ تربةٍ تشفي السقيما
|
فإن ثرى رسول الله طيبٌ
|
|
يهلُّ على لظى روحي غيوما
|
أنلني شمةً منه إلهي
|
|
تهبّ على تباريحي نسيما
|
فتذهب ما أُعاني من سقامٍ
|
|
وتجلو الرّان عني والوجوما
|
وتورثني الإباء وحُسنَ خلْقٍ
|
|
وأعمالاً أكون بها رحيما
|
فكم بهداه نال مناهُ عانٍ
|
|
وكم أضحى أخو جهلٍ حليما!
|
خيال المصطفى إن زار عيني
|
|
ولو في النوم أحسبهُ نعيما
|
أما بهداهُ قد سُدنا البرايا
|
|
وأبْدعنا بمنهجه العلوما!
|
محبتهُ تحيل الذلّ عزّاً َ |
|
ومن قد ضلَّ تبدعهُ حكيما
|
فدعني أبتردْْ منه بذكرى
|
|
أزيل بها من القلب الجحيما
|
أما في كلِ أمرٍ منه ذكرى
|
|
تكاد تحسها تحيي الرميما
|
وما ذكرى له إلا وفيها
|
|
يظل بما يعلمهُ عظيما
|
سراب البيد للظمآن يغدو
|
|
بحب المصطفى عذباً شبيما
|
وهل إلا بسيرة مصطفانا
|
|
غدا جهّال أمتنا نجوما!
|
حديثاً كم بها عزت شعوبٌ
|
|
وكم صلحت بها أمم قديما!
|
أليس هداه لمّ شتات قومي
|
|
وكان لعقد وحدتهم نظيما!
|
أما في المنتهى قد حل ضيفاً
|
|
وللـرحمـن قد أمسى كليما!
|
وليس سواه من بين البرايا
|
|
دنا من ربّهِ وغدا حميما
|
أقام على هدى الإسلام حكماً
|
|
به أصحابه ربحوا الخصوما
|
وصار الأبعدون له جنوداً
|
|
أحالوا الكفر مُنْبتّاً صريما
|
وارسوا في رحاب الأرض عدلاً
|
|
به العانون لا تخشى ظلوما
|
تساوى الناس فيه بكلِ أمرٍ
|
|
فلا تلقى على حقٍّ خصيما
|
فعم الحب وازدهرت علومٌ
|
|
بها فاض الجنى وغدا عميما
|
فمن في الأرض إلا مصطفانا
|
|
أحال الكون وضاءً وسيما!
|
فيا ربي بحبكَ مصطفانا
|
|
أزل عنا ليالينا الحسوما
|
وجددّ أمتي بهداه ربي
|
|
وألهمها صراطاً مستقيما
|
وأبدعني به بشراً سوياً
|
|
رضياً مثلما ترضى كريما
|
فأحيا ألف بشرى في هداه
|
|
يزيد عليّ باسمها قدوما
|
وجددني بها في كلِ آنٍ
|
|
فأحيا العمر أوّاباً حليما
|
وأمضي في الحياة لنشر دينٍ
|
|
يُهَدِِّمُ ما بنى الطاغي تخوما
|
ويرجع فرقة القوم اتحاداً
|
|
على التّوحيدِ مرهوباً عظيما
|
فينقذ عدلُنا كلَّ البرايا
|
|
ويصلحهم ولا يُبقى غشوما
|
صلاح الكون أقرب من قريبٍ
|
|
إذا زدنا بشرعتهِ لزوما
|
فلا عجبٌ من الحسّاد إن هم
|
|
على إسلامنا نفثوا السموما
|
ولا عجب من الجهال إن هم
|
|
على إسلامنا زادوا هجوما
|
وما حُسَّاده في الدّهرِ إلاّ
|
|
كمن للشّمسِ قد راموا رجوما
|
وحقد الحاقدين له دليل
|
|
على أنْ نهجُه ظلَّ السّليما
|
فرَّد العالمين إلى هداه
|
|
ليحيا الكون يا ربي النعيما
|
حسن الوجود
|
|
|
السمواتُ ربَّنا بيمينكْ
|
|
وجميع الوجود من تكوينكْ
|
كلُّ شيءٍ خلقتَه كان بدعاً
|
|
شاهدٌ حسنُه على تمكينكْ
|
أنت في شأن كلِّ خلْقك فردٌ
|
|
وتفرّدتَ في جميع شؤونكْ
|
وأنا عبدك الضعيف فزدني
|
|
لك حباً به أعيش لدينكْ
|
*** |
حسنُ هذا الوجود منك دليلُ
|
|
أنت يا ربَّه الجميلُ الجليلُ
|
أدرك العاقلـون سرَّك فيهِ
|
|
فسنا حسنه إليك سبيلُ
|
إن تكن أبدعت عقولٌ جميلاً
|
|
أوما منك يا إلهي العقولُ؟
|
أنت أوجدتَها وشئت هداها
|
|
ولها أنت ملهمٌ ومنيلُ
|
*** |
ربّ إني علمتُ أنك خالقْ
|
|
ولكل الأنام وحدك رازقْ
|
شئت للناس هديهم برسولٍ
|
|
كان في قومه الأمين الصادقْ
|
قد دعانا إلى الكمال بدينٍ
|
|
شئتَه كي تَعِزَّ فيه الخلائقْ
|
رب فاشهد أني ارتضيت هداه
|
|
وبحبي له بعفوك واثقْ
|
*** |
رب زدنا بما خلقت علوما
|
|
واهد قومي صراطك المستقيما
|
وأزل عن عقولنا الجهل واملأْ
|
|
كل قلبٍ للمصطفى تعظيما
|
إن قومي يا رب قومُ رسولٍ
|
|
كنت فيهم لما أتاهم رحيما
|
ردّهمْ ردّهم إليك إلهي
|
|
وأزلْ عنهم الليالي الحسوما
|
*** |
شاءنا اللهُ أن نعيشَ هداهُ
|
|
ونُديمَ التفكيرَ فيما حباهُ
|
نعمر الأرض رحمةً وسلاماً
|
|
بنظامٍ إلى الأنام ارتضاهُ
|
كلُّ ما فيه لو عقلناه حبٌ
|
|
ما سواهُ ينجي الورى ما سواهُ
|
حسبنا منه رحمةً وصلاحاً
|
|
أن دين الإسلام قد سمّاهُ
|
مِن وحـي حُـبِّ المُصطفـى
متوسّلاً إلى اللهِ تبارك وتعالى بوحدانيتهِ و عِزّتهِ وجلاله أن يُديمَ صلوات روحي وسلاماتها عليه وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين ومن تبِعهم بإحسانٍ وإخلاص، وأن يجزِل ثواب كلِّ من يعمل لإذكاء محبّته، ونشر دعوته ونصرة شريعته والذودِ عن سنّتهِ، حتى يسعِدنا ربُّنا عزَّ وجلَّ بِشفاعتِهِ ويجمعنا على حوضه وذلك هو الفوزُ العظيم..
|
|
|
أبداً لِغيرِ هُداهُ قلبي ما هَفا
|
|
سعدي على الأيامِ حُبُّ المصطفى
|
لِسواهُ يوماً أو يُقِرُّ تلهُّفا
|
|
أنكرتهُ قلباً يُحِسُّ تلهّفاً
|
يا فوزَ قلبٍ في محبّته صفا!
|
|
أوَ ما نجاةُ الخلقِ حبُّ محمّدٍ
|
فاللهُ قبلَ النّاسِ فيهِ قد احتفى
|
|
ما كانَ أسعدَ مُهجَةٍ ظفَرَتً بِها
|
و اكتُبْ قبولَكَ رحمةً و تعطُّفا
|
|
يا ربِّ خُذْ بيدي لبيتِكَ مِنّةً
|
قولاً أنالُ عليهِ قربَ المُصطفى
|
|
و أمامَ قبرِ المُصطفى كُنْ مُلهِمي
|
و امنحْ فؤادي قُربةً و تزلُّفا
|
|
طِرْ بي لروضتهِ إلهي راحماً
|
و تطهّرتْ، و غدَتْ أرقَّ و ألطَفا
|
|
فهُنا أرى نفسي اطمأنّت و ارتقَتْ
|
و أرى الملائِكَ حولَ روحي رفرفا
|
|
و أُحِسُّ نورَ اللهِ يغمِرُ خافقي
|
فهُنا يودُّ العُمرُ أنْ يتوقّفا
|
|
فأَطِلْ بروضتِهِ الشريفةِ وِقفَتي
|
شاءَ الحنينُ لأدمُعي أنْ تذرُفا
|
|
و بها أيا ربّاهُ طهّرني بِما
|
فعسى بدمعِ توسُّلي أنْ تُجرفا
|
|
لا يجرِفُ الآلامَ مثلُ توسُّلِ
|
و بِكُلِّ ثانيةٍ أرى دهراً صفا
|
|
و هُنا ثواني العمْرِ تغدو أدهُراً
|
فيها أُشَمُّ طيوبَ قبرِ المصطفى!
|
|
اللهَ.!! ما أغلى وأكرمَ لحظةً
|
و أكونُ ممّن بالسلامِ تشرَّفا
|
|
و أبثّهُ الشوقَ الذي هو أهلُهُ
|
شوقٌ يزيدُكَ رِقَّةً و تعفُّفا!
|
|
هيهاتَ أن يرقى لغيرِ المصطفى
|
وبِهِ على أهلِ الزمانِ تلطّفا
|
|
هو خيرُ خلْقِ اللهِ تمّمَ خلقَهُ
|
فلدى جميعِ الرُّسْلِ كانَ مُعرَّفا
|
|
الرُّسْلُ جاءَتْنا مُبشِّرةً بهِ
|
و أتمَّهُ و أزال ما قدْ حُرِّفا
|
|
بِهُداهُ قدْ ختمَ المهيمِنُ دينَهُ
|
كلاّ... و لا أرضى الأنامَ و أنصفا
|
|
ما أسعدَ الأرواحَ إلاّ هدْيُهُ
|
أوَ ما الأنامُ بما هَداهُ قد اكتفى!
|
|
و هُداهُ ليسَ سواهُ يبقى منقِذاً
|
أو حاسِدٌ أردى النُهى و تطرَّفا!
|
|
هيهاتَ يُنكِرُ قدْرَهُ إلاّ عَمٍ
|
أيَضيرُ نورَ الشمسِ مَنْ عنها غفا؟!
|
|
ما ضرَّ من جحدوا هُداهُ جهالةً
|
فردَ الزّمانِ، و خيرَ منْ ربّي اصطفى
|
|
أبداً سيبقى في الزمانِ مُحمّدٌ
|
*** |
فالكونُ يا ربّي لِشِرعَتِهِ هفا
|
|
يا ربِّ رُدَّ المسلمينَ لِشرعِهِ
|
فالكونُ دونَ هُداهُ زادَ تخلّفا
|
|
لن يُصلِحَ الأكوانَ إلاّ شرعُهُ
|
لمّا لزِمْنا هدْيَهُ و المُصحَفا
|
|
سَعِدَتْ بنا الدُّنيا و نالَتْ عِزّها
|
أشقاهُ يا ربَّاه منْ قد أرْجفا
|
|
فأعِدْ بحُرمَتِهِ سعادةَ عالَمٍ
|
فالقلبُ كادَ يذوبُ مِنهُ تأسُّفا
|
|
واغفرْ بحُبِّ محمّدٍ تقصيرنا
|
يا ربّنا.. قد كان هديَ المصطفى
|
|
أغلى و أعظَمُ ما منحتَ تفضُّلاً
|
خير اليتامى
قيلت في احتفال دار الأيتام الفائزين بحفظ كتاب الله
|
|
|
أغلى اليتامى في الزّمانِ محمّدُ
|
|
فهداهُ في إكرامهمْ متجدّدُ
|
عَزّوا بما وصّى، فكافلُ حقّهمْ
|
|
عند الإله لهُ أُعِدَّ المقعدُ
|
ما حالَ يُتمُ محمدٍ في أنه
|
|
خيرُ الأنامِ، وفي الزّمانِ المفردُ
|
هو رحمةٌ للعالمين، ويُتمُهُ
|
|
فخرٌ لمن وُلِدوا، ومن لم يولدوا
|
*** |
يا أيّها الأيتامُ تيهاً بالذي
|
|
وصّى به لكمُ ا لكتابُ وأحمدُ
|
ميزانُ دِينِ المرءِ أن يُعنى بكمْ
|
|
يا فوز من طوعاً إليه قد هدوا
|
فلهم بما بذلوا جِوارُ محمدٍ
|
|
في جنّةٍ فيها النعيمُ مُخلّدُ
|
*** |
الشامُ موئلُ كلِّ فضلٍ أهلُها
|
|
وبها التسابقُ للفضائل مقصدُ
|
الحبُّ والإيثارُ فيها فطرةٌ
|
|
والجودُ في أهلِ الشآمِ الأجودُ
|
|
لتظنُّ جودَ الأرضَ قد أمسى بها
|
|
وبأنه في أهلِها مُتجدِّدُ
|
إبداعهمْ في الخيرِ يبقى رائداً
|
|
ما كان أمسِ، وما يَجيءُ به الغدُ
|
في كل يومٍ قصةٌ عن فضلهمْ
|
|
يا خُسْرَ من بفَعالهم لم يقتدوا
|
*** |
يا كافلـي أيتامَ أمةِ أحمدٍ
|
|
أنتمْ لدى المولى الكريم الأسعدُ
|
أنتم مددتمْ لليتامى كفَّكمْ
|
|
فلكمْ من الرحمنِ قد مُدَّت يدُ
|
*** |
يا أيّها الأيتامُ طيبوا أنْفساً
|
|
بقضاءِ ربٍّ جودُه لا ينفدُ
|
الفائزون بما أعدّ إلهُنا
|
|
من باليتامى طائعين تعهدوا
|
لو كانَ بالأموال يخلدُ ذو غنىً
|
|
لرأيتَ قارونَ الغنيَّ يؤبِّدُ
|
أو كان في يتم الفتى ذُلٌّ له
|
|
ما كان يوماً باليتيم محمّدُ
|
هيهات يحظى بالسعادة ذو غنى
|
|
إن لم يكن منه لخيرٍ موردُ
|
شكراً لمن كفِلَ اليتيم وصانه
|
|
فصنيعه عند المهيمن يُحمدُ
|
باقٍ على الدهر
|
|
|
باقٍ على الدهرِ ما أرسيتَ من قيمِ
|
|
يا من هداكَ هو المنجاةُ للأممِ
|
اللهُ شاءك للأزمانِ رحمَتَها
|
|
بما هداكَ، وما أوْلاكَ من نِعمِ
|
فكنتَ خاتَمَ ما للهِ من رسُلٍ
|
|
يا خيرَ مُخْتَتِمٍ في خيرِ مخْتَتَمِ
|
بُعثتَ في زمنٍ أشقتهُ ضيعتُهُ
|
|
حتى لتحسبَ ما في القومِ غيرُ عمي
|
هم أفصحُ الناسِ قولاً يسجدونَ لهُ
|
|
ويهزأونَ بما للعقلِ من حِكمِ
|
أما علتْ فِرْيَةُ الضلّيلِ(1) كعبتَهم
|
|
أما تباهوْا بغاراتٍ وسفكِ دمِ!
|
عانيتَ يُتماً تتالى وافتقارَ يدٍ
|
|
حتى سرحتَ فتىً للقومِ بالغنمِ
|
ما ضرَّ يُتمكَ أن صرتَ الأعزَّ بهمْ
|
|
لمَّا استقمتَ على ما عزَّ من شيمِ
|
فلمْ تَحِدْ عن كريمِ الخُلْقِ ثانيةً
|
|
ولم تضلَّ كما ضلُّوا، ولمْ تهِمِ
|
وما عرفتَ سوى التوحيدِ في زمنٍ
|
|
كان السُّجودُ بهِ والأمرُ للصنمِ
|
وأجمعَ القومُ طوعاً أنتَ أفضلُهمْ
|
|
لمَّا قرنتَ كريمَ الفعلِ بالكَلِمِ
|
سوَّاكَ ربُّكَ فرداً في محامِدِهِ
|
|
وسوف تبقى عظيم الخلْقِ كُلِّهِمِ
|
*** |
يا منْ فُطرتَ على التّوحيدِ تقرأهُ
|
|
فيما برى الله من خَلْقٍ، ومن نُظُمِ
|
أدركتَ بالقلبِ ما في الكونِ من عبرٍ
|
|
وما اعتمدتَ على طرسٍ، ولا قلمِ
|
فكنتَ أعلمَ من في الدهرِ قدْ علموا
|
|
لمَّا بقلبكَ أمسى باريءُ النَّسمِ
|
ناداك جبريلُ «"اِقرأ»" أنت رحمته
|
|
وهي الكمالُ لما للهِ من نعمِ
|
نالُ الزَّمانُ بها ما عاش يرقُبهُ
|
|
وهي النجاةُ لهُ مِن قبضةِ العَدَمِ
|
فكنتَ أرحمَ من برُّوا بمن خُلقوا
|
|
وكنتَ أوفى بني الإنسانِ بالذممِ
|
للعالمينَ ستبقى رحمةً وسِعتْ
|
|
حقدَ الحسودِ، وداوتْ كلَّ ذي سَقَمِ
|
ما قلتَ غيرَ الذي جسّدْتَهُ عملاً
|
|
فالقولُ والفعلُ كلٌّ غيرُ منفصِمِ
|
ولم تُفرِّقْ بحكمٍ بينَ ذي رحمٍ
|
|
ولا غريبٍ، ولا عُرْبٍ ولا عجمِ
|
عانيْتَ عانيْتَ ما لو مسَّ أهوَنُهُ
|
|
شُمَّ الجبالِ لما أمستْ سوى رِمَمِ
|
فالجاهليةُ عمَّتْ والخلافُ طغى
|
|
والبأسُ في الأهلِ منهم جِدُّ محتدِمِ
|
وكلُّ نفسٍ لها من جهلها صنمٌ
|
|
ولا تُبالي بذي يُتمٍ ولا هرِمِ
|
كنتَ الحريصَ عليهمْ والرَّؤوفَ بهم
|
|
ولم يصيخوا وليسوا عنكَ في صممِ
|
لكنّما الحقدُ أعمى كلَّ ذي بصرٍ
|
|
وكلُّ من لمْ يرَ الآياتِ فهو عَمِ
|
لما قلاكَ وما لبَّاكَ ذو هممٍ
|
|
لبَّاكَ ربٌّ لهُ تعنو ذوو الهممِ
|
أما طوى لكَ بُعدَ الأرضِ حينَ سرى
|
|
بكَ البراقُ إلى الأقصى منَ الحرمِ!
|
وجُزتَ كلَّ السماواتِ العُلى صُعُداً
|
|
في لحظتينِ لتلقى اللهَ عن أَمَمِ
|
ما زاغَ قلبُكَ مما قد رأى عجباً
|
|
وبعضُ ما كانَ فوقَ العقلِ والحُلُمِ
|
وعُدتَ تُخبرُ عمَّا كانَ في ثقةٍ
|
|
ولمْ تُبالِ بتكذيبٍ ولا تُهمِ
|
أعمى بصائرهم حقدٌ، ومَنْ عمِيَتْ
|
|
عيناهُ يَحسبُ قاعَ الأرضِ كالعلمِ
|
ما ضِقتَ ذرعاً بما لاقيتَ من عنتٍ
|
|
ولا حقدتَ على قالٍ ومنتقِمِ
|
داريتَ بالحلمِ ما قدْ حمَّ من سفهٍ
|
|
أكرِمْ بحلمٍ بهِ صاروا ذوي رحِمِ!
|
فزادكَ اللهُ تثبيتاً وتبصرةً
|
|
وردَّ كيدَ الأعادي في نحورِهِمِ
|
وثابَ للرشدِ من عادوكَ حينَ رأوا
|
|
فيكَ الأمينَ وبَرَّاً غيرَ مُتَّهَمِ
|
فأمَّنوكَ على خيرِ المتاعِ وهمْ
|
|
من قاتلوكَ سَفاهاً في حمى الحرمِ
|
فاعجبْ لهم ما رَأوْا إلاَّك مؤتمناً
|
|
وهم لقتلكَ أَعطَوْا أغلظَ القَسَمِ
|
كادوا وكنتَ بربِ العرشِ معتصماً
|
|
وهل سوى الله من واقٍ لِمُعتصِمِ!
|
وداهمتك جنودُ الليلِ حاقدةً
|
|
ترى بقتلكَ عمداً أعظمَ النِّعمِ
|
نداؤكَ الله أعماهم ونلتَ بهِ
|
|
بردَ اليقينِ فكان الكلُّ عنكَ عمي
|
خرجتَ في ثقةٍ من بينِ منْ حُشِدوا
|
|
كما تهادى ضياءُ البدرِ في الظُلَمِ
|
*** |
يا شوقَ طيبَةَ لمّا أنْ حللتَ بها
|
|
فما ترى في حِماها غيرَ مبتسمِ
|
نالت على الدهر عزّاً لا انقضاءَ لهُ
|
|
فعِزُّها بكَ عِزٌّ غيرُ منفصمِ
|
آتاكَ ربُّكَ منهُ ألفَ معجزةٍ
|
|
في كلِّ معجزةٍ ما شئتَ من عِظَمِ
|
فرُحتَ تبني بها جيلاً غدا مثلاً
|
|
على الزمانِ بتقوى الله والكرمِ
|
لمْ يخلِفوا عهدهم للهِ ثانيةً
|
|
ولا ارتضوْا غيرَ شرعِ الله من حَكَمِ
|
لِصدقِهم دانتِ الدنيا غداةَ مضوْا
|
|
يُعلِّمونَ كتابَ الله للأممِ
|
الناسُ في ظِلِّهم عاشوا سواسيةً
|
|
لا فرقَ بينَ أميرِ القومِ والخدمِ
|
كلٌّ لهً بالتقى والصدقِ منزلةٌ
|
|
و ليسَ غيرُ التقى مرقىً لذي هممِ
|
هذا الذي كنتَهُ يا رحمةً كمُلت
|
|
للعالمينَ، وكم زادَت على القدمِ!
|
*** |
يا سيِّدي يا رسول الله معذرةً
|
|
إذا اشتكى وبكى من حُرقةٍ قلمي
|
سننتَ للناسِ شرعاً فيهِ عزَّتهم
|
|
فآثروا العيش بعد النور في الظُّلَمِ
|
وما تركتَ لسعدِ النَّاسِ من سننٍ
|
|
قد بدَّلوه فصارَ الحقُّ كالوَهَمِ
|
فأفسدوا كلَّ ما قدْ عزَّ من قيمٍ
|
|
مَنْ حُمَّ من ألمٍ داووهُ بالحُممِ
|
نسوا الإلهَ فأنساهُم نفوسَهمو
|
|
والحقدُ كالظلـمِ مهما اشتدَّ لم يدُمِ
|
رأى الطغاةُ هداكَ الحقَّ يلجِمُهمْ
|
|
عنِ المعاصي فشاؤوا الكسرَ للُّجُمِ
|
واللجمُ للظالمِ الجبَّارِ مرحمةٌ
|
|
ولو وعاها لنادى خُذْ يدي وفمي
|
وخلّص الناسَ من ظلمي فإن له
|
|
في كل آنٍ دماري واشتعالُ دمي
|
والظلمُ إنْ لمْ تَثُرْ في وجههِ عَظُمَتْ
|
|
منهُ الشرورُ وزادتْ حدَّةُ النهمِ
|
وأجبنُ النَّاسِ طاغٍ حينَ تصفعُهُ
|
|
وإن تباطأتَ عنهُ زادَ في النِّقمِ
|
فما اطمأن ظلومٌ رغمَ سطوتهِ
|
|
وأيُّ طاغٍ نجا من رهبةِ الندمِ!
|
*** |
يا سيدي يا رسولَ اللهِ معذرةً
|
|
إذا رأيتَ حقوداً عن هُداكَ عمي
|
ما ضرَّ نهراً جرى إنْ عابهُ ظميءٌ
|
|
إذا استطابَ لظى الصحراءِ وهو ظمي
|
هيهاتَ أنْ رويتْ روحٌ بغيرِ هدىً
|
|
هيهاتَ أنْ أخصبت أرضٌ بلا ديمِ!
|
*** |
يا سيدي دونَ ما قد كُنتَ ذو حسدٍ
|
|
ودونَ قدركَ دعوى كلِّ مُتهِمِ
|
همُ الرياحُ وما أرسيتَهُ قِممٌ
|
|
تمضي الرياحُ وتبقى عزَّةُ القِممِ
|
أنت الذي بهداكَ الحقِّ عزَّتُنا
|
|
يا من هداكَ سيبقى مُنقِذَ الأممِ
|
وحُبُّكَ الحُبُّ ما إلاَّهُ يُسعدنا
|
|
فطيبُ مبتدئي منهُ ومُخْتتمي
|
تبقى كما كنتَ عبرَ الدَّهرِ رحمَتَهُ
|
|
واعذرْ حبيبي إذا ما عقَّني قلَمي
|
حب المصطفى قدري
|
|
|
قلبي بحب رسول الله متبولُ
|
|
ومنيتي يومَ حشري منهُ تقبيلُ
|
وحبُّهُ قدَري يا طيبَه قدراً
|
|
ما كان يوماً لروحي عنهُ تحويلُ
|
يزدادُ شوقي له في كلِّ ثانيةٍٍ
|
|
وكلُ ثانيةٍ لي منهُ تنويلُ
|
إن كانَ يُطفئُ شوقَ الصّبِ تعليلُ
|
|
فإن شوقي لهُ يُذكيهِ تعليلُ
|
كم عشتُ حبي لهُ أمناً وطمأنةً
|
|
أحس أني بها للخلد محمولُ
|
وكم جنيتُ بحبِّ المصطفى نِعماً
|
|
فأينما سرتُ حظي منهُ تبجيلُ
|
من قبل أن يتلقّى الوحيَ كان فتى
|
|
قد تم منه لحملِ الوحي تأهيلُ
|
فكان أكمل من قد زانهُ خُلقٌ ْ |
|
عنهُ تحدَّثَ توراةٌ وإنجيلُ
|
ألدُّ أعدائهِ في صدقهِ شهدوا
|
|
فالصدقُ منه لمن عاداه مأمولُ
|
الله تمم للأكوان رحمتَهُ
|
|
لـمّا على قلبه قد تمَّ تنزيلُ
|
سبحان من لجميع الخلْق أرسلهُ
|
|
بالبيِنات فعمّ الكونَ تهليلُ
|
ما بدّل الدهرُ حرفاً من رسالتهِ
|
|
فحِفْظُها عندَ ربّ العرش مكفولُ
|
كم بدّلت قبلَهُ أديانَها أممٌ
|
|
فتمَّ منهُ لمِا قد صح تأصيل ُ |
لحِلْمهِ دانَ من ضلوا، ومن حقدوا
|
|
فكلهم منهُ بالإحسانِ مشمول ُ |
فاعْجّبْ لسيفٍ عليهِِ سُلَّ من غضبٍ
|
|
كيف استحال نصيراً وهو مسلول!ُ
|
وكيف أصحابهُ صاروا شموسَ هدىً
|
|
ودون إخلاصهم وصفٌ وتمثيلُ
|
هم الأُلى حملوا القرآنَ وانطلقوا
|
|
في الكونِ، فالكونُ بالتوحيدِ مأهولُ
|
جهادهم لم يَدَعْ ظلماً وتفرقةً
|
|
ولم يرافقْه تزميرٌ و تطبيلُ
|
ساسوا البلاد بعدلٍ لا مثيلَ لهُ
|
|
فلوْمُ أدناهمو حقدٌ وتدجيلُ
|
روح الحضاراتِ في تطبيقِ شرعتهِ
|
|
وليس إلا بها تُمحى الأباطيلُ
|
هذا صنيعُ رسول الله في أممٍ
|
|
قد سادها قبلهُ بغْيٌ وتجهيلُ
|
فكيف لا أتسامى في محبتهِ
|
|
ويزحَم النجمَ مني العرضُ والطولُ
|
*** |
الكون، يا ربُّ أمسى الرعْبُ يقتلهُ
|
|
لَـمَّا تحكّم زوراً فيهِ مرذولُ
|
في كلِ آنٍ وفي كلِ البلاد لهُ
|
|
بغيٌ وبطشٌ وتدميرٌ وتقتيلُ
|
وليس ينجيهِ إلا هديُ أحمدِنا
|
|
فليس للكون عما سنَّ تحويلُ
|
فاجعلْ إلهي بني قومي لهُ تبَعاً
|
|
يا مَنْ بهِ عندكَ التِسآلُ مقبولُ
|
*** |
تعساً لمن جحدَ الهادي ورحمتَهِ
|
|
فإنه بقيود الجهل مكبولُ
|
والحاقـدون عليهِ لو وعَوْا خُلُقاً
|
|
مِن خُلْقِهِ لم تُسيْء منهم أقاويلُ
|
*** |
فيا إلهي أعِدْ للكونِ بهجتَهُ
|
|
بحبِّ مَن منك قد أغناه تفضيلُ
|
وصلِّ ربي عليه دائماً أبداً
|
|
فملءُ لوحِكَ ربي عنه تفصيلُ
|
هادي الأنام
قبسات من سيرة الرسول الأعظم صلوات ربنا وصلواته عليه ونفع العالم كله بهذه السيرة العطرة.
|
|
|
زان الوجودَ مقامُك المحمودُ
|
|
وبه الزمانُ على الزمانِ سعيدُ
|
ما زال عبر الدهرِ هديُك عاصماً
|
|
وعظيمُ قدرك ما يزال يزيدُ
|
اللهُ شاءك يا محَمَّدُ رحمةً
|
|
للعالمين فتمَّ منه الجودُ
|
من خير أصلابٍ وأطهر منبتٍ
|
|
قد جاءنا بك ربُّنا المعبودُ
|
ولدتك آمنةٌ فيا لهَنائها
|
|
فلها بمولدك الكريمِ خلودُ
|
كلُّ البشائر طمأنتها أن مَن
|
|
ولدتْه ليس كمثله مولودُ
|
ومضت إلى المولى بقلبٍ آمنٍ
|
|
أنْ أنت من لك عنده التأييدُ
|
ما ضرَّ يُتمَك أن تُرى خيرَ الورى
|
|
وطعامُ أمّكَ تمرةٌ وقديدُ
|
حضنتك حانيةً وضاعف حبَّها
|
|
أن الوليد له أبٌ مفقودُ
|
للهِ يُتْمكَ يا محمّدُ كم بهِ
|
|
من حكمة، ولكم به ترشيدُ!!
|
ونشأتَ في حفظِ المهيمن نشأةً
|
|
بصلاحها كم ذا أقرَّ عنيدُ!
|
من قبل أن يوحى إليكَ تكاملتْ
|
|
منك الخلال فكلُّهنَّ حميدُ
|
تسعى على العافين تسعِد قلبَهم
|
|
وتعين كلاًّ هدّه المجهودُ
|
كنتَ الأحبَّ إلى القلوب، ومَن له
|
|
من قومه الإجلالُ والتمجيدُ
|
ما رمتَ أمراً أو حللتَ بمجلسٍ
|
|
إلا وكان الخير حيث ترودُ
|
اللهُ أودع في خلالِك لطفَه
|
|
ولكم بلطفك قد أقرّ حقودُ!
|
والقوم مصطرعون فيما بينهم
|
|
وعلى سموِّكَ أمرُهم معقودُ
|
أوَليس حسبكَ أن يقولوا كلُّهم:
|
|
أنت الأمينُ الصادقُ المحمودُ!
|
أوَلمْ تحكّمْ في أجلِّ أمورهم
|
|
فالرأيُ منك لدى الجميع سديدُ
|
ورضوْا بحكمك واستراحوا بعدما
|
|
أن كان كلٌّ يغتلي ويكيدُ
|
أطفأتَ نارَ الكبْر حين تسعّرت
|
|
لولاك صُبَّ على السعير وقودُ
|
وأتت خديجةُ خيرُ نسوةِ قومها
|
|
ترجو القِرانَ وما لديك «رصيدُ»
|
فلأنت أغنى الخَلْقِ بالخُلُقِ الذي
|
|
بكماله عبر المدى مشهودُ
|
هذا اختيار الله يسَّر أمرَهُ
|
|
فكلاكما بقرينه مسعودُ
|
*** |
كنتَ الفريدَ بكل ما أوتيتَه
|
|
وبما حباك الله أنت فريدُ
|
فاختارك الرحمن فيهم مرسلاً
|
|
فإذا اختيارُك للبريّة عيدُ
|
«اِقرأ» أتاك بها الأمينُ مِنَ الذي
|
|
قد قال: أنت على الأنام شهيدُ
|
فالرسْل قبلك بشروا بك هادياً
|
|
وأدقُّ وصفِك عندهم موجودُ
|
والكونُ مرتقبٌ هداك، وطرفُه
|
|
نحو السماءِ لوعدها مشدودُ
|
وإليك زاد من الزمان حنينُه
|
|
وهفا إليك ضميرُه المفؤودُ
|
والقوم حولك في عداءٍ دائمٍ
|
|
قد عزّ فيهم مُنصِفٌ ورشيدُ
|
وأدُ البناتِ مزيّةٌ في عرفهمْ
|
|
أما اليتيمُ فحظه التشريدُ
|
الأبعدون تحكّموا بمصيرهم
|
|
وبهم يعيث ويستبدُّ يهودُ
|
قد بدّلوا عمداً شريعة ربّنا
|
|
فالكون منهم عمّه التنكيدُ
|
ونهضتَ بالتوحيد تُعلي نهجَهُ
|
|
والعزمُ منك على البلاغ حديدُ
|
فلأنت أنت له المُعَدُّ ومَن به
|
|
ستُفكُّ عن كلِّ العقول قيودُ
|
جُمعت بما أوتيت كُلُّ رسالةٍ
|
|
سبقت، وضيَّع صفوَها التبديدُ
|
فلكل أهل الدهر نهجُك صالحٌ
|
|
ما دون هديك حاجزٌ وحدودُ
|
أَولم تكن قبل الرسالة صادقاً
|
|
وعلى وفائك مُبغِضوكَ شهودُ!
|
وبُعثتَ بالآيات ترجو هديَهم
|
|
فإذا بقومك حاقدٌ وحسودُ
|
وإذا بذاك الحب صار عداوةً
|
|
وإذا النّصيرُ إذا دعوتَ لدودُ
|
|
فلكم نأى عنك القريبُ بغلظةٍ
|
|
وأتاك ملتمساً هداك بعيدُ!
|
شئت النجاة لهم، وقتلُك قصدُهم
|
|
خابَ الطغاةُ، وخُيِّب المقصودُ
|
واصّاغروا لما رأوْا لَك وِقفةً
|
|
فيها على الوثقى لك التأكيدُ
|
ساقوا لك الدنيا بكل فتونها
|
|
طوعاً، وإلا فالبديـلُ وعيدُ
|
وهتفت لو بيديّ قد وضعوا غداً
|
|
شمساً وثم البدرَ لستُ أحيدُ
|
ومضيتَ ترجو الله في إعناتهم
|
|
ويزيد منك لربك التصعيدُ
|
كنت الحليمَ تذوب نفسُك حسرةً
|
|
كي لا يُرى من شانئيك صدودُ
|
وتزيد حبّاً كلَّما ازدادوا قلىً
|
|
وتبش ما جمعت عليك حشودُ
|
لله كوكبةٌ بهديـك آمنت
|
|
ما ضرها ظلمٌ ولا تهديدُ
|
تزداد إصراراً على سَنن الهدى
|
|
ما ساءها قتلٌ ولا تشريدُ
|
ويزيدهم للصدقِ ربُّك عزّةً
|
|
ويزيد منهم في الصعابِ صمودُ
|
فهمُ الأجلُّ، وهم أعزّ من اهتدى
|
|
وكعهدهم لا لن تكون عهودُ
|
الله ميّزهم لصدق يقينهم
|
|
فثباتهم يوم اللقاء فريدُ
|
في بردتيْ كل الصحابة في الوغى
|
|
كي ينصروا دين الإله شهيدُ
|
ما همَّ جُرحٌ أو مماتٌ عاجلٌ
|
|
فالموتُ عند المؤمنين خُلودُ
|
هم بعض آيات الإله لصدقهمْ
|
|
وهمو جميعاً حيثما هم نودوا
|
وكألفِ معجزةٍ تراهم ما دُعوا
|
|
ولدى الدجى هم ركّعٌ وسجودُ
|
*** |
يا من عليك القوم قد زادوا الأذى
|
|
وعلى الأذى منك الثبات يزيدُ
|
لا ضيرَ فالإذلال عقبى كيدهم
|
|
وجزاؤك التمكينُ والتأييدُ
|
أوَما أراك الله أكبرَ آيةٍ
|
|
فرأى الزمانُ بأنك المحمودُ
|
وعلى البراق تحط عند المنتهى
|
|
وترى الذي ما لا يُرى وتعودُ
|
وتظل معجزةً على عمر المدى
|
|
وعلى تفرّدها الزمانُ شهودُ
|
لو لم يكُن لك غيرُها لكفى بها
|
|
نصراً وعزّاً لم يسعه وُجودُ
|
سيظل عقلُ الجاحدين مُقيّداً
|
|
عنها، وليس على التقاة قيودُ
|
فالله ربّك لا مردّ لما يرى
|
|
كلاّ، ولا كلُّ المحال تؤودُ
|
لكنما الأحقادُ تذهب بالنهى
|
|
وبها العقولُ عن الصوابِ تحيدُ
|
وعلى البلاغ يَزيد حرصُك جاهداً
|
|
وثبات صحبك ما عليه مزيدُ
|
والمعجزات تجيء تترى كلُّها
|
|
عِبَرٌ بها المولى عليك يجودُ
|
أوَما بكفيك الحصى قد سبَّحتْ
|
|
هل كان قبلَك للحصاة نشيدُ؟
|
والجذعُ بعد البين زاد حنينُه
|
|
وهفا إليك عسى إليك يعودُ
|
والضرع بين يديك سال حليبُه
|
|
كرماً وكان كأنه مقدودُ
|
وبلطفك المعهودُ قلتَ مداعباً
|
|
أحُداً، ليثبتَ حين كاد يميدُ
|
|
أوَما أحبك مثلما أحببتَه
|
|
من قال لم يأنسْ بك الجلمودُ؟!
|
*** |
يا من رحمتَ القوم رحمة قادرٍ
|
|
وعليك زاد الحقد والتقييدُ
|
وإلى المدينة أخرجوك سفاهةً
|
|
والقلب منك بمكةٍ معمودُ
|
هاجرت ترجو نشرَ يُسْرِ عقيدةٍ
|
|
فيها يزول العسرُ والتعقيدُ
|
أرخصْتَ ما أغلى سواك لعزّها
|
|
وأردت ما مولاك كان يريدُ
|
علّمتَ أهلَ الدهرِ أن عقيدةً
|
|
تُفدى بملك الدهر سوف تسودُ
|
وغزوت تنشر دين ربك هادياً
|
|
فإذا الملائك حيث سرتَ جنودُ
|
لم تغزُ إلاّ كي تزيل مظالماً
|
|
وتعِزّ من هم للطغاةِ عبيدُ
|
وأتاك نصر الله حيثُ طلبتَه
|
|
فإذا بحكمك في الورى ممدودُ
|
وفتحتَ مكة قادراً ومظفراً
|
|
والكلُّ حولك بالأسى مصفودُ
|
وأتاك من قد أخرجوكَ أذلّةً
|
|
والعدلُ لو هم شُرِّدوا وأبيدوا
|
لكن كما الرحمن شاءك فاطراً
|
|
كنتَ الرحيم فكان منك الجودُ
|
قلت اذهبوا كلٌّ طليقٌ، وانتهى
|
|
بالحلم منك الشركُ والتهويدُ
|
*** |
يا سيدي يا خيرَ من نشر الهدى
|
|
أنّى ذُكِرتَ فإن ذكركَ عيدُ
|
بهداك نال العالمون نعيمَهم
|
|
فهداك ما مرّ الزمانُ جديدُ
|
الله تمّمه ليسعدنا بهِ
|
|
بسواه يوماً لن يكون سعيدُ
|
عاث اليهودُ بقدسنا، وتمزّقت
|
|
شيعاً ديارٌ دينُها التوحيدُ
|
لو آيةٌ تهدى إليها أمتي
|
|
مما هديْتَ لمَا استطال يهودُ
|
|
*** |
عذراً إليك إذا انكفأتُ لحسرتي
|
|
فأنا لذِلّةِ أمتي مفؤودُ
|
لو قبّلتْ شفتاي تربتَك التي
|
|
فيها نزلتَ إذاً أنا المحسودُ
|
أو مرّ طيفُك عبر عيني في الكرى
|
|
لو لحظةً ما مسّني تسهيدُ
|
فادعُ الإلهَ لأمتي يا سيدي
|
|
فعسى إلى ما قد هديتَ تعودُ
|
قدّمتُ بين يديكَ دمعي شافعاً
|
|
وأظن أن سخيّه سيفيدُ
|
لو ملكوني كلَّ ما فوق الثرى
|
|
ما كنتُ إلا ما تريدُ أريدُ
|
أرجو شفاعتك الكريمة في غدٍ
|
|
فرجاء عمري حوضُك المورودُ
|
ولد النبي
|
|
|
وُلِدَ النبيُّ المنتظرْ
|
|
فلْتطمئِنوا يا بشرْ
|
ولْتسعَدِ الدُّنيا بهِ
|
|
فمجيؤه أحلى خبرْ
|
*** |
وضعْته آمنةُ التي
|
|
رأتِ البشائرَ حينَ هَلْ
|
فالله طمأنها به
|
|
فله سيَجمعُ كُلَّ فضلْ
|
*** |
الكونُ راقبَ مولدَهْ
|
|
لينالَ منه مقصِدَهْ
|
ويزولَ عنه شقاؤهُ
|
|
فسواهُ لا لن ُيسعِدَهْ
|
*** |
الكونُ تمّ سرورهُ
|
|
لمّا أتاه بشيرُهُ
|
فهو الذي سيعمُّ
|
|
أرجاءَ البريّةِ نورُهُ
|
*** |
ولد النبيُّ محمّدُ
|
|
من بالفضائلِ أوحدُ
|
فالكونُ فيه مُبَشَّرٌ
|
|
والدهرُ فيه الأسعدُ
|
جدود محمد r
|
|
|
جدودُ نبيّنا الهادي
|
|
أراهمُ خيرَ أجدادِ
|
فإبراهيمُ أعظمهمْ
|
|
أبو اسماعيلنا الفادي
|
*** |
فَداهُ اللهُ تحنانا
|
|
وأنزلَ فيه قرآنا
|
أطاع اللهَ في أمرٍ
|
|
به سيكون قربانا
|
*** |
ومنه جاء أشرافٌ
|
|
لهم في الناسِ ألطافُ
|
وكلَّ الفخر قد حازوا
|
|
وغيرَ اللهِ ما خافوا
|
*** |
جدود محمدٍ كانوا
|
|
على الخيراتِ أعوانا
|
كراماً بالتقى سادوا
|
|
وزادوا الناسَ إحسانا
|
*** |
وهاشمُ جدُّه الأمجدْ
|
|
ومنه لم يكنْ أجودْ
|
عظيماً فارساً بطلاً
|
|
بطيب فعاله يُحمدْ
|
*** |
جدودُ محمدٍ سادوا
|
|
وكانوا خير أسيادِ
|
ومن هم خيرُ أجدادِ
|
|
بنوهمْ خيرُ أحفادِ
|
أنت من أرشد
|
|
|
لنُسعدَ أنتَ من أرشدْ
|
|
وعلّمَ كلَّ ما يُحمدْ
|
وكنتَ القدوةَ المثلى
|
|
وعند إلهنا أحمدْ
|
*** |
أمرتَ الناسَ باللينِ
|
|
لتحيا رحمةَ الدينِ
|
ولم تغضبْ على خصمٍ
|
|
عسى يُهدي إلى الدينِ
|
*** |
بصدقكَ كلُّهم شهدوا
|
|
فلم تُخلِفْ بما تعدُ
|
وإن آذوك ترحمهمْ
|
|
فآمنَ كلُّ من جحدوا
|
*** |
أقرّوا أنك المرسلْ
|
|
بدينٍ شرعُه الأكملْ
|
ومن عرفوك عبرَ الدّهرْ
|
|
قالوا إنك الأفضلْ
|
*** |
ستبقى قدوةَ الدنيا
|
|
ومثلَك لن ترى قدوهْ
|
فعزّ الدهرِ أن تبقى
|
|
لنا بك وحدك الأسوهْ
|
محرر الأمم
|
|
|
يا من بشرعِكَ لم يَعُدْ ظلمُ
|
|
يا مَن بك الأبرارُ تأتمُّ
|
نلتَ الكمالَ بأمرِ خالقنا
|
|
وبما أتيتَ به زها العلمُ
|
*** |
يا رحمةَ الرحمنِ للخَلْقِ
|
|
يامن ازلتَ الظلمَ بالرفقِ
|
العالمون على المدى شهدوا
|
|
ما غيرُ شرعك جامعُ الحقِّ
|
*** |
علّمتَ أن الحقُّ منتصرُ
|
|
مهما عليه اشتدّ من بطِروا
|
وبأن من ظُلِموا إذا اتحدوا
|
|
أمسى قريباً منهم الظفرُ
|
*** |
ما زال ما علّمتَ دستورا
|
|
تلقى به الأكوانُ تنويرا
|
ما غيرُه يمحو الظلامَ، ولا
|
|
إلاه قد عرف الورى نورا
|
*** |
صلى عليك إلهُنا كرما
|
|
يامن هداك يحرّر الأمما
|
ويزيلُ عنها كلَّ مظلمةٍ
|
|
ويُحيل كل شقائها نِعما
|
العز بالعمل
|
|
|
بهديك سيِّد الرسُلِ
|
|
جنينا غايةَ الأملِ
|
فقد علّمتَ أمّتَنا
|
|
بأن الفوزَ بالعملِ
|
*** |
كرامةُ كلِّ إنسانٍ
|
|
بماقد كان يتقنهُ
|
يظل العمرَ محبوباً
|
|
وكل الناس تأمنُهُ
|
*** |
يُريح ضميرَه المتـقـِنْ
|
|
لغيرِ الحقِّ لا يذعِنْ
|
وكلُّ الناس تُكبِرهُ
|
|
وتهتف هكذا المؤمنْ
|
*** |
جمالُ العيشِ بالعمـلِ
|
|
وكلُّ الذلِ بالكسلِ
|
وفي الاتقان إعزازٌ
|
|
ولا عزٌّ بلا عملِ
|
أحب رسولنا الطفلا
|
|
|
أحبَّ رسولُنا الطفلا
|
|
وكم وصّى به الأهلا
|
فإن اللهَ أرسلَهُ
|
|
وزاد لنا به الفضلا
|
*** |
رحيمُ القلب يأمرنا
|
|
بكلِّ اللطفِ والعطفِ
|
وينهى كلَّ من يلقى
|
|
عن الإيذاءِ والعنفِ
|
*** |
يعلِّم صحبَه الحسنى
|
|
لنسعد أينما كنا
|
فأدّبنا بما وصّى
|
|
فعشنا السعد والأمنا
|
*** |
رسولَ اللهِ يا أغلى
|
|
من الدنيا على قلبي
|
سأتبع دينَك السامي
|
|
لأحيا جنةَ الحبِّ
|
*** |
وأُسعِدُ كلَّ من حولي
|
|
بأقوالي وبالفعـلِ
|
فإني لم أجدْ فضلاً
|
|
كما علّمتَ من فضلِ
|
أكمل الناس
|
|
|
أكملُ الناسِ جميعاً
|
|
رجلٌ يُدعى محمّدْ
|
منذُ أنْ كان وليداً
|
|
كان بين الناسِ يُحمدْ
|
*** |
صادقاً في كلِّ قولِ
|
|
مخلصاً في كلِّ فعْلِ
|
كلَّما يُذكرُ فضلٌ
|
|
فلهُ أعظمُ فضلِ
|
*** |
أبداً كان رحيما
|
|
وبمن ضلّ حليما
|
ربُّه قد قال عنهُ
|
|
خُلْقه كان عظيما
|
*** |
كان لله مطيعاً
|
|
لم يخف يوماً جموعا
|
وكما كان سيبقى
|
|
قدوةَ النّاسِ جميعا
|
*** |
كلّما مرَّ زمانٌ
|
|
زاده النّاسُ احتراما
|
فهو مَن جاء بدينٍ
|
|
علّم الناسَ النظاما
|
*** |
شاءه الله رسولاً
|
|
لجميع العالمينْ
|
زدْه يا ربي صلاةً
|
|
فهو خيرُ المرسلينْ
|
أنت رسول الله
|
|
|
أنتَ رسول اللهْ
|
|
أكمل خلق اللهْ
|
جئتَ بشرعِ اللهْ
|
|
كي نحيا بهداهْ
|
*** |
منهجُكَ القرآنْ
|
|
جاءَ من الرحمنْ
|
علّمنا التقوى
|
|
وأتمَّ الإيمانْ
|
*** |
دينك خيرُ الدينْ
|
|
يُسعِدُ كلَّ حزينْ
|
كنت الصادق فيه
|
|
وكنت أمينْ
|
*** |
يا من أنت رحيمْ
|
|
وبنا أنت حليمْ
|
أبداً كنت كريمْ
|
|
خلقك كانَ عظيمْ
|
*** |
حبك يحيي القلبْ
|
|
ذكرك يجلو الكربْ
|
يا أكمل إنسانٍ
|
|
أنت رسول الحبْ
|
جل جلال الله
|
|
|
عصفورٌ في الجوّ يطيرُ
|
|
وحصانٌ في الأرض يسيرُ
|
وفراشٌ حلوٌ وزهورُ
|
|
هي من صنع اللهْ
|
جل جلالُ اللهْ
|
النهرُ تدفقَ بالماءِ
|
|
والنسمةُ تمضي برخاءِ
|
والغيمةُ تعبرُ مسرعةً
|
|
حيث يشاءُ اللهْ
|
جل جلال اللهْ
|
أشجارٌ في الحقلِ كبيرةْ
|
|
ونباتاتٌ فيه صغيرةْ
|
وخرافٌ تلهو مسرورهْ
|
|
هي من خلق اللهْ
|
جل جلالُ اللهْ
|
بدرٌ في الأفقِ يُنيرُ
|
|
ومراكبُ في البحرِ تسيرُ
|
آياتٌ في الكون تشيرُ
|
|
أنْ ربُّ الكلِ اللهْ
|
جل جلالُ اللهْ
|
بما شرع الإله
|
|
|
بما شرعَ الإلهُ لنا اعتصامُ
|
|
فما شرع الإلهُ هو التمامُ
|
تكاملَ شرعُه قلباً وعقلاً
|
|
فتمّ به انسجامٌ والتئامُ
|
فإن الله خالقُ كلِّ شيءٍ
|
|
هو المرجوُّ منه لهم نظامُ
|
عليمٌ وحدَه في كل أمرٍ
|
|
وكلّ الخلْقِ منه لهم قِوامُ
|
فكيف يُرامُ غيرُ اللهِ ربّاً
|
|
وشرعاً غيرَ شرعته يُرامُ؟
|
فما شرع الإله به هدانا
|
|
فليس به اعتداء أو خصامُ
|
غنيٌّ ربُّنا عن كل شيءٍ
|
|
وما كدوام ما يُعطي دوامُ
|
ولولا أنه عنهم غنيٌّ
|
|
لما شاهدتهم بالرزق عاموا
|
ولولا أنه ربٌّ رحيمٌ
|
|
لما أمسى لمن جحدوا مقامُ
|
سعادةُ كلِّ روحٍ في هداهُ
|
|
فليس تُسام روحٌ أو تُضامُ
|
يذلل شرعُه ما كان صعباً
|
|
فينتشر التسامح والوئامُ
|
ولولا ظلمُ من ظلموا وضلّوا
|
|
لعمَّ ا لحبُّ وانتشر السلامُ
|
فيا ربي لشرعك قُدْ خطانا
|
|
فليس بغيره يُرجى اعتصامُ
|
لقيا
لا الأهلُ تُغني عن اللقيا ولا المالُ
|
|
|
يا من عليكَ صلاةُ الله تنهالُ
|
لولا هداك لما فزنا بصالحةٍ
|
|
|
وظل يصرِفُ أمرَ النّاس جُهّالُ
|
فأنت أنت لأهل الكون رحمتهم
|
|
|
وخير من فعلوا خيراً ومن قالوا
|