-
فى البدء أطلق عليها الفرس اسم «هازاتو» وسماها العرب «غزة هاشم» نسبة إلى هاشم بن عبدمناف جد الرسول «صلى الله عليه وسلم» وكانت قاعدة اللواء الجنوبى لفلسطين إبان الانتداب البريطانى إلى أن أصبحت عاصمة لقطاع غزة بعد حرب ١٩٤٨م وظلت تتبع الإدارة المصرية حتى عام ١٩٦٧ واكتسبت أهميتها منذ القدم بفضل وقوعها على أهم الطرق التجارية فى العالم القديم كما كانت حلقة اتصال بين مصر والشام.
وهى فوق هذا ثانى أكبر مدينة فلسطينية بعد القدس، وتقع شمال قطاع غزة، فى الجنوب الغربى لفلسطين على شاطئ البحر الأبيض المتوسط على مساحة تقدر بـ٤٥ كم٢.
وتولت السلطة الفلسطينية إدارة المدينة تطبيقاً لاتفاق أوسلو سنة ١٩٩٣ بعد أن كانت تتخذها قوات الجيش الإسرائيلى مقرا لها أثناء احتلال قطاع غزة ما بين ١٩٦٧ و١٩٩٤.
وتدل المصادر التاريخية على وجود بشرى مبكر فى مدينة غزة يعود لما يزيد على ١٠٠٠ عام قبل الميلاد حيث ذكرت فى مخطوطة للفرعون تحتمس الثالث «القرن ١٥ق.م»،
كما ورد اسمها فى ألواح تل العمارنة ومما توصلت له الأبحاث والحفريات أنه بعد ٣٠٠ سنة من الاحتلال الفرعونى للمدينة نزلت قبيلة من الفلسطينيين وسكنت المدينة والمنطقة المجاورة لها، وصولاً إلى عام ٦٣٥م، حيث دخل المسلمون العرب المدينة وأصبحت مركزاً إسلامياً مهما خاصة أنها اشتهرت بوجود قبر للجد الثانى للنبى محمد «صلى الله عليه وسلم» هاشم بن عبد مناف ومن اسمه استمدت اسمها «غزة هاشم» كما أن غزة هى مسقط رأس الإمام الشافعى «٧٦٧/٨٢٠» أحد الأئمة الأربعة عند المسلمين السنة،
وفى فترة الحملات الصليبية، سيطر الأوروبيون على المدينة لكنها رجعت تحت حكم المسلمين بعد أن انتصر صلاح الدين الأيوبى عليهم فى معركة حطين عام ١١٨٧.
وقد خضعت غزة للخلافة العثمانية فى القرن السادس عشر وبقيت تحت حكمهم حتى سنة ١٩١٧ عندما استولت عليها القوات البريطانية خلال الحرب العالمية الأولى بعد ثلاث معارك ضارية ومما يذكر أنه فى الحرب العالمية الأولى صمد لواء واحد من الجيش العثمانى مؤلف من أقل من ثلاثة آلاف جندى فلسطينى فى وجه فرقتين بريطانيتين أمام غزة وكبدهما خسائر فادحة وأرغمهما على التقهقر حتى العريش عام ١٩١٧.
وحينذاك أصدر أحمد جمال باشا القائد التركى الذى اشتهر بخصومته للعرب، بياناً رسمياً أشاد فيه بالشجاعة الفذة التى أبداها أولئك الجنود الفلسطينيون فى غزة أمام أضعاف أضعافهم من جنود الأعداء، وأنها بسالة خارقة تذكر بالشجاعة التى أبداها آباؤهم من قبل عندما حموا هذه البقاع المقدسة بقيادة صلاح الدين الأيوبى.
بعد ذلك أصبحت غزة جزءاً من فلسطين فى فترة الاحتلال البريطانى وتمت إضافتها إلى الدولة الفلسطينية عندما أصدرت الأمم المتحدة قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية عام ١٩٤٧، ولكن قامت مصر بدخول المدينة عام ١٩٤٨، وفى فبراير عام ١٩٤٩، وقعت كل من مصر وإسرائيل هدنة تقضى باحتفاظ مصر بالمدينة، ولذلك كانت مأوى لكثير من اللاجئين الفلسطينيين عند خروجهم من ديارهم.
وفى فترة الحملة الثلاثية على مصر سنة ١٩٥٦ قامت إسرائيل باحتلال المدينة والسيطرة على شبه جزيرة سيناء المصرية، لكن الضغط العالمى على إسرائيل اضطرها للانسحاب منها، لكن أعيد احتلالها فى حرب الأيام الستة «٥ يونيو ١٩٦٧/ ١٠ يونيو ١٩٧٠» وبقيت المدينة تحت الاحتلال الإسرائيلى حتى عام ١٩٩٤ بعد الاتفاق بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل.
بعد سنوات طويلة من الاحتلال الإسرائيلى حرمت فيها مدينة غزة من هويتها التاريخية، بدأت المدينة تستعيد ماضيها المجيد وكانت غزة دائماً مكاناً تجارياً غنياً، وذلك كان سبباً كافياً لتعاقب احتلال المدينة من قبل جيوش كثيرة على مر التاريخ، وبعد سنوات طوال من الاحتلال الإسرائيلى للمدينة، يمضى الغزاويون قدماً نحو بناء مدينتهم العريقة.
ولقد تم فى الآونة الأخيرة تحقيق الكثير من الإنجازات، ويستطيع الزائر للمدينة أن يستمتع بشاطئها الجميل وبحسن ضيافة أهلها، وكما هو طائر العنقاء «شعار مدينة غزة» فإن المدينة دائماً ما تبعث قوية من تحت الرماد.
ويمكن للزائر لهذه المدينة أن يصل إليها بواسطة الجو، ومطار غزة الدولى يقع على بعد ٤٠ كيلو متراً جنوب المدينة، لكنه مدمر إلى حد كبير حالياً على يد الجيش الإسرائيلى ومعطل عن العمل، أو يهبط فى مطار بن جوريون الذى يقع على بعد ٧٥ كيلو متراً شمال المدينة، وبطبيعة الحال لا يمكن استخدامه من قبل المواطنين الفلسطينيين، كما يمكن السفر للمدينة براً عبر المعبر الشمالى «معبر بيت حانون» أو المعبر الجنوبى «معبر رفح» بواسطة التاكسى، كانت هناك خطوط منتظمة بواسطة تاكسيات جماعية بين غزة ومدن أخرى، مثل رام الله والقدس والخليل، ولكن هذه الخطوط لا تعمل منذ عدة سنوات بفعل سياسات الحصار الإسرائيلية.
وفى غزة عدد من دور العبادة القديمة، من أبرزها الجامع العمرى، ومسجد السيد هاشم، حيث يرقد جد الرسول محمد «عليه الصلاة والسلام»، وتوجد الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية التى تعود إلى القرن الخامس الميلادى.
ومن أحياء غزة حى الشجاعية وهو من أكبر أحياء المدينة، وينقسم إلى قسمين الشجاعية الجنوبية (التركمان) والشجاعية الشمالية (الجديدة)، وهناك أيضاً حى التفاح، الذى تعود تسميته لكثرة أشجار التفاح التى كانت تنتشر فيه، وهناك أيضاً «حى الصحابة» وحى «النصر» وحى «الزيتون» وحى «الصابرة» وحى «الشيخ رضوان» و«تل الهوى».
أما عن مخيمات غزة، فهى مخيم جباليا ويعتبر أكبر المخيمات، ولكنه يتبع محافظة شمال غزة، وليس محافظة غزة، ويوجد فى مدينة غزة مخيم إلى غرب المدينة مقابل للساحل وهو مخيم الشاطئ.
كتب محمد المصطفى - المصري اليوم