-
من المستفيد ؟!
أعجبني كثيرا ما كتبه الدكتور محمد الهرفي بعنوان (غزة تحترق) في عكاظ (2/1/1430هـ) حين لام الموقف المندد بحماس في مثل هذه الفترة الحرجة التي تقتضي التكاتف والاتحاد في مواجهة عدو باغ هدفه القضاء على الجميع وإفناء الجميع.
وإذا كان د. الهرفي تناول في نقده السياسيين، فإني أضيف إلى ذلك نقد بعض قادة الرأي العام من الكتاب، الذين يبرز من خلال أقلامهم ما يخيم على الموقف العربي من انقسام وتنافر يضر الأمة ولا ينفعها في شيء. إنه مما يثير الألم ويبعث على الشعور بالخجل أن نطالع في مثل هذه الأيام بعض أقلامنا العربية المسلمة وهي تضم صوتها إلى صوت ايهود أولمرت وكونداليزا رايس وانجيلا ميركل وأمثالهم من الذين يعلنون بملء أفواهiم براءة إسرائيل من إثم الاعتداء بعد أن اضطرتها حماس، حين لم تلتزم بالهدنة، إلى الدفاع عن نفسها. ويزيد الإحساس بالألم عندما نقرأ هذا الكلام في وقت نسمع فيه أصوات شعوب أخرى في فرنسا وبريطانيا وكندا وغيرها من عواصم العالم، تجلجل بالحق منادية بتجريم إسرائيل وإرغامها على الكف عن الطغيان.
يكاد المرء لا يصدق أن هناك من الكتاب من لم يجد ما يقوله في هذا الظرف البائس، سوى أن يشمت بحماس وأن يكيل لها التقريع لأنها (بحمقها السياسي) جرت البلاء على نفسها وعلى الشعب الفلسطيني في غزة، بل أسوأ من هذا أن تمضي اللامبالاة بالبعض إلى المن، فيأخذ يذكر الفلسطينيين بما قدم لهم من المساعدات وكيف أنهم جحدوا ذلك وبدلا من أن يقابلوه بالشكر والعرفان أخذوا، تحت حرقة القصف وأذى الحصار، يلومون الدول العربية على عدم تحركها السريع لإيقاف الحرب ضدهم.
في مثل هذه الظروف القاسية وقت الأزمات والنكبات، ليس من الخلق ولا من المصلحة أن تظهر مثل هذه النغمات الشامتة والمانة أو اللائمة، فالقوم يذبحون وتحل بهم الإبادة والدمار، ومتى لم يمكن رفع القتل عنهم، فإن أضعف الإيمان الصمت عن لومهم أو المن عليهم أو إظهار الشماتة بهم. ومهما بلغت أخطاء حماس، ومهما كان الجحود في موقف بعض الساسة الفلسطينيين تجاه من بذل شيئا من أجلهم أو مد يد المساعدة لهم، فإن المصلحة العربية والإسلامية تقتضي في هذه المرحلة تجاهل ذلك وتناسيه، إن إخواننا في فلسطين يبادون اليوم باليد الإسرائيلية، ومن حقهم على إخوانهم في أيام محنتهم، ليس السكوت عن لومهم أو الشماتة بهم أو المن عليهم، فحسب، وإنما قبل ذلك من حقهم أن يجدوا السند والمؤازرة والثبات في دعمهم في المطالبة بالحياة الحرة الكريمة.
إن الوضع الكارثي الذي تمر به غزة يتطلب من المسلمين والعرب التكاتف وتوحيد الكلمة ومد يد العون لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لكن بكل أسف، هناك من جعل الموقف زمنا للمحاسبة والتخطئة وإظهار الشماتة، فترك العدو المتربص في كل زاوية، يرقب ردود الأفعال ويستشف موقف الأشقاء المتنازعين، فتتأكد ثقته أن القوم لاهون بخلافاتهم عن الالتفات إليه، فيزداد اطمئنانا وينعم سلاما.
بقلم عزيزة المانع