تانيا كارينا سو
" لليهود دينهم وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم، وإن على اليهود نفقتهم، وعلى المسلمين نفقتهم. وإن بينهم النصح والنصيحة، والبر دون الإثم. وإنه لم يأثم امرؤ بحليفه. وإن النصر للمظلوم. وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين. وإن بينهم النصر على من دَهَم يثرب.. على كل أناس حصتهم من جابنهم الذي قبلهم. وإنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم. وإن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة. وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة...."
هذا جزء من الاتفاقية الرسمية التي أبرمت بين النبي محمد والقبائل التي كانت تقطن المدينة (وكانت تعرف حينها بيثرب): العرب (الأوس والخزرج)، واليهود (بنو قينقاع، وبنوقريضة، وبنو النضير).
وقد أشرت إلى هذه المعاهد لأننا كثيراً ما نسمع بأن النبي كان معادياً لليهود، ولذلك يجب أن نتناول هذا العقد بمزيد من التفصيل.
لماذا يخاف الغرب من الإسلام؟ وكلمة "الغرب" هذه أعني بها العالم غير المسلم، وذلك على الرغم من وجود الملايين من المسلمين الذين ينتمون إلى الغرب بالمولد والمجتمع.
يعاني الغرب من قصور في فهمه للإسلام. فمعرفته في هذا الشأن مأخوذة من بعض الترجمات السيئة للقرآن، والتي أبعدت عن سياقها.
ويقوم المترجمون عادة بتشويه الكتابات والأحاديث العربية الحديثة، ولا يشيرون إليها كما ينبغي. ووسائل الإعلام الغربية المتحيزة والجاهلة في أغلب الأحيان التي تهيمن على العالم، تعتمد على بعض الخبراء السياسيين الذين يتحدثون عن الإسلام في إطار العولمة وقيم الديمقراطية الغربية.
واللغة العربية لغة معقدة ومعبرة، بينما تتسم الإنجليزية بالدقة والحرفية. وببساطة هنالك اختلاف في اللغة.
يعتقد الغرب بأنه لا يعرف الكثير عن محمد ، على العكس من السيد المسيح، غير أن العكس هو الصحيح في واقع الأمر. حيث أن المعرفة التي لدينا عن السيد المسيح لا تتجاوز ثلاث سنوات فقط من حياته. ولكننا نعرف كل شيء عن حياة النبي محمد : طفولته، وكيف كان ينام، وكيف كان يأكل، وعاداته في الاستحمام، بل حتى نعرف تفاصيل علاقاته الزوجية.
وبالرغم من أن الكثير من الأحاديث تتناول بالتفصيل الأوصاف الخَلْقية للنبي محمد، إلاّ أن الإسلام لا يسمح بتصوير أو تمثيل شخص النبي محمد. وبالمقابل لا نملك صورة دقيقة للسيد المسيح. فهو أسود في إفريقيا، وأزرق العينين في أوربا، وفي المشرق عيونه مائلة. فأي هذه الأوصاف صحيح؟ لقد كان السيد المسيح يهودياً من عرب فلسطين.
القس جيري فالويل، وهو من أبرز مقدمي البرامج المسحيين الإنجيليين في العالم، وصف النبي بأنه "شاذ جنسياً كان يعاني من مس الجنون". وينبع هذا من الادعاء الذي يردده البعض كثيراً بأن عائشة قد تمت خطبتها للنبي عندما كانت في السادسة من عمرها، وتزوجها عندما كانت في التاسعة. غير أن الأمر لم يكن كذلك، فقد اتفق العلماء على أن عائشة كانت في الثالثة أو الرابعة عشرة من عمرها عند إتمام الزواج. وليس هذا غريباً في عصرنا الحاضر: حيث أن الأمهات المراهقات في إنجلترا وأمريكا يمنحن أماكن في المدارس لحضانة أطفالهن الرضع.
كما أن القس بات روبرتسون، وهو من الزعامات المؤثرة في شبكة التلفزة المسيحية في أمريكا، والذي يبث المسيحية الإنجيلية على الملايين في جميع أنحاء العالم، يشبِّه القرآن بكتاب هتلر (Mein Kampf /كفاحي).
وكتب روبرتسون أن "الله هو ليس الرب في الإنجيل... وأن الله هو إله القمر في مكة. فهما ليس شيئاً واحداً. وإن تفسير الله بأنه الرب، تفسير خاطئ". ولذلك فإن الكثيرين في الغرب يعتقدون بأن إله اليهود والمسيحيين والمسلمين ليس واحداً، بينما جميع المسلمين في العالم يؤمنون بأنه إله واحد.
ومما تجدر الإشارة إليه هنا أنه على العكس من المسيحية أو اليهودية، فالإسلام لا ينكر نبوة السيد المسيح أو أي من الأنبياء من قبله أو يطعن فيه- حيث أنهم جميعاً يعتبرون أنبياء في الإسلام.
وينظر الغرب إلى الإسلام من منظوره الخاص، فهو يتصور الإله في صورة إنسان. ولذلك، لابد للمسلمين -من وجهة نظر الغرب- أن يعبدوا إلهاً في صورة شيخ هرم ذو لحية بيضاء في السماء، وأن الملائكة مخلوقات شقراء لها أجنحة كأجنحة الطير، لأن هذا هو وصفهم. غير أن المسلمين لا يؤمنون بذلك.
ويعتقد الغرب بأن الإسلام يحرم الغناء، وذلك بالرغم من ذكر شعراء محمد المفضلين، وأسكت الذين أرادوا مقاطعتهم. ويعتقد أيضاً أن الرجال المسلمين يضطهدون النساء بإبقائهن داخل البيوت، وإذا خرجن يجب أن يسرن خلفهم بخمس خطوات. ويمكن للرجل أن يطلق المرأة بقوله "أنت طالق". وأنا أقيم في المملكة العربية السعودية، وهي جدلياً من أكثر البلدان المحافظة في العالم، وأؤكد لكم أن المرأة السعودية قوية ولا يمكن أن تتسامح مع تصرفات كهذه.
كما أن تهمة "الوهابية" التي باتت منتشرة، هي ليست طائفة إسلامية، بل هي ليست موجودة، ودستور المملكة العربية السعودية ينص على أن الدين الرسمي للدولة هو الإسلام. ولم يقل الإسلام السني. أو الشيعي.
وهنالك اعتقاد بأن محمد كان يتجول في أرجاء الجزيرة العربية بحثاً عن المعارك والغنائم والأسرى والمزيد من الزوجات، ولو أننا قمنا بجمع أيام الحروب التي خاضها النبي فهي لن تتجاوز أسبوعاً واحداً فقط. والضحايا الذين سقطوا في القتال في تلك الفترة لم يتجاوز عددهم ألف وثمانية عشر قتيلاً من المسلمين واليهود والمشركين، مجتمعين.
وأكبر معركتين خاضهما النبي محمد، وهما معركة بدر معركة أحد، كل منهما استغرق يوماً واحداً. وعندما احتل النبي محمد مكة، لم يرق قطرة دم واحدة، وأطلق سراح الجميع. وقال محمد "أن دم الجاهلية كله موضوع".
وجزء كبير من صورة العنف يأتي من الآثار التي ترتبت على غزوة الخندق، حيث يقال أنه قتل ما بين أربعمائة وتسعمائة من اليهود.
ولكن ما الذي حدث في حقيقة الأمر؟
لقد اندلعت اضطرابات بالقرب من المدينة بين المسلمين وبعض الأفراد من قبيلة يهودية، حول شرف امرأة مسلمة، وكانت مسألة وقت قبل اندلاع النزاع الكبير. وقد وضعت هذه الحادثة النبي محمد بين خيارين: إما أن يقاتل يهود بني قريظة، أو إبعادهم من المدينة. وأمرهم النبي بمغادرة المدينة.
وقد وضعت خطط لاغتيال النبي محمد، ومن ثم القضاء على هذه المجموعة الوليدة من المسلمين مرة وإلى الأبد.
فقاموا في بادئ الأمر بدعوة قبيلة قريش أعداء النبي في مكة، ثم أرسلوا الرسل إلى قبيلة غطفان في الصحراء، وسعوا إلى توحيد هذه القبائل. واجتهدوا في إرسال شعرائهم إلى القبائل المجاورة لتحريضها على الحرب، ووعدوا بالدعم الكامل من جميع القبائل اليهودية في الجزيرة العربية للقبائل العربية الوثنية. وتشكيل جيش قوامه عشرة آلاف مقاتل.
ولنعد الآن إلى وثيقة العهد التي ذكرتها في المقدمة.
القبيلة اليهودية التي جاورت محمد في المدينة –وهي قبيلة بنو قريظة- كانت تعيش بسلام مع المسلمين لعدة سنوات. فقد كانوا يملكون عدة حصون على مسافة قريبة من المدينة، وكان النبي محمد يعتمد عليها في الحماية. ولم يكتف الطرفان بالاعتراف بحق كل منهما في العبادة وممارسة شعائره الدينية، بل تعاهدا على يحمي كل منهما الآخر إذا تعرض للاعتداء. كما تعهدا على أن يتحدا في تحالف واحد، وكانا حليفين قانونيين بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.
ولكن أحد زعماؤهم الذين خططوا لهذا العدوان أشار عليهم بنقض هذا العهد، والوقوف إلى جانب العدو، لأنهم مهددون بنجاح النبي، فوافقوا على ذلك.
اقترب الجيش من المدينة وعسكر خارجها. وقد رأى النبي محمد، والذي لم يكن يملك غير ثلاثة آلاف رجل، أنه من الحكمة أن يفاوض القوم. غير أنهم رفضوا ذلك.
لقد فشل العدو في جر المسلمين إلى معركة مفتوحة بسبب الخندق الذي حفره المسلمون حول المدينة، فقد استغرق حفر الخندق عشرون يوماً وأصبحت القبائل تشعر بالضجر من هذه الحملة التي طال أمدها. وذات ليلة هبت عاصفة عنيفة اقتلعت خيام جيش العدو ومؤنه، وبحلول الصباح كان الجيش قد هرب.
وقام المسلمون بقتل أربعة من العدو وخسروا سبعة قتلى.
لقد نقض جيران محمد العهد. وقد شعر النبي بالخيانة ولذلك قام بإبعاد بنو قريظة من المدينة.
ولكن، من الصعب أن يتحقق النصر طالما بقوا على مقربة من الخطر.
لقد كانت الأرض الخاضعة لمحمد في تلك الفترة تعادل خمس حجم قلعة بالمورال في اسكتلندا. فعدد السكان في الجزيرة العربية آنذاك لم يتجاوز خمسة ملايين. وكان ذلك العقاب مؤشر ضعف كان سينتشر في أوساط قبائل أخرى.
ولذلك أجبروهم على الاستسلام.
وقد اشترطت القبيلة اليهودية شرطاً واحداً: وهو أن يتم الحكم عليهم على يد وسيط متعاطف معهم، وهو سعد بن معاذ، زعيم الأوس بالمدينة. وقد كان سعد جريحاً في تلك المعركة، حيث توفي في اليوم التالي، ولأنه كان غاضباً من فعلتهم، حكم سعد بن معاذ على الرجال بالقتل، واستبقاء النساء والأطفال، وذلك وفقاً لشريعة اليهود.
وقد كان ذلك القرار يستند إلى خيانتهم للعهد وليس لكونهم يهود: لأن كون المرء غير مسلم لم يكن أبداً سبباً للقتل.
ولكنني على أية حال لا أتفق مع العدد الذي تم ذكره للقتلى. فالرقم لم يرد في القرآن، بالرغم من ورود العدد في بعض المعارك. غير أن هنالك مقولة على علاقة بهذا الموضوع تشير إلى أن عدد الذين قتلوا هو أربعمائة، ولم يكن الأمر كذلك، وعلى أية حال الحديث ضعيف الإسناد.
ومن أبرز الذين ذكروا هذا العدد هو العلامة ابن اسحق، الذي توفي بعد 145 عاماً من الحادثة. وقد جمع معلوماته من أحفاد أولئك الذين تم إعدامهم، وليس من المسلمين أو الأوس. كما أن مالك الذي عاش في عصره يعتبره ابن اسحق كذاباً ويسعى لاختلاق القصص والحكايات الغريبة. وعلى أية حال عادة ما نمجد ضحايانا في المعارك، ونبالغ في مكاسبنا وخسائرنا.
ومهما كان عدد القتلى كبيراً، لورد في الأحاديث كدليل على قوة المسلمين. وكان من الممكن أن يكون سابقة في حد ذاتها. ولو كان النبي محمد بالفعل ضد اليهود، لعمد المسلمون إلى تطهير الجزيرة العربية منهم.
وقد ورد في دائرة المعارف اليهودية (Encyclopaedia Judaica) أن العصر الذهبي للثقافة وعلوم التشريع اليهودية كان في عهد الحكم الإسلامي في الأندلس بإسبانيا. وفي نفس الوقت كان يتم إحراق اليهود وهم أحياء في العالم المسيحي. وبالرغم من ذلك، كثيراً ما يستخدم الغرب قالب الحقد اليهودي بشكل خاطئ في إشاراته المعاصرة للنوايا الإسلامية.
وبالنظر إلى السكان في عهد بني قريظة، فإن عدد الذين تم إعدامهم لن يتجاوز 250.
ومعلوم عبر التاريخ أن جميع الزعماء والقادة كانوا يستأصلون خصومهم ويقتلون أعداؤهم حتى يبقوا هم ، وليس هنالك أي مجتمع عاش في منأى عن ذلك.
لقد ظل ملوك بريطانيا وحشيون في أغلب الأحيان، حيث أن برج لندن بما فيه من مخاليع، وغرف للتعذيب، يعد أكبر شاهد على إنجلترا الدموية. كما أن أوربا حاربت جيرانها بضراوة، حيث قتل 50 مليون إنسان في الحربين العالميتين، الأولى والثانية.
لقد قتل ما يصل إلى خمسة ملايين في الحروب الصليبية الأولى: فالحملة الصليبية الأولى أبيد فيها 12 ألف يهودي في واحدة من أقدم المستوطنات الأوربية. وبعد الحملة الصليبية السابعة قتل 10 آلاف يهودي في بوهيميا. وفي عام 1499، خير الكاردينال سيسنيروس خمسين ألفاً من المسلمين بين اعتناق المسيحية أو القتل، ومحاكم التفتيش الرومانية الكاثوليكية وحدها مسؤولة عن قتل اثنا عشر مليوناً من البشر. وخلال أغلب هذه الفترات، كان الإسلام يعيش عصره الذهبي في العلوم، بينما كانت أوربا تقبع في العصور المظلمة وتلبس أقمشة الخيش.
لم تقم أي دولة إسلامية بمهاجمة الغرب. ولو حدث ذلك، فيكون بواسطة الحكام المسلمين الذين جاءوا لاحقاً بعد محمد وبنو إمبراطورياتهم وخاضوا تلك المعارك لأسباب سياسية واقتصادية، وقاتلوا قتال المتدينين ولكن ليس بالضرورة باسم الدين.
إلى أي درجة كانت جماعية تلك العقوبة التي أوقعها محمد بعد معركة الخندق؟ وهل كانت مكافئة للجرم؟
ففي الغرب، عقوبة الذي تثبت إدانته بالتعاون مع العدو، قاسية حتى في أحدث القوانين. ولعل الحكم يتناسب مع بنود العهد الذي اتفق عليه يهود المدينة مع المسلمين.
لقد كانت اللحظة الأكثر محورية في التاريخ الإسلامي.
وقد أوضح النبي محمد حرمة الاعتداء على المدنيين، وإيذاء الحيوان، وتخريب الممتلكات، وتلويث المياه، حتى إلحاق الضرر ولو بشجرة واحدة.
أما في الغرب، فالحيوانات لم تكن تتمتع بالحماية حتى تأسيس الجمعية الملكية لمنع القسوة على الحيوان (Royal Society for the Prevention of Cruelty to Animals) في عام 1824م، ولم تجد البيئة الحماية التي تستحقها إلاّ بعد أن تم إنشاء منظمة السلام الأخضر Greenpeace في عام 1971، كما أن حقوق الإنسان وجدت من يهتم بها عندما أنشئت منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان Human Rights Watchعام 1978م.
وقد وضع النبي محمد قبل ألف وأربعمائة عام حقوقاً للمرأة: في الميراث، والاستقلالية، وحق التعليم وحق التصويت (البيعة). مع أن النساء في إنجلترا لم يكن باستطاعتهن التصويت حتى عام 1918 إذا كن فوق سن الثلاثين، وفي أمريكا لم يسمح للنساء بالتصويت إلاّ في عام 1920، أما في سويسرا فلم يتمتعن بحق التصويت إلاّ في عام 1971م. كما أن فكرة عمل المرأة نادراً ما كانت تثار حتى قبل مائة وخمسين عاماً، ومع قدر كبير من المعارضة.
لقد كانت الزوجة الأولى للنبي محمد هي رئيسته في العمل، وقد كانت سيدة أعمال ثرية تكبره بخمسة عشر عاماً. وبالرغم من أن تعدد الزوجات كان أمراً شائعاً في تلك الأيام، إلاّ أنه لم يتزوج عليها امرأة أخرى حتى توفيت بعد أن عاشت معه خمسة عشر عاماً. وكانت زوجته الثانية في الخامسة والستين من عمرها عندما تزوجها، كما تزوج أخرى بعد عدة سنوات.
وقد كانت أغلب زيجات النبي محمد سوابق قانونية لمنع التمييز بين الناس. فقد تزوج امرأة يهودية، وأخرى مسيحية، كما تزوج امرأة مسنة، وتزوج أرملة، وأخرى مطلقة، وتزوج عذراء، وتزوج خادمة، وغير محمية أي (لا عائل لها).
لقد ظل الغرب يتدخل في الكثير من شؤون الدولة والشؤون الثقافية في العالم الإسلامي، سواء كان ذلك من خلال حكم مباشر أو غير مباشر. والمسلمون في العالم الإسلامي يدركون عدم التوازن- واللامبالاة بإخوتهم المسلمين في فلسطين، والبوسنة، والشيشان، والعراق، وكشمير، وغيرها.
وفي نظر الغرب، فإن فشل المسلمين في المحافظة على السلام مع الغرب هو بسبب الإسلام نفسه. فهو متهم لأنه موجود في القرن الرابع عشر (وهو كذلك من الناحية الفنية: حيث أننا الآن في عام 1427هـ حسب التقويم الإسلامي). وأنه كلما أسرع المسلمون في التكيف مع النمط الغربي كلما كان ذلك أفضل.
وقد كتب المؤلف النمساوي ليوبولد ويس "إن فشل المسلمين لم يكن بسبب أي قصور في الإسلام، ولكن بسبب فشلهم في الالتزام به".
وينظر إلى الإسلام على أنه دين يقوم على "الجهاد". وكلمة جهاد تعني "الكفاح" أو "النضال". والكلمة التي تدل على الحرب هي "القتال". غير أن الغرب يبذل قصارى جهده لاعتماد تعريف غير صحيح.
وإن لم يكن الأمر كذلك، فلماذا ينظر إلى النبي دائماً على أنه رجل يحب العنف؟ مع أننا نعلم أنه لم يكن كذلك في واقع الأمر.
وقد يكون مرد ذلك جزئياً إلى كونه يمثل رمزاً للرجل الذي لا يخاف. فالصورة النمطية السائدة لمحمد هي صورة الرجل الذي يعتلى صهوة الحصان وبيده سلاحه، وهو ليس أسيوياً بالرغم من أن الآسيويين يشكلون 80% من المسلمين.
فالرجال العرب لا يلبسون الدروع في الحرب، كما يفعل الجنود الأمريكيون في العراق- حيث أن الواحد منهم مدجج بالدروع من قمة الرأس حتى أخمص القدمين. فالرجل العربي يحمل سيفه ويمتطي حصانه لمواجهة القوات المحتلة- وحتى في يومنا هذا في أفغانستان (والأفغان ليسو عرباً، ومع ذلك، يلخصون هذه القيم).
والعرب يذلّون صورة الرجل الغربي القاسي، والصورة الإعلامية السائدة هناك.
والنبي محمد لم ينشر الإسلام بحد السيف، بل كان الأمر "شويا شويا مع الإبتسامة" أو "رويداً رويداً مع الابتسامة".
هنالك مقولة في الغرب: "احذر الرجل الذي ليس لديه ما يخسره". أي لا شيء لديه يخسره في هذه الحياة، ففي الإسلام ليس هنالك خوف من الموت، هنالك شعور بالطمأنينة، والثقة بالنفس، والمسلم لديه إحساس بالأمن العاطفي.
لقد اختفى دور الحامي القوي الذي أسسه الرجل الغربي لنفسه.
الغرب في واقع الحال لا يخاف من الإسلام. ولكنه فقط يخاف من المجهول، وسواء كان هذا الخوف من الوحش تحت السرير، أو من العربي المسلم. ولو نزلت المخلوقات الغريبة على الأرض من الفضاء الخارجي، فهو حينئذ لن يكون مخيفاً لكونه تم استبداله بعدو جديد من المجهول.
وقد كتب صاموئيل هانتنجتون، وهو من المحافظين الجدد، ومؤلف كتاب "صراع الحضارات" "لم يكسب الغرب العالم بتفوقه في الأفكار أو القيم أو الدين، ولكن بفضل تفوقه في تبني العنف المنظم... والغربيون ينسون هذه الحقيقة دائماً- ولكن غير الغربيين لا ينسونها".
غير أنني أفضل أن أكون في الجانب الذي يربح في النهاية.
شكراً لكم.
[2] Syed Ameer bin Ali, “The Spirit of Islam” Cambridge University, 1922
Encyclopaedia Judaica, (Jerusalem: Keter Publishing), 1971-1972