مصطفى الأنصاري
عشق المدينة النبوية وفاضت روحه في الهند ... رحيل المباركفوري
بعد حياة مليئة بالعلم طيبها بـ«الرحيق المختوم»
في وقت تعقد فيه جائزة نايف العالمية للسنة النبوية حفلتها الختامية، لتكريم الفائزين لهذا العام، فجعت الأوساط العلمية في السعودية والهند برحيل أحد أبرز علماء السيرة النبوية في العصر الحديث الداعية الإسلامي الكبير، صفي الرحمن المباركفوري، عن عمر بلغ بضعة وستين عاماً.
وأبدى المواطنون والمقيمون تفاعلاً كبيراً في السعودية مع حدث وفاة الشيخ الجليل، عبر اتصالات هاتفية ورسائل إلكترونية وزيارات ميدانية لابنه طارق، الذي ظل من سكان المدينة التي أحبها والده «المدينة المنورة».
وأبلغ «الحياة» في اتصال هاتفي معه، أن والده توفي الجمعة الماضي، بعد صراع مع المرض استمر نحو ستة أشهر، إثر زيارة قام بها إلى بلاده (الهند)، لقضاء إجازته السنوية، ففاجأته «جلطة» في الدماغ، انتهت بوفاته، مخلفاً ثروة علمية وثناءً عاطراً وآلافاً من التلاميذ في أنحاء شتى من العالم، نهلوا من علمه مباشرة، أو عبر كتبه التي كان أكثرها شهرة «الرحيق المختوم». وهو الذي اعتبره مهتمون بأبحاث السيرة النبوية أفضل المحاولات المعاصرة لقراءة أحداث سيرة النبي عليه الصلاة والسلام ومغازيه.
وتحدث نجل الراحل عامر من الهند عن والده، فقال إن الشيخ المباركفوري ولد في قرية «حسين آباد من مدينة بنارس في الهند عام 1942، ودرس في المدرسة الإسلامية (فيضي عام) قبل أن يعمل في التدريس في مراحل عدة في مدارس كثيرة في «مبارك فور» و«الهباد» و«سيلمي»، ثم التحق بالجامعة السلفية في بنارس مدرساً للفقه والحديث. وشغل منصب رئيس التحرير لمجلة شهرية تصدر من جامعة بنارس اسمها «محدث».
ويتابع عامر : «سافر والدي إلى السعودية، حيث عمل في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة لمدة عشر سنوات (1988- 1998)، وعمل كذلك باحثاً في مكتبة دار السلام في الرياض، وله مؤلفات عدة من أهمها: «شرح على صحيح مسلم»، «تلخيص تفسير ابن كثير»، «شرح بلوغ المرام»، «الرحيق المختوم في السيرة النبوية»، «روضة الأنوار في سيرة النبي المختار».
وذكر عامر أن العلامة الراحل تميز بعلمه الغزير وتواضعه الجم، وعدم حبه للأضواء وقربه من تلاميذه، وشارك في ندوات ومحاضرات كثيرة في مختلف أرجاء الهند، وفي الولايات المتحدة الأميركية والسعودية، والعديد من الدول الأخرى، وفاز كتابه عن السيرة النبوية الشريفة «الرحيق المختوم» بجائزة رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة في مسابقة السيرة النبوية عام 1396هـ. وقال عامر إن الشيخ المباركفوري لديه سبعة أشقاء توفي منهم اثنان، وأنجب أربعة أولاد وأربع بنات، وذكر عامر لـ «العربية. نت» أنه ستتم مواراة جثمان الداعية الراحل (السبت) أمس في مقبرة قريته «حسين آباد»، حيث ستقام صلاة الجنازة بالقرب من المقبرة قبل مواراته الثرى.
يشار إلى أن الشيخ صفي الرحمن المباركفوري، الذي يعد من أبرز دعاة السلفية المعاصرة، كان يؤكد دوماً أن تلك الدعوة نجحت في محاربة الكثير من «العقائد المنحرفة» بقوة الحجة والأدلة، ويذكر في أحد لقاءاته الإعلامية القليلة، أن «الدعوة السلفية المعاصرة حقق الله بها خيراً كثيراً في مجال العقيدة والتربية والتعليم والاتباع، إذ واجهت هذه الدعوة كثيراً من العقائد المنحرفة بقوة الحجة والأدلة، ووضوح المعتقد السلفي، فأحدثت تجديداً ملحوظاً في نفوس الناس وتصوراتهم، وقللت نسبة الخرافة ومظاهر الانحراف، وكثر المناصرون لها من أهل التوحيد، وكذلك كثرت المراكز العلمية التي تعنى بالعلم الشرعي وتفقيه الناس بدينهم، وكثر الخطباء والوعاظ والدعاة من مختلف هذه المراكز العلمية المباركة، وظهر حرص كثير من الشباب على اتباع السنة قولاً وعملاً، فلله الحمد».
المصدر :
http://www.daralhayat.com/arab_news/gulf_news/12-2006/Article-20061203-47ba494f-c0a8-10ed-01a4-77dfb3b1ade5/story.html