خميس قشة
لاشك أن الحديث من جديد عما أثارته أزمة الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول الكريم يطول وما تعرضت له الأقلية المسلمة بأوروبا بعد أحداث سبتمبر من هجمات متعددة من اليمين المتطرف المناهض للمهاجرين، و من الساسة والمثقفين الغربيين المتعصبين، يلقي في روعك شعورا واحدا هو الكره للمهاجرين والاستعداء وعدم التسامح معهم وعزلهم في أحياء خاصة بهم أو دمجهم حسب شروط الثقافة المهيمنة .
وسط هذه الأجواء المشحونة ببعض مظاهر العنصرية وأصوات الانغلاق و التصادم مع الآخر، ينتظم المخيم الشبابي الأوروبي الثالث بهولندا الذي ستنطلق فعالياته بإذن الله في بداية غرة شهر أغسطس 2006 ويتواصل لأربعة أيام و ذلك بحضور عدة وفود شبا بية ممثلة لمنظمات أوروبية ،وبمشاركة أبرز قيادات العمل الإسلامي بأوروبا خاصة والعالم الإسلامي عامة، هذا فضلا عن مشاركة شخصيات هولندية ممن يعرفون بتعاطفهم مع قضايا الأقلية المسلمة ،...
ويعتبر هذا التجمع الشبابي الأوربي رسالة من الأقلية المسلمة إلى المتخوفين والمشككين في وجودهم وفعاليتهم في المجتمعات الأوربية تأكيدا على ان الإسلام وأهله لا يمثل أي عداء، بل لديهم قواسم مشتركة تحقق حياة جماعية قائمة على العمل المشترك والاحترام المتبادل الذي يقرب النفوس والأفكار والأنفس وينزع الضغائن والأحقاد.
ويهدف المخيم الى تعليم المسلمين أصول الدين وتعريفهم بتعاليم الاسلام من خلال جمعهم بدعاة مختصين بالعلوم الدينية والاجتماعية و مؤصلين لمسالة " التعايش والاحترام والتواصل السلمي في مجتمع متعدد الثقافات" و ذلك عبر محاضرات وندوات وورشات عمل مشتركة، و ابرازالآيات القرآنية والأحاديث الشريفة التي تحث المسلمين على احترام غير المسلم والحفاظ على حقوقهم، لأن احترامُ الإنسان هو احترامٌ لإنسانيته كلها، و احترام شخصا آخر معناه أن تحترم قِيَمه ومعتقداته.وعدم النَّيل من كرامته ، وهو سلوك يؤكده الإسلام والخلق الإسلامي الرفيع في التواضع والاستشارة وسعة الصدر..
فليس هناك اختلاف على أن الاحترام بجميع أنواعه أمر مهم جدا في أي مجتمع. فاحترام الإنسان لأخيه الإنسان بصفة عامة يعني احترام كل طرف للآخر لطباعه و عاداته وشخصيته مع إمكانية تكيفه معه قدر الإمكان.. ثم قبول الشخص في مجمله بمميزاته و خصا ئصه وبذلك تسير الأمور بسلاسة وبدون صراعات، مما يعطي شعورا للشخص بالاستقرار و التوازن النفسي ، فبقدر ما يكون الشخص مستقراً داخلياً يكون قادراً على احترام الآخرين و يزداد وعيه، وهذا يؤسس لبناء الثقة المتبادلة والتفاهم والتعايش و يرسخ حقيقة التواصل البناء تحت نظام القيم والمصالح المشتركة بعيدا عن الصراع العنيف والقطيعة الانعزالية .
وبهذا يعطي مسلمو أوروبا رؤية واضحة ومتماسكة تجاه ثقافة الآخر حيث يمكننا أن نكون ارو بيين مخلصين لبلداننا الأوروبية ونحن جزء من أمة لها كيانها ومقدساتها دون التخلي في الوقت ذاته عن هويتنا الدينية، و قد ظهر جليا أن المسلمين لا يرفضون التواصل مع كل الثقافات المختلفة التي جاوروها و خاصة الأوروبية منها لكنهم يصرون على التواصل الايجابي الذي لا يلغي كينونة الآخر في ظل الاحترام الذي يكفل التنوع والإثراء وهو الذي يدل على القدرة على الاعتراف بالآخر، الاعتراف المبدئي وليس الاعتراف الشكلي التجميلي ...
خميس قشة
مدير المركز الثقافي الاجتماعي بهولندا
• kamis@wanadoo.nl