و .. هل أثمرت المقاطعة؟!

رقية سليمان الهويريني
حذَّر عدد من المفكرين والكُتّاب من مغبة المقاطعة التي انتهجتها الشعوب الإسلامية ضد المنتجات الدنماركية بسبب الرسومات الكاريكاتورية المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم.

والتحذير الذي أطلقه أولئك الكتَّاب بسبب التخوف من الانزواء وخسارة الأصدقاء من الغرب، وما يترتب على ذلك الانزواء من فقد العلاقات الإنسانية والتجارية بين شعوبنا الإسلامية وتلك الشعوب، ولا سيما أن بعض حكومات تلك الدول تتعاطف مع قضايانا المصيرية، ولها مواقف إيجابية في هذا المجال، كما كان لبعض الشعوب الأوروبية مواقف ضد حرب العراق واحتلاله من قبل أمريكا، ولو أن ذلك التعاطف ضعيف إلا أنه يعد من باب رفض الظلم والاحتلال. كما يرى هذا الفريق أن المقاطعة استغلت لتحقيق أهداف سياسية، فأظهرت وسائل الإعلام الغربية بعض أفراد الشعوب الإسلامية وهم يضرمون النيران في بعض السفارات بما يؤكد فكرة الإرهاب لدينا نحن المسلمين التي ألصقها بنا الغرب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر!! فضلاً عن تصوير الشعوب الإسلامية بأنها شعوب استهلاكية وغير منتجة ولن تصمد أمام المقاطعة أو تستغني عن المنتجات التي اعتادت عليها!.

ويرى بعض المتحفظين على قرار المقاطعة أن المستفيد منها دول غير مسلمة، وبعضها شيوعية ليس لها دين أو منهج؛ لذا فهم يميلون للأخذ بمبدأ (وزر المعصية ولا ذنب الشرك)!!.

وعلى جانب آخر يرى حاشدو المقاطعة أنها أتت بثمارها ولما تنتهي، ويستدلون بحجم الخسائر التي منيت بها الشركات الدنماركية؛ مما حدا بشركة (آرلا) الدنماركية للمنتجات الغذائية للقيام برعاية مؤتمر عالمي عن الرسول صلى الله عليه وسلم يشمل سيرته وأخلاقه ومبادئه، وهذا الإجراء بلا شك يعد نجاحاً من ضمن نجاحات المقاطعة بشرط ظهور نتائج إيجابية من هذا المؤتمر ولا يكون بقصد ذر الرماد سعياً لإنهاء المقاطعة.

وإننا لنأمل أن يخرج المؤتمر بقرارات نافذة، منها تمويل الدعاة والمفكرين الإسلاميين وفتح المجال لهم للتعريف بالإسلام كدين منقذ للبشرية من الضلال، ولا زلت عند رأيي الذي ذكرته في مقالتي السابقة (لا تحسبوه شراً لكم) بأن ما حصل - على رغم مرارته - جعل شعوباً كثيرة تتشوق لمعرفة هذا الرجل العظيم الذي ثارت له أمة عريضة من إندونيسيا شرق آسيا إلى موريتانيا غرب إفريقيا.

إن نبياً بعظمة رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم لجدير بالحب والاحترام؛ حيث لم يسجل التاريخ سواه (صاحب رسالة، وباني أمة، ومؤسس دولة) كما قال برنارد شو الفيلسوف الإنجليزي الذي التزم النزاهة وطرح عن قلبه الحقد والكراهية.

وسنعود حتماً لشراء منتجات شركة (آرلا) إذا حقق المؤتمر الهدف المنشود، وهو كبح جماح الحقد الدفين ضد الإسلام وأهله، وفتح آفاق من المعرفة وتبصير الغرب عن ماهية دين الإسلام ومن هو رسول الهدى (السراج المنير) الذي قال الله عز وجل عنه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}. ويبقى لدينا هدف سامٍ طويل الأجل، وهو السعي عبر قنوات رسمية لتجريم المساس بالدين الإسلامي ورسوله صلى الله عليه وسلم.

هناك، وهناك فقط، يأتي نصر الله والفتح، وقد نرى الناس يدخلون في الإسلام ليس فرادى بل أفواجاً!! وبعدها سنحكم: هل نجحت المقاطعة واستوعب المستهزئون الدرس أم أنها أدخلتنا في دهاليز الانزواء والانطواء؟!!

صحيفة الجزيرة السعودية

1
4248
تعليقات (0)