مؤتمر البحرين بين الناقدين والناقمين

جعفر شيخ إدريس
 من الناس من يريد أن يكون كل ما يقوله مبنيا على حقائق يقينية لا يتطرق إليها احتمال الخطأ، ويريد أن يكون كل عمله صالحا لا يتطرق إليه احتمال الخطيئة. لو أن علماء الشرع ساروا على هذا المنهج لما قبلوا من الأحاديث إلا المتواتر، ولما قبلوا من التفسير ما يتطرق إليه الشك، ولما أقدموا على اجتهاد في أمور الدين. ولو أن علماء الدنيا تبنوا هذا المنهج لما كانت هنالك علوم طبيعية ولا اجتماعية.

لكن علماء الشريعة وعلماء الدنيا علموا يقينا أن اليقين ليس بشرط في قبول كل الحقائق، بل إن الظني منها يمكن أن يرقى إلى درجة العلم. وعلموا وعلم المصلحون والمخلصون أن كل ابن آدم خطاء وأن خير الخطائين التوابون. فأقدموا على العلم وأقدموا على العمل فأصابوا كثيرا وأخطؤوا قليلا فنفع الله بهم العباد وقلل بجهودهم الفساد. ألسنا نصلى نبتغي بصلاتنا وجه الله ونرجو ثوابه، فإذا انتهينا من صلاتنا كان أول ما نفعله هو الاستغفار. ألا ترى أن المجاهدين يقدمون على الجهاد وهم يقولون "ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين" ؟

وقد رأيت كثيرا ممن يتردد في الإقدام على أي قول أو عمل لا يكون موقنا من صوابه أنهم قليلو العمل كثيرو النقد للعاملين، يقل عمل أحدهم بمقدار كثرة نقده، فيكون ما يفسد أكثر مما يصلح.

ورأيت أناسا انتهازيين لا يأبهون لصدق في قول أو عدل في حكم، وإنما يحاولون أن يصلوا إلى أهدافهم بأي وسيلة كانت. ورأيتهم مع الأسف أكثر تأثيرا في الواقع من أولئك المخلصين (وأحسبهم كذلك) المترددين.

كبير مستشاري اللجنة العالمية لنصرة خاتم الأنبياء

1
4097
تعليقات (0)