حسونة حماد
إنَّ ما حدث مؤخرًا في الدنمارك وبعض الدول الغربية من نشرِ بعضِ صحف هذه الدول الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول- صلى الله عليه وسلم- تحت زعم حريةِ الرأي والتعبير ما هو إلا "موجةٌ في بحرِ مرضِ كراهيةِ الإسلام" إن صح التعبير.. ما هو إلا طلقةٌ في حربٍ طويلةٍ ومستمرةٍ ضد الإسلامِ.
هذه الموجة حوَّلت مرضَ كراهيةِ الإسلام إلى وباءٍ انتشر بين معظم الغربيين من غير المسلمين.
ولكنَّ السؤالَ هنا: لماذا يوجِّه الغرب الإساءةَ لشخص الرسول- صلى الله عليه وسلم؟ أو بمعنى آخر: لماذا الرسول صلى الله عليه وسلم بالذات؟!
(إخوان أون لاين) أرادت أن تُجيب عن هذا السؤال فيما يلي:
ولاء للقائد
يقول د. رشاد البيومي- أستاذ الجيولوجيا بكلية العلوم، وعضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين-: "إن الغرب وجَّه الإساءةَ للرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- ويوجهونها له دائمًا؛ لأنهم يستشعرون مدى ولاء المسلمين لقائدهم وقدسيته في نفوسهم، فهم عندما يريدون أن يسيئوا للمسلمين ويستفزوا مشاعرَهم لا يجدون سوى الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- ولكنْ رُبَّ ضارةٍ نافعةٍ؛ فهم تخيلوا أن المسلمين أصبحوا هباءً منثورًا، وظنوا أنهم سيسيئون إلى مقدسات المسلمين دون أن يتحرك أحدٌ منهم لذلك، فكان الردُّ كما نراه الآن من انتفاضةٍ لكل الشعوب العربية والإسلامية، وإن كنت أتمنى أن يكون ذلك على مستوى الحكومات العربية والإسلامية أيضًا باتخاذ موقفٍ موحَّدٍ تجاه هذا الموضوع".
وأكد بيومي أن الغرب لن ينتهي عن ذلك إلا إذا أدرك المسلمون خطورتَه واتخذوا بعضَ الإجراءات الفعلية والعملية تجاه ذلك، مثل المقاطعة وتوضيح صورة الإسلام الحسنة في الغرب، إضافةً إلى وجود واقعٍ إسلامي صحيح في الدول الإسلامية من خلال تطبيق مبادئ وتعاليمِ الإسلام الصحيحةِ في أنفسنا وعلى أراضينا؛ حتى يقتديَ به غيرُنا من غير المسلمين.
ويرى أن استخدام الوقاحةِ تحت زعم حريةِ الرأي والتعبيرِ ما هو إلا نوعٌ من الهبوط من قِيمة الإنسانِ والعِلمِ وكلِّ شيءٍ.
هجومٌ على الإسلام
ويرى د. أحمد عبد الرحمن- أستاذ علم الأخلاق- أن ذلك ليس هجومًا على شخص الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- فقط؛ وإنما هو هجومٌ على الإسلام بصفة عامةٍ، ووجَّهوا الإساءة للرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- بالذات؛ لأنه هو ممثلُ الإسلام، وهو الذي جاء بالرسالةِ وقاد المسلمين، ووسَّع رقعةَ الدولةِ الإسلاميةِ التي وصلت بعده إلى الأندلس في أقلَّ من قرنٍ هجري، وهذا دائمًا يترك أثرًا في نفوسهم تجاه الإسلام والمسلمين، ولذلك لا بد من وجود سياسات تربوية وفنية وعلمية وإعلامية تكشف ذلك وتوضحه للمسلمين؛ حتى ينتبهوا، وأكد أنه طالما ظل المصحف موجودًا في نفوس وقلوب المسلمين فلن يصِل هؤلاء إلى هدفهم وهو محوُ الإسلام من الوجود، وأكد أن هذا العدوان أنتج صحوةً عظيمةً للمسلمين، وأعتقد أنه لن تستطيع أية صحيفة في العالم أن تتجرَّأ أو تقومَ بمثل هذا العمل مرةً أخرى.
تشويه للرمز
ويقول د. طلعت عفيفي- أستاذ الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر وعميد كلية الدعوة سابقًا-: "إن الهجوم على النبي- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-؛ لأنهم يعتبرونه الرمزَ الذي ينتسب إليه المسلمون، فإذا نجح هؤلاء في تشويهِ صورة الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- فإنهم بذلك ينجحون في ضرب الإسلام ككل.
وأكد أن ما حدث لم يُقصد به الرسولُ- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- فقط؛ ولكن قُصِد به دعوته- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-.
ويرى أن الهجوم على الإسلام لن ينتهي؛ لأن التدافعَ بين الحق والباطل قائمٌ، وأن الغرب يأخذ بمقولةِ أن "عدوك هو عدو دينك".
وقال: إن رد الفعل الذي حدث من قِبَل المسلمين تجاه ذلك شيءٌ طيبٌ، ولكن يجب تفعيلُه أكثر من ذلك، واستخدام الوسائل الدبلوماسية للضغط على الغرب، وينبغي على قادة الدول العربية والإسلامية أن يكون لهم موقفٌ إيجابي رسمي يُرضِي شعوبَهم؛ حتى يتراجع الغرب عن إهانة المسلمين وسب مقدساتهم.
وأكد أن من أسباب الهجوم على الإسلام هو ضعفُ المسلمين، وحرصُهم على الدنيا، وعدم استعدادِهم للتضحيةِ، ويجب أن ينتبه المسلمون لقول الله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا (20)﴾ (الكهف)، ويظهروا عليكم.. أي ترتفع منزلتُهم فوق منزلةِ المسلمين، فإذا وصلوا إلى هذا الأمر فلا بد أن يدبروا للإسلام، علمًا بأن طبيعةَ الكفر هي الغلُّ والحقدُ والحيل والمكر.
حربٌ معلنة
ويقول د. منير جمعة- مدرس بآداب المنوفية-: "إن الغربَ من غيرِ المسلمين لديهم اعتقادٌ في أمور معينة، وهي أن القرآن من عند محمدٍ، وأن محمدًا ليس نبيًّا، ولكن مدعيًّا للنبوة، ولكي يصلوا إلى هذين النقطتين لا بد أن يشوِّهوا صورةَ الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- والقرآنَ الكريمَ، وتشويه صورة الإسلام بصفة عامة؛ لأنهم لاحظوا أن الإسلام أسرعُ الأديان انتشارًا في العالم، وهذا يُحدِث عندهم ذعرًا وخوفًا شديدًا جدًّا، وخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر ودخول الكثير من الغرب في الإسلام.
ومثل هذه الأمور تجعلهم يتصرفون على جميع المستويات، ويوزعون الأدوارَ عليهم باسم الحرية للعمل على الحدِّ من انتشار الإسلام.
واعتبر جمعةُ أن هذه حربٌ معلنة وليست خفيةً على أحد، وإن كان بعضها باردًا وبعضها ساخنًا، بعضها بالصواريخ وبعضها بالتشويش المتعمَّد، وما يحدث في جوانتانامو والعراق وأفغانستان وسوريا ولبنان.. إلخ أكبرُ دليلٍ على ذلك، وكله محاولة لتصريف الغيظ والحقد تجاه الإسلام المسلمين.
وأكد أن الإساءةَ للإسلامِ والمسلمين لا تنتهي مصداقًا لقوله تعالى: ﴿وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنْ اسْتَطَاعُوا﴾ (البقرة: من الآية 217) وقوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ (الأنفال: من الآية 60). وترهبون.. أي تمنعوهم من التعدي على الإسلام والمسلمين، وليس للاعتداء عليهم؛ لأنَّ العدة في الإسلام تكون لردع الأعداء وليس الاعتداءَ عليهم، ولذلك يجب أن نربِّيَ جيلاً مسلمًّا فاهمًا لإسلامه فهمًا شاملاً، ولا يقتصر على ردود فعل مؤقتة فقط.
ونقول للغرب شكرًا على أنكم أيقظتم فينا شيئًا من حب الإسلام ومقدساته، ولو أن دعاةَ المسلمين أنفقوا أضعاف ما أنفقوه الآن على الدعوةِ ما كانوا يستطيعون إيقاظَ عُشرِ ما فعله الغربُ جرَّاء هذه الحملة الشرسة على الإسلام.