هل الديمقراطيات الغربية تكفل احترام الأديان و حرية المعتقد؟

خميس قشة: روتردام- هولندا

تعيش هولندا هذه الأيام حالة من الخوف والترقب بعدما تتالت الأحداث وتزايدت موجة الاستياء والغضب عقب نشر صحيفة دنماركية صورا كاريكاتورية بعنوان "صفات محمد" تسببت في إشعال نار فتنة يصعب إخمادها وسرت عدوى هذه الحملة كالنار في الهشيم في عديد من الصحف الأوروبية تضامنا أو لتخفيف المقاطعة الاقتصادية، وضغط التنديد الرسمي والشعبي في العالم الإسلامي على الدنمارك والنرويج ولامتصاص ردة فعل المسلمين مقتدين في ذلك بتآمر كفار قريش عندما اتفقوا على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم واجمعوا رأيهم على أن يأخذوا من كل قبيلة شخصا، ثم يضربونه ضربة رجل واحد فيتفرق دمه بين القبائل، فلا يدري المسلمون بعد ذلك ما يصنعون ولا يمكنهم معاداة القبائل كلها... ويسود هولندا جو من الاحتقان خاصة أن مشهد قتل المخرج الهولندي "ثيو فان خوخ" لم يغب عن الأنظار بعد ، والتهديدات التي تعرضت لها النائبة الهولندية "أيان هيرسي علي" مازال يقرع صداها الآذان ، وأجواء الانتخابات البلدية التي تلقي بضلالها على المجتمع وتشتد فيها المنافسة على أصوات المسلمين الذين يعتبرون أكثر من 11% من عدد السكان تجعل كل الأطراف حذرين ومتربصين خوفا من صب الزيت على النار.

فقد اعتبرت الصحف وبعض السياسيين ردود أفعال المسلمين تجاه هذه الصور غير طبيعية ومضخمة، واعتبروا هذه الاحتجاجات ليست ضد الرسوم بل هي ضد حرية التعبير، كقيمة في ذاتها، مؤكدين أن مطالبة المسلمين رئيس الوزراء الدنمركي بالاعتذار لهم هو خرق للدستور والديمقراطية الغربية مؤكدين انه لا يستطيع أن يفعل ذلك ، لأن الدستور هو حجر أساس النظام الديمقراطي في البلاد، ويجب علية الالتزام به، والدفاع عنه حسب زعمهم، فيما اعتبر آخرون أن الاعتذار الرسمي يعتبر أسلوبا حضاريا يكرس احترام الأديان و حرية المعتقد و يخدم التعايش السلمي بين الجميع.

إن هذه الحملة الإعلامية العدائية المنظمة يحركها ويقودها التيار اليميني المتشدد الذي يدعم بعض الحكومات اليمينية الحالية في عدد من الدول الأوروبية والذي سخر وجند وسائل الإعلام منذ أحداث 11 سبتمبر للاستفزاز المسلمين، و ربطهم بالإرهاب ، لتطال الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم والذي لن تزيده هذه الهجمة المغرضة إلا شرفاً وكرامة،و مهما افترو وكذبوا ونافقوا لن يتمكنون من تشويه مكانته وصورته الناصعة وسيرته العطرة المباركة، ويعتبر عدم مراعاتهم، و احترامهم، لمشاعر المسلمين في أوروبا والعالم هو دعوة لنشر الفتنة و الكراهية وتحريضا على الفوضى بين النّاس و اعتداء على الحقوق الشخصية للمسلمين..

فحالة الغليان والغضب لدى المسلمين في أوروبا والعالم الإسلامي الذين عبروا عن رفضهم واستنكارهم بشدة من خلال التحركات الاحتجاجية تدل على أن مفهوم الجسد الواحد حقيقة و الأمة الواحدة إحسااس معاش لدى أحفاد محمد صلى الله عليه وسلم , وارتفاع الأصوات المنددة والمحتجة تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن هذه الأمة مازالت متمسكة بدينها وسنة نبيها الكريم.

وننوه بمواقف العقلاء والمنصفين من المسؤولين الغربيين ممن دافعوا على الحرية الشخصية و حرية المعتقد وسارعو بالاعتذار وإبداء الأسف للمسلمين، ونؤكد التزامنا بمبادئ الحوار الهادئ البناء الذي يكرس التعايش السلمي بين المجتمعات، والحضارات، وننبذ كل الدعوات والأفعال التي تؤدي إلى الفتنة وتغذي مشاعر الاستعلاء والكراهية بين الامم وهو ما يقوض السلم والاستقرار في عالمنا الذي غدى قرية تتشابك فيها العلاقات والمصالح.

· مدير المركز الثقافي الاجتماعي بهولندا

1
3766
تعليقات (0)