أريد أن أقول ثورة الغضب الإسلامية

رضا محمد لاري

واعلن الفاتيكان أن الحرية لا تعطي الحق في إهانة المعتقدات الدينية، وأكد الحاخام الأكبر في فرنسا جوزيف سيتروك انه يعارض مهاجمة الاديان، وتقف الجالية اليهودية في تركيا ضد التطاول على الانبياء.

تطاولت صحيفة بلاندس بوستن الدينماركية في شهر سبتمبر من العام الماضي 2005م، على سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم باثني عشر رسماً كاريكاتورياً تحت مظلة مسابقة بين راسمي الكاريكاتور في كوبنهاجن. ليس غريباً أن تقام هذه المسابقة في بلد، ملكتها مارجريت الثانية «طرطورة» لأنها تملك ولا تحكم، واعلنت عن معادتها للإسلام بدون سبب، وعن كرهها للمسلمين بدون مبرر، وصرحت لصحيفة الديلي تلجراف اللندنية في شهر ابريل من العام الماضي 2005م، بقولها «إن الإسلام يتحدانا محلياً وعالمياً، وكنا في الماضي متسامحين وكسلانين في الرد على هذا التحدي لفترة زمنية طويلة وقد حان الوقت للوقوف بكل قوة ضد الإسلام بمعارضة أحكامه وان استلزم الأمر بمحاربته في داخل وطننا وفي كل مكان بالأرض لأنه عدو لدود لنا.

رفض رئيس الوزارة الدينماركي اندريه فوج راسموسن مقابلة سفراء الدول الإسلامية المعتمدين في بلده عن ظهور كارثة الكاريكاتور بحجة لا شأن للحكومة في ما تنشره الصحف، غير انه اضطر إلى مقابلتهم لمواجهة الخسارة الفادحة التي نزلت على الدينمارك ووصلت إلى 2 مليار يورو من بداية المقاطعة إلى الآن، ومن المتوقع أن تصل إلى 39 مليار يورو، لو استمرت المقاطعة الإسلامية لستة أشهر قادمة، وكلما زادت مدة المقاطعة تضاعفت الخسارة التي تنزل بالدينمارك، لأن سدس سكان الأرض 1500 مليون نسمة يقاطعونها، ولكن وزير الخارجية الدينماركي بير ستيج مولر أخبر سفراء الدول الإسلامية بأن رئيس الوزارة لن يعتذر عن ما بدر من الصحيفة لأن بلادهم تتمتع بالديمقراطية التي تعطي الصحف التمتع بحرية التعبير عن آرائهم بدون قيود أو حدود، وفي ظل هذه الديمقراطية يقوم التسامح بين الاديان والاحترام بين الحضارات نهجت النرويج المسلك الدينماركي وسارعت إلى إعادة نشر الاثني عشر كاريكاتورياً بإحدى صحفها الصادرة في أوسلو، وبرر هذا التعاطف بين مجموعة الدول الاسكندافية على احترام الحريات والالتزام بالديمقراطية، وهدفهم الحقيقي من ذلك تعدد الدول التي نشرت الكاريكاتورات وتتضح هذه المؤامرة من تتابع الدول غير الاسكندافية في نشرها حتى يتعذر على المسلمين مقاطعة منتجات دول العالم، ولكن المقاطعة الشعبية الإسلامية اخذت تتسع لتشمل منتجات كل الدول التي تتطاول على سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قامت صحيفة لابدانيا الايطالية لسان حال حزب عصبة الشمال الايطالي بتقديم رسوم كاريكاتورية جديدة مسيئة إلى سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكتف حزب عصبة الشمال الايطالي المتطرف بما نشرته صحيفة لابدانيا وانما تظاهر اعضاء من الحزب بقيادة الوزير المتشدد روبيرتو كالديروني وعضو البرلمان الاوروبي ماثيو سالفيني، وتجمع المتظاهرون امام القنصلية العامة الدينماركية في ميلانو ليعلنوا تعاطفهم مع الدينمارك وزايدوا بالاعلان عن طبع كل الرسوم الكاريكاتورية على قمصان توزع مجاناً على الشباب تحدياً للمقاطعة الشعبية الإسلامية، لنثبت للمسلمين أننا احرار في حكم بلادنا بدون تدخل منهم، ودعا الوزير روبيرتو كالديروني الرسامين الكاريكاتوريون إلى الاتحاد ليمارسوا بحرية مطلقة انتقاد من يشاؤون بما في ذلك محمد «صلوات الله وسلامه عليه» رغم أنف كل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها لنفرض عليهم احترام الحرية والديمقراطية.

في فرنسا قامت صحيفة فرانس سوار «المسائية» باعادة رسم الكاريكاتوريات الساخرة، وقامت أيضاً صحيفة ليبراسيون الباريسية بفتح ملف أزمة مسابقة الرسوم الكاريكاتورية المسيئة لسيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وادعت أن الحرية والتمسك بها تلزمنا بمناقشة هذه القضية لأن الصمت يخرجنا عن حريتنا ويفقدنا الاحترام للديمقراطية التي نؤمن بها، وقالت صحيفة ليبراسيون بأنها اكتفت باعادة نشر رسمين من الاثني عشر رسماً لتكون وثيقة لهذه المناقشة ودخلت في لعبة الحرية صحيفة اللوموند التي لا تنشر صوراً أو رسوماً كاريكاتورية على صفحاتها مما جعلها تتناول هذه القضية في افتتاحيتها يوم الجمعة الماضية 3 فبراير من عامنا الحالي 2006م قالت فيها من الممكن أن يصاب الإنسان المسلم بالصدمة من نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة لهم ولعقيدتهم الدينية ولكننا لا نستطيع أن نقبل تحت مظلة الديمقراطية التي نؤمن بها والحرية التي نتمتع بممارستها الموافقة على اقامة «بوليس على الرأي» لأننا نرفض أن ندعس بأقدامنا حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية وهي قيم ومبادئ فكرية لا يمكن التخلي عنها.

يتضح من كل الاتجاهات المختلفة في التطاول على سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم التركيز على الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في تبرير الرسوم الكاريكاتورية والدفاع عنها، وهو في مجمله حديث افك لأن الحرية المطلقة تؤدي إلى الفوضى، ويتفق الفكر الغربي بأن الحرية تنتهي عند بداية انوف الآخرين والديمقراطية لا تقر العدوان على الغير وإلا تحولت إلى ديكتاتورية، وحقوق الإنسان تحترم كل حق له وفي مقدمة هذه الحقوق حرية العقيدة مما يجعل السخرية من أي عقيدة دينية اعتداء على حق الإنسان في عقيدته، وهو ما فعلته الدول التي شاركت الدينمارك في اثم التطاول على سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأخذ بمنطق الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان التي تتحدث عنها الدول الغربية يجعلنا نطالب في ظل هذه الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان بحق الحديث عن الهولوكوست الذي اباد اليهود في ألمانيا النازية وندعو إلى الغاء «البوليس على الرأي» الذي فرضه الفكر الغربي على ما جاء في كتاب أساطير اليهود للفيلسوف الفرنسي روجيه جارودي، وما جاء في كتاب الهولوكوست للمؤرخ البريطاني الدكتور ديفيد ايفرينج، والسماح للكتابين بالتداول بين الناس وفتح صفحات الصحف الاوروبية والامريكية لمناقشة قضية اليهود في الهولوكوست تحت مظلة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.

امتناع أمريكا عن الخوض في قضية مسابقة الرسوم الكاريكاتورية لتنفي عن نفسها الاساءة إلى الإسلام حتى تخفي دورها العدائي له مما يؤكد قيام مؤامرة أمريكية أوروبية ترمي إلى القضاء على الإسلام بعد أن وصفه المفكر الامريكي صمويل هينتيجتون بالعقيدة الدموية العدوانية واصدر كتابه «صدام الحضارات واعادة بناء النظام العالمي» في عام 1993م بعد انتهاء الحرب الباردة بسقوط الاتحاد السوفييتي في عام 1991م، ليؤكد فيه سمو الحضارة الغربية التي تتطلب لفرض سيادتها دحر الفكر الإسلامي.

دعم هذا الرأي مفكر أمريكي آخر فرانسيس فوكوياما ال

جريدة الرياض اليومية

الخميس 10 المحرم 1427هـ - 9 فبراير 2006م - العدد 13744

1
3651
تعليقات (0)