د. شروق الفواز
هل كنا بحاجة لهزة قوية تجلو الغبار عن مرايانا وتزيل التآكل المتزايد من مفاصلنا لنهب جميعنا في وقفة واحدة؟
لم يكن الأمر يسيرا ولا سهلا على قلوبنا وكرامتنا كمسلمين ونحن نرى نبينا وقدوتنا ينال منه بطريقة وضيعة ودنيئة من صحيفة دانمركية بدعوى الحرية الفكرية أو ربما رغبة في التجربة.
لقد كانت تلك الخطوة التي خطتها صحيفة (يلاندز بوسطن) أشبه بالعالم المجنون الذي يجري اختبارا في معمله دون أن يستند إلى قواعد علمية صحيحة بحجة الاكتشاف والبحث، وربما كان ذلك ما يعول عليه رئيس تحرير تلك الصحيفة .. لقد آثر القفز على كل المبادئ والقيم والمعايير ليثبت فكرة مجنونة طفرت في عقله فكانت النتيجة شيئاً آخر خارج نطاق وعيه وسيطرته؟
هل كان الدانمركيون يتوقعون كل هذا الغضب ؟ بل هل كان العالم أجمع يتوقع مثل هذا الموقف القوي الصامد وهذه الهبة الشديدة من المسلمين؟
ربما كنا ولا نزال نعاني الوهن والتفكك كمسلمين في مواقفنا وتباين رؤانا واستراتيجياتنا ومصالحنا.
ولكن تلك الخطوة المجنونة غير المسؤولة من تلك الصحيفة قد حققت المراد وربما المستحيل الذي كنا نحلم به.
ذلك التصرف الأخرق الذي يشبه تصرف طفل أحمق رمى بحجر في بحيرة راكدة فأيقظ المارد وأشعل البركان.
في ذلك الغضب العارم والهبة القوية لنصرة المصطفى محمد سيد الأخيار والثأر لهيبته ومكانته تحققت الوحدة بين الحكومة والشعب والتجار والمستهلكين والمثقفين على اختلاف تياراتهم ومناهجهم وعامة الناس. ذابت المصالح و الرغبات والأهواء والتحمت في هدف واحد هو الوقوف في وجه هذا الجنوح والتعدي، المقاطعة لم تكن قرارا شعبيا يستند لعاطفة مستثارة وحسب بل كانت قرارا موحدا من الحكومة كدولة إسلامية ومن التجار كرجال أشراف تأبى عليهم كرامتهم السكوت عن خطأ نال نبيهم حتى وإن كان في ذلك خسارة مؤقتة لهم.
في أزمات عدة مررنا بدعوات مختلفة بالمقاطعة أو الحوار أو الصد تتباين معها الرؤى والمصالح فتفشل الخطوة وتستحيل النهاية بالنصر.
أما في هذه المرة فالأمر مختلف الموقف واحد بالرفض والمقاطعة حتى الاعتذار. من حكومة المملكة العربية السعودية وشعبها ومن حكومة الكويت التي حذت حذوها تأييداً لمطالب شعبها ومن منظمة المؤتمر الإسلامي وغيرها من الوقفات المختلفة المشرفة من شعوب العالم الإسلامي ومنظماته ومؤسساته المختلفة الرسمية أو المستقلة.
هؤلاء جميعهم أبطال وحدتهم الغيرة على دين الإسلام وعلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم كما سيوحدهم النصر والتأييد في مواقف المستقبل الأخرى بإذن الله.
هذا الموقف القوي يجب أن يتوج بقرار حازم وتأييد أكبر باستصدار قانون دولي لاحترام الأنبياء والأديان على غرار قانون معاداة السامية فما أنجزته دولة واحدة و أمة من بضعة ملايين لن يكون بإذن الله عصياص على عشرات الدول أمتها بمئات الملايين.
شكر كبير يجب أن نتوجه به لجميع المسلمين في الدانمرك أفراداً ومؤسسات وجمعيات فلولا جهودهم الجبارة وإلحاحهم المتواصل وعزيمتهم لما كان لهذه القضية هذه القوة ولا ذلك الأثر.
http://www.alriyadh.com/2006/02/03/article127649.html