أيصح هذا أن يعد اعتذاراً؟

الشيخ رائد حليحل
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

شاع عبر وسائل الإعلام أن جريدة اليولاند بوستن قد قدمت اعتذارها للمسلمين وإن كان الاعتذار لوحده غير كاف إلا أنه لما انتشر الخبر أحس الكثيرون من المسلمين بفرحة غامرة وأنه وإن كنا نتمنى أن تنتهي هذه المحنة والفتنة العظيمة بما يكفل إقرار الاحترام لمقام رسول الله صلى الله عليه وسلم. إلا أنه إحقاقاً للحق وحتى لا تنطلي علينا الألاعيب وحتى لا نخرج من هذه الضجة الكبرى بخسارة لا بربح فإنه يحسن بالقارئ الكريم أن يتوقف معنا عند النقاط التالية والتي أستهلها بالتالي:

1- صرح خبير دانمركي اليوم صباحاً للإذاعة الدانمركية أنه قرأ رسالة الجريدة ولم يجد فيها الاعتذار المطلوب وأن كلامهم لم يقنع العالم الإسلامي بما أوهموا أنه اعتذار منهم.

2- كان خبر الاعتذار بمثابة صدمة لأنه غير منسجم مع سياق الأحداث التي واكبته، فإنه قبيل إنشاء هذا الزعم كان لرئيس تحرير الجريدة مقابلة متلفزة صرح بها أنه لا يشعر بالندم على فعلته وأنه لم يخالف القانون وبالتالي ليس عليه أن يعتذر.

3- وطريقة عرض خبر الاعتذار كان فيها مكر ودهاء بل مخادعة كبيرة وتلاعب إن لم نقل تضليل للرأي العام، مما يشعر بتدني مستوى المهنية التي تكفل ذكر الحقائق والثبات عليها (كما هو حالهم). التي قال عنها رئيس التحرير مراراً أنه إن تراجع (كأنها ردة) فإنه سيكون خائناً للأجيال التي ناضلت لهذه القضية ألا وهي حرية التعبير والرأي – بزعمه –

4- الذي حصل أن الجريدة وعلى موقعها على شبكت الإنترنت وعلى صفحتها الأولى صدرت مقالاً لرئيس التحرير عنونته بالخط العريض (صحيفة اليولاند بوستن تعتذر عن الإساءة للمسلمين) وفي الأسطر الأولى التي ظهرت كمقدمة لرسالة وجهها للعالم العربي كبر وكالة الأنباء الأردنية (بترا) قوله (تعتذر صحيفة اليولاند بوستن - وبما لا يدع مجالاً للشك – على إهانة العديد من المسلمين من خلال رسومات للنبي محمد) وكان ذلك بالتاريخ والتوقيت المحلي التالي : (30 -01-2006 / الساعة 20:30) وأيضاً تم تعديله عند الساعة (20:51) أي تم إدخال المقال للموقع عند الساعة التاسعة إلا عشر دقائق.

وبعد أربعين دقيقة فقط سحب المقال المعنون بهذا العنوان ليحل محلة المقال المعتمد والذي يحمل عنواناً مغايراً تماماً بعنوان (حضرات المواطنين العرب) وذلك بنفس التاريخ ولكان بالتوقيت التالي (21:31).

ومن اللافت للانتباه أنه قد وضع له ترجمة باللغة العربية على الصفحة الرئيسية وهو ثالث مقال بالعربية ينزل (وهذا غريب) في نفس القضية، ومن العجيب وهذا ليس موجوداً في أصل الخطاب وهو تحية الناس بتحية الإسلام.

5- بعد هذا البيان لطريقة المخادعة هذه – وإن كانت لوحدها كافية في رد مزاعم الاعتذار – إلا أنه يحسن بنا أن ننبه الرأي العام إلا أمور مهمة :

أ‌- ليس في هذا المقال شيء جديد اللهم إلا كيل التهم – إذ خير وسيلة للدفاع هو الهجوم –

ب‌- ما ورد في هذا المقال تكرار مسفّ بإخراج جديد لمقال سابق وجه لمن بدأ المقاطعة بعنوان (إلى مواطني المملكة العربية السعودية المحترمين) وكأنه بعد الفشل بتلك الخطوة يظن أنه سينجح إن زخرف القول ولكن (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) وهنا يحسن بالقارئ الكريم أن يرجع إلى مقالنا حول تلك الرسالة السابقة والذي عنون (ردود موثقة على مزاعم ملفقة).

ت‌- لا بد من وقفات مع الرسالة الأخيرة التي كرست الأزمة ولم تزلها بل أصلتها أكثر وهو حاول التقليل من هذه القضية وليس هذه أول مرة فتأمل قوله (الذي حدث مع الأسف الشديد هو سوء تفاهم كبير).

  •  إصراره على أن القضية لم يكن المقصود منها النيل من شخص الرسول (صلى الله عليه وسلم) بل كانت مدخلاً للحوار حول حرية التعبير عن الرأي، وهذا كلام عجيب فلو سلمنا به جدلاً فإنهم أخبر بالأذية منذ أربعة أشهر فماذا عاندوا يومها ولم يظهروا التنازل – بزعمهم – إلا بعد الضغوطات الكبيرة. علماً أن ما قاله الخبير المؤرخ الدانمركي (تم ينسن) من أنه قد استشير قبل إصدار الرسومات وحذرهم، فماذا يعني إصرارهم على ذلك. ثم ألا يوجد غير شخص النبي الكريم ليكون محل تجارب.

  •  إبرازه لنقطة خطيرة (إن نشر هذه الرسومات لا يتعارض بأي شكل من الأشكال مع القوانين والأنظمة الدانمركية فيما يتعلق بحرية الصحافة وإبداء الرأي) أنظر هو يريد تشريع وتقنين هذا الفعل ويصر على أن المسألة ما هي إلا في إطار التعبير وحرية الرأي.

  •  ثم انظر إلى استخفافه وكأنه يقول ذلك متعجباً من هذه الغيرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم (لكن هذه الرسومات أساءت وكما يبدو إلى ملايين المسلمين في كل أنحاء العالم ونحن نأسف جداً لذلك. أنظر إلى قوله (كما يبدو) أما أسفه فلا قيمة له لأن الأسف انصب على مشاعر المسلمين وليس على نشر الرسومات ومضامينها.

  • وهناك معلومة مغلوطة – قصداً – إذ يحاول اتهام اللجنة الأوروبية لنصرة خير البيرة بأنها لبست على الرأي العام عندما أظهرت رسومات لم تنشر في صحيفتها، وكأنه بذلك يريد إيهام القارئ أن رسوماته لا بأس بها بل ومقبولة جداً بل الاتهام الأخطر أنه صور الوفد وكأنه أبرز صوراً لم تنشر في صحيفته - على أنها ضمن الصور التي نشرتها الصحيفة – علماً أنه بإمكان القارئ الكريم أن يطلع على ملف القضية كاملاً من خلال موقعنا على الإنترنت وفيه توضيح للصور التي وضعت في الملف وبيان مصادرها. والحقيقة أن العلم الإسلامي إنما ثار على الرسومات المنشورة على صفحات جريدتهم والعالم كله يعلم أن الرسومات الأخرى التي يتحدث عنها نحن وهم كنا صرحاء في أنها ردة فعل من جهات مجهولة لكن إيرادها (تحت عنوان خاص) للدلالة على خطورة الموقف وإن نشر الجريدة سيجرئ غيرها وهذا ما حصل وحتى الآن وفي حدود علمنا فإنا لم نجد أحداً يتحدث عن رسومات غير رسوماتهم بل حتى رسومات الجريدة الأخرى التافه (Weekend Avis) مع إنها مغايرة إلا أن أحداً لم يتحدث عنها فعلى الجريدة أن تفهم أخيراً خطورة القضية وأن تقدر مشاعر المسلمين – بل ومقدساتهم – وأن تكف عن هذه الحيل المتعمدة لأنها لن تجدي نفعاً.

  • إصراره على التخفي وراء عبارات غير دقيقة (لأننا نؤمن بحرية الأديان ونحترمها أياً كانت) آن لهم أن يعلموا أن إهانة النبي إهانة لرسالته والدين الذي يحمله فأين هذا من احترام الدين نفسه إن استهزئ برمزه.

  •  أخيراً قوله (أعلن استنكاري الشديد لأية خطوة تستهدف النيل من الأديان) وهل هناك نيل أعظم من هذا، فلماذا الإصرار على أن التهكم الساخر بالرسول صلى الله عليه وسلم ليس داخلاً في المجال الذي يقول أنه يستنكره. ثم أقول له: قضية هذا حجمها وخطرها أقحمت الدانمرك كلها بأزمة كبيرة ألا توجب عليه حرصاً منه على وطنه بل إنقاذاً له واحتراماُ للدين واعترافاً بالخطأ والتراجع عنه. فكان الأجدر به التصريح بأسفه على نشر تلك الصور وليس على ما ترتب على نشرها.

الشيخ رائد حليحل
رئيس اللجنة الأوروبية لنصرة خير البرية
الدانمرك 01-02-2006

http://www.islamudeni.info/modules.php?name=News&file=article&sid=91

الرجاء فتح الروابط أدناه:

1
3352
تعليقات (0)