رسالة إلى شعوب العالـــــــــــــــــم

اللجنة العالمية لنصرة خاتم الأنبياء
من مكة المكرمة بلد الله الحرام الذي لا تسفك فيه الدماء ولا تقطع فيه الأشجار، وفي الوقت الذي تزداد في العالم إراقة الدماء بلا معنى، فإننا نجدها فرصة لمخاطبة شعوب العالم وشركائنا في البشرية، وعرض عقيدتنا عليهم تنفيذا لأوامر الله تعالى:

3 : 187 ( وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ {187}).

المسلمون:

نحن المسلمين أتباع الديانة الإسلامية التي يؤمن بها واحد من كل خمسة أشخاص في المعمورة، والإسلام دين للعالم أجمع وليس ديناً خاصاً بالعرب، ولذلك يتبعه أعداد غفيرة من كل أجناس البشر ومن كل بلدان العالم ولا يوجد في العالم رابط قوي (غير صفة البشرية) يربط هؤلاء الناس مثل رابط الإسلام.

الإسلام:

رسالة الإسلام بكل بساطة هي الاستسلام الكلي لله وإفراده بالعبادة، ونحن المسلمين نؤمن بهذا الإله الذي وصف لنا ذاته المقدسة في كتابه، قال تعالي:

112 : 1-4 ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [1] اللَّهُ الصَّمَدُ [2] لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ [3] وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ [4] )، وقال تعالى:

59 : 22-24 ( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [22] هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ [23] هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [24]‏ )

ومن رحمته سبحانه بالإنسانية، أنه أرسل إليهم رسلاً من أنفسهم، يبلغونهم أوامر الله وتوجيهاته التي تقودهم إلى السعادة والفلاح في هذه الحياة الدنيا وفي الآخرة.

نحن نؤمن بجميع رسل الله وأنبياءه وبما بلغوه عن ربهم، ولا نفرق بين أحد منهم، ومنهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام، ومحمد صلى الله عليه وسلم هو آخر رسل الله للبشرية، أرسل مصدقاً وخاتماً للرسالات السابقة، قال تعالى:

7 : 158 ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [158] )

والقرآن هو كلام الله الذي نزل به الروح الأمين على محمد صلى الله عليه وسلم إلي البشرية جمعاء، والذي يأمرنا الله فيه بمايلي:

4 : 36 ( وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً {36} )

6 : 151-153 ( قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ {151}‏ وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {152} وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {153} )

والأعمال الصالحات تتطلب بالإضافة إلى إفراد الله وحده بالعبادة، الإحسان إلى جميع مخلوقاته، وتطوير الوجود البشري في كل مناحي الحياة. قال تعالى:

16: 97 (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {97}).

ونحن المسلمين نؤمن بأن الحياة الدنيا هي دار اختبار لمدى التزامنا بأوامر الله، واجتنابنا لنواهيه، قال تعالى:

67 : 1-2 (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {1} الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ {2})

إننا نعلم بأنه سيأتي يوم يصل فيه العالم، بل الكون كله إلى نهاية، وأن جميع البشر من سيدنا آدم عليه السلام الى آخر مخلوق سوف يُبعثون ليوم الحساب.

99 : 6-8 ( يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ [6] فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ [7] وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ [8]‏ )

رؤيتنا للإنسانية:

إن البشرية كُرمّت ونالت مكانه خاصة من بين مخلوقات الله، كما أخبرنا بذلك ربنا حيث قال:

17 : 70 ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً [70] )

ولهذا السبب فإن حياة كل إنسان في جوهرها غالية نفيسة، قال تعالى:

5 : 32 ( مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ [32] )

ونحن نؤمن أن جميع البشر سواسية أمام الله، ولا يتفاضلون إلا بالإيمان والتقوى، قال تعالى:

49 : 13 ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [13] )

ورسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، أوصانا في خطبته الأخيرة في حجة الوداع أنه: "لا فرق بين عربي وعجمي ولا أبيض وأسود إلا بالتقوى كلكم من آدم وآدم من تراب".

وعقيدتنا كمسلمين لا تمنعنا من إقامة علاقات سلمية مع من لا يرغب في إضرارنا، كما أمرنا الله بذلك في قوله:

60 : 8 ( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [8] )، وكذلك قوله:

8 : 61 ( وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [61] ).

الصراعات :

إن من حكمة الله أنه لم يجعل لفرد من الناس القدرة على الاستغناء عن باقي البشر إلى درجة تمكنه من السيطرة عليهم جميعاً؛ وكذلك فليس بإمكان أي جماعة من الناس أن تسيطر على البشرية جمعاء. ولذا أمرنا سبحانة بالتعاون فقال:

5: 2 (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {2}).

كما أخبرنا في القرآن الكريم عن مصير أمم سابقة هلكت نتيجة لتكبرها وغطرستها، فقال تعالى:

41 : 15-16 ( فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ [15] فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ [16] )

ونحن نلحظ اليوم أن كثيراً من الأقليات المسلمة في البلقان والقوقاز وشبه القارة الهندية قد هُضمت حقوقها، وتعرضت للظلم وللتصفية العرقية، مما دفعها للدفاع عن نفسها، ونحن نعتقد أن العدل هو المفتاح الوحيد لعلاج تلك الصراعات.

كذلك فإنه من العدل أن يتمتع إخواننا وأخواتنا المسلمين الذين يعيشون في بلاد الغرب بحقهم في العيش بحرية وكرامة، وبلا تضييق أو اضطهاد بسبب شبهات غير غير مستندة إلى دليل، وأن يتمكنوا من التعبير بحرية عن عقائدهم الدينية، وان يمارسوا شعائرهم بلا عوائق وفق الحقوق المعطاة لكل المواطنين في تلك البلاد.

فلسطين والعراق :

نحن نؤمن أن فلسطين لها مكانة خاصة وفريدة عند الله، وأن أرضها مباركة، وأنها كانت موطناً لكثير من رسل الله وأنبياءه، وكان بيت المقدس أول قبلة للمسلمين، كما كان مسرى نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، ومعراجه الى السماء.

كذلك العراق كان موطناً لكثير من رسل الله مثل نوح وإبراهيم ويونس عليهم السلام، كما أنه مركز للحضارة العربية والإسلامية.

ولذا يجب أن تحتفظ فلسطين والعراق بهويتهما العربية والإسلامية، وعقيدة المسلمين الراسخة في ذلك؛ هي أن العالم لن ينعم بأي سلام مادام هناك احتلال لهذه الأراضي، ويجب على المسلمين أن يسعوا للعمل مع الجميع للوصول إلى حل عادل وشامل ينهي احتلال تلك الأراضي.

البلدان الإسلامية:

نتيجة لإهمال المسلمين للمسئولية التي ألقاها الله على عواتقهم، فإن الكثير منهم يعانون من أمراض متنوعة مرتبطة بالفقر والتخلف، فبالإضافة لأهمية التطور المستمر في جميع البلدان الإسلامية، فإنه يجب على المسلمين أن يعيشوا حياتهم وفق شرع الله الذي هو الضمان الوحيد لاستقرار الحياة ونموها، بعيداً عن مظاهر التخلف، والتطرف، والإرهاب.

تحديات البشرية:

يواجه العالم في عصرنا الحضر الكثير من التحديات غير تلك الناتجة عن الصراعات والحروب، والتي هي بحاجة إلى تركيز جميع البشر بشكل فوري، والتي منها:

  1. تجاهل حقوق الإنسان الأساسية.
  2. استمرار الصراعات العسكرية وتهديدات التطهير العرقي.
  3. الهوة الواسعة بين ما يسمى عالم الشمال وعالم الجنوب
  4. تزايد شح المياه الصالحة للشرب والموارد الحيوية الأخرى اللازمة لاستمرار الحياة.
  5. الأخطار المهددة للبيئة نتيجة ارتفاع درجة حرارة الأرض والعديد من أنواع التلوث والتسمم البيئي.
  6. انتشار الأمراض المعدية والأوبئة والافتقار إلى العناية الصحية الأولية في كثير من مناطق العالم.
  7. التحديات المفروضة نتيجة تقدم حياة البشر بسبب تقدم الحياة التكنولوجية المتطورة.

وفي الختام نحن ننشد التعاون والحوار مع الجميع، ونود العمل مع الآخرين لإيجاد حلول لهذه التحديات والمشاكل الأخرى العالقة.

هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبة وسلم.

اللجنة العالمية لنصرة خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم

1
3224
تعليقات (0)