وماذا بعد المنتدى الاقتصادي

د. الشريف حاتم بن عارف العوني
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .

أما بعد: فماذا بعد المنتدى الاقتصادي الذي عُقد في جدّة ؟!

لا أسأل عن تطاول الرئيس الأمريكي السابق ( كلنتون ) على مقامِ النبي صلى الله عليه وسلم ومقامِ أمهات المؤمنين في أرض الحجاز وعُقر دار الإسلام ، فليس هذا بأوّل تطاوُل ، ولن يكون آخره ، ما دام على وجه الأرض مكذّبٌ له صلى الله عليه وسلم .

ولا أسأل عن النساء في بلاد الحرمين ، هل سيَقُدْن السيارات ، بناءً على فتوى ( كلنتون ) ؟ أم لا ؟ إذ بعد هذه الفتوى الأمريكية لا يَخْفَى على عاقل من يقف وراء هذه المطالبات ، وما هي مصالح المطالبين بها ، وما هي الجهة التي تدعمهم ، وهل هم مواطنون صادقو الانتماء لأمّتهم ، أم هم عُملاء وطابورٌ خامسٌ يخدم جهاتٍ مُعَاديةٍ لأمّتهم ؟

ولا أساْل عن علاقة ذلك التجرؤ من ( كلينتون ) ومن وافقه حول قيادة أمهاتِ المؤمنين للسيارات بالاقتصاد؛ لأنّ الذي يُفهَمُ من ذلك : أن الرئيس الأمريكيّ الأسبق وَجَدَ هذا المنتدى فرصةً لا تُعَوَّضُ ليُعلّمنا كيف نستبدل بجلودنا الجلدَ الأمريكيّ !

إنهم يريدوننا مجتمعاً أمريكيًّا : بدينه وتقاليده ، وبغير ذلك لن يتحقّق لهم أَمْنُهم ( بزعمهم ) . إن اقتصادَنا ونجاحَه ( الذي تتلاعب به الدولة العظمى : أمريكا ) مرهونٌ بإعلان التبعيّة المطلقة لها ، أو قُلْ بكل صراحة : بالاسْتِعْبادِ الكامل لها .. هذه هي الرسالة الواضحة التي نفهمها من إقحام قيادة أمهات المؤمنين ( رضي الله عنهن ) للسيارات في المنتدى الاقتصادي .

إذن عن ماذا أسأل ؟!

إنني أسأل عن تلك الأكُفّ التي صَفّقت لهذا التطاول ،وعن تلك الوجوه التي انفرجت أساريرها واستبشرت به ، وعن تلك القلوب التي رضيت بالهوان في دينها وفرحت به .. ماذا ننتظر منهم في المستقبل القريب ؟

إنني أسأل عن موقف المسلمين تجاه هذا التطاول . حيث إن السكوت وعدم تقديم شيء في ردِّه هو خَتْمُ العبوديّة على قفا كل مسلم سكت وخنع .

ولا تقل لي : ماذا أعمل ؟ فإني أسألك : هل ستبقى تردّد هذا السؤال ؟ وإلى متى ؟ إلى أن ينتقل التطاوُل على نبينا صلى الله عليه وسلم من منتدى جدّة إلى رؤوس المآذن ؟!!

ألا شُلَت الأيدي التي لا تعمل للإسلام ، وشاهت الوجوه التي تستبشر لهوانه وتسودّ لعزّته ، وخَسِئت النفوس التي ترضى بالعبوديّة لغير الله تعالى .

إننا نطالب الدول الإسلاميّة بأن تقوم بواجبها تجاه هذا التطاول ، ونطالب الشعوب المسلمة بأن تتحرّك بقوَة في ردّه ، ونطالب من حضر هذا المنتدى بإعلان التوبة والبراءة من تصريحات الرئيس الأمريكي الأسبق .

هذا أقلّ ما نقوم به : دفاعاً عن ديننا ، وكياننا ، ووجودنا ، وحرّيتنا .

ومن لم يَرْضَ بالعبوديّة لله ، فهو عبدٌ لغيره .

والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .

1
2114
تعليقات (0)