أ.د جعفر شيخ إدريس
قال تعالى :{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [159: ال عمران]
أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن الحسن في قوله {وشاورهم في الأمر} قال: قد علم الله أنه ما به إليهم من حاجة، ولكن أراد أن يستن به من بعده.
قول الله تعالى: {وأمرهم شورى بينهم} /الشورى: 38/. {وشاورهم في الأمر} /آل عمران: 159/. وأن المشاورة قبل العزم والتبين، لقوله: {فإذا عزمت فتوكل على الله}. /آل عمران: 159/. فإذا عزم الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن لبشر التقدم على الله ورسوله.
وشاور النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه يوم أحد في المقام والخروج فرأوا له الخروج، فلما لبس لأمَتَهُ وعزم قالوا: أقم، فلم يمل إليهم بعد العزم وقال: (لا ينبغي لنبي يلبس لأمَتَهُ فيضعها، حتى يحكم الله). صحيح البخاري ما أروع هذا الثناء بعد أحد ، مع الجيش المثخن بالجراح !
ماذا فعل القائد بمستشاريه الذين أشاروا عليه خلاف قناعته ؟
ماذا فعل معهم في أحلك اللحظات ؟
عن أنس قال:
-لما كان يوم أحد كسرت رباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم وشج في وجهه قال فجعل الدم يسيل على وجهه فجعل يمسح الدم عن وجهه ويقول كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم وهو يدعوهم إلى الله عز وجل قال فأنزل الله عز وجل ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون.( مسند الإمام أحمد) لم يرضى الله تعالى لصفوة خلقه هذا العتب فقال له:
{ لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}
هل انتهى عند هذا الحد ، أن يكف عن العتب عليهم ؟
أبدا لابد من مرحلة أرقى وأعلى تناسب خاتمة الكمالات البشرية
(فَاعْفُ عَنْهُمْ) و(َاسْتَغْفِرْ لَهُمْ ) و(َشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ)
(َشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) رغم كل ما تم
وكما ألقى النبي صلى الله عليه وسلم درسه النبوي الرباني وهو يعلم الأمة الشورى ، ويعلمها إبداء الرأي ، واحتمال تبعته وتنفيذه ، كذلك القى درسه في المضاء بعد الشورى وفي التوكل على الله هذه بعض مواقف و دروس القاها عليه الصلاة والسلام في أحد ليبقى الهدف التربوي ماثلا أمام أعيننا يعالج الهنات والأخطاء ويأخذ على النفس أقطارها ويعيدها إلى الجادة . والله أعلم ..