المشاركة في الإعلام بالموضوعات النافعة من أعظم أبواب الدعوة

أحمد بن محمد جعفري -الطائف
اطلعت على الشكوى المرة التي ظهرت فيما كتبه الأخ الكريم أبو أسامة المشرف على ملحق الرسالة يوم الجمعة 11/1/1424 وكانت عن عزوف كثير من أصحاب الأقلام النيرة والعقول المستنيرة- حقيقة لاكذبا وواقعا لا خيالا- بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الدعاة والمصلحين والأكاديميين وكل من يحملون هم الإسلام عن المشاركة في وسائل الإعلام عموما ومنها بالطبع الصحف والمجلات , والحقيقة أن شكواه في محلها وإن المرء ليأسف اشد الأسف لهذا الأمر الذي إن كانت له مبرراته في الماضي فإن تلك المبررات في وقتنا الحاضر فيها نظر قوي جدا, لأن الأحوال قد تغيرت ووسائل الإعلام قد اتسع مداها وأصبح المجال مفتوحا للجميع على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم وأفكارهم- ليقولوا ما عندهم وينشروا رؤاهم وعقائدهم فإذا لم يتصد أهل الخير والصلاح والفكر المستنير لتوعية الناس وبيان حقائق الأمور وكشف المذاهب المنحرفة والدفاع عن الدين والرد على أهل الباطل فإن معنى ذلك خلو الساحة لأصحاب الرأي الآخر من عقلانيين وعلمانيين ومبتدعة ليظهروا على الساحة ويتولوا توجيه الأمة فيقع الخلل الكبير والشرر المستطير . إن تقاعس أهل الخير والصلاح عن المشاركة في وسائل الإعلام في مقابل نشاط أصحاب الرأي الآخر ليذكرنا بمقولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( أعوذ بالله من عجز التقي وجلد الفاجر ) وإننا لا نستطيع لوم القائمين على الصحف والمجلات وخصوصا المشرفين على ملاحق إسلامية عندما لايجدون من يتعاون معهم من أهل الفكر النير والدين الصحيح فيفتحون المجال لأصحاب الرأي الآخر. لقد كان من نتائج تخلي الصالحين عن وسائل الإعلام ما ظهر من تجاوزات خطيرة نقرؤها في مقالات أو نسمعها من متحدثين في الفضائيات وصلت إلى حد الطعن في دين الله وتبرير الشرك بالله ونشر المعتقدات الفاسدة وتزهيد الناس في السنة وتحبيبهم في البدع والخرافات والطعن في عقائد أهل السنة والجماعة وجعل الباطل حقا والحق باطلا . وهنا لابد أن نشيد ونشكر أولئك الإخوة الكرام الذين يساهمون بما يستطيعون في نشر الخير والدفاع عن الحق وكشف الباطل سواء كان ذلك في الإذاعات أو بعض الفضائيات أو على صفحات الصحف والمجلات ونقول : جزاهم الله خيرا ونفع بعلمهم وبارك في جهدهم . إنك لتعجب من بعض من يتوسم فيهم الخير والصلاح عندما ينتقدون أخا لهم لكونه كتب موضوعا في جريدة أو رد على فكر منحرف في مجلة أو شارك في برنامج عبر قناة فضائية , فإذا ما نظرت في حججهم وجدتها كلها أو أكثرها لا تصمد أمام النقاش العلمي .وإذا طالبتهم بالبديل لم يفيدوك بشيء .ولعل هؤلاء ينطبق على كثير منهم قول الشاعر : أقلوا اللوم لا أبا لأبيكم أو سدوا المكان الذي سدوا ووالله إننا لنسعد عندما نقرأ هنا أو هناك مقالة أو تحليلا أو ردا أو تعليقا أو توضيحا من أحد أصحاب الفكر المستنير بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لأننا نوقن أن هؤلاء هم من يحمل هم الإسلام وهم إصلاح الأمة وهم من يستطيعون توجيهها إلى أسباب نهضتها وعوامل تقدمها وهم من يتكلمون بعلم وعدل وصدق بخلاف أولئك الذين لاهم لهم سوى جعل المجتمع المسلم نسخة من المجتمعات الغربية التي تعاني فسادا وانحرافا في عقيدتها وأخلاقها وتعيش عيشة جاهلية .إنني أرى أن مشاركة أهل الخير والصلاح في وسائل الإعلام - كل حسب استطاعته - أمر واجب في أيامنا هذه للأسباب التالية : أولا : لسد الباب أمام ذوي الاتجاهات المنحرفة حتى لا يفسدوا على الناس دينهم وعقائدهم وما لايتم الواجب إلا به فهو واجب . ثانيا : أنها من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, لأن ظهور مقالة في مجلة أو جريدة أو برنامج فيه دعوة إلى ما يخالف الشرع منكر ونحن مأمورون شرعا بإنكار المنكر ولا أظنني بحاجة لسرد النصوص الآمرة بذلك . ثالثا : أن المشاركة في وسائل الإعلام بالموضوعات النافعة الهادفة هو من النصيحة ودلالة المسلمين على الخير وهذا من أعظم أبواب الدعوة إلى الله تعالى .وأختم بكلمة للشيخ العلامة عبد العزيز بن باز الذي لايختلف اثنان على فضله وعلمه يوصي فيها الدعاة بالاستفادة من وسائل الإعلام فقال : ( ... ويجب على الدعاة أن يطرقوا هذا المجال فيما يكتبون وفيما ينشرون ويحذروا من ما حرم الله عز وجل ، وهذا واجبهم في خطبهم وفي اجتماعاتهم مع الناس ، فكل المجالس مجالس دعوة أينما كان فهو في دعوة سواء في بيته أو في زياراته لإخوانه ، أو في مجتمعه مع أي أحد ، فالواجب عليه أن يستغل هذه الوسائل- وسائل الإعلام- وينشر فيها الخير ولا يحتجب عنها ) وقال أيضا: ( .. فالواجب عليه أن يشارك في الخير من جميع الطرق في وسائل الإعلام وفي غيرها ولايقول هذا لغيري فإن كل الناس إن تواكلوا بمعنى كل واحد يقول هذه لغيري تعطلت الدعوة وقل الداعون إلى الله وبقي الجهلة على جهلهم ... ) ينظر الجزء الخامس من فتاواه رحمه الله .
jafaryaa@naseej.com

http://www.almadinaonline.com/pages/resala_28_03_2003/montada/rep/rep07.htm
http://www.almadinaonline.com/pages/resala_28_03_2003/montada/rep/rep08.htm

1
107
تعليقات (0)